جاء تقرير صندوق النقد الدولي المعلن علي هامش اجتماع صندوق النقد والبنك الدولية باسطنبول بمؤشرات متفائلة عن مستقبل الشرق الأوسط في ظل اقتصاد عالمي تخيم عليه ظلال الأزمة الاقتصادية، فالتقرير رفع توقعاته للنمو في الشرق الأوسط من 3،7% إلي 4،5% في عام ،2010 وهو الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات وخاصة ما يتعلق بمدي مصداقية ودقة هذه التوقعات، وهو ما نحاول مناقشته مع العديد من الخبراء، وخاصة ما يتعلق بالدول المتقدمة والدول البترولية وفرص النمو المتوقعة لدول شمال إفريقيا وفي مقدمتها مصر عن الدول المنطقية. وكما يتوقع التقرير فسوف تحقق الاقتصادات المتقدمة نموا بطيئا في عام 2010 يصل إلي نحو 1،25% عقب انكماش مقداره 3،5% في عام ،2009 مؤكدا علي استمرار ارتفاع معدلات البطالة خلال العام المقبل، أما الاقتصادات الصاعدة فيتوقع أن يبلغ نموها في 2010% نحو 5% مقابل 1،75% في 2009 مشيرا إلي أن هذا الارتداد الايجابي سيتحقق بقيادة الصين والهند وعدد من الاقتصادات الآسيوية. وعن النمو في الشرق الأوسط توقع صندوق النقد الدولي أن تشهد المنطقة في 2010 كما في 2009 نموا ثابتا لكنه مرتبط بأسعار البترول في الدول المصدرة والمستوردة علي حد سواء، حيث يتوقع أن يبلغ نمو إجمالي الناتج الداخلي في المنطقة حوالي 4،5% في 2010 ليرفع بذلك تقديراته التي نشرت في يوليو الماضي 3،7% وأشار إلي أن توقعاته للمنطقة مرتبطة إلي حد كبير بأسعار البترول، ففي حال تراجعت هذه الأسعار قد تضطر الدول المصدرة لخفض نفقاتها العامة، مما سيؤدي إلي مضاعفات في المنطقة علي مستوي الدول المستوردة للبترول التي ستشهد تراجع دخول مواطنيها العاملين في الدول المصدرة للبترول. وقدر التقرير أن النمو في الدول المستوردة للبترول بالمنطقة سيبلغ 4،5% هذا العام أي أكثر بثلاث مرات من النمو في الدول المصدرة التي تأثرت بانخفاض أسعار البترول الفترة الماضية. توقعات مقبولة تلفت ريهام الدسوقي كبيرة الاقتصاديين ببلتون فاينانشال إلي أنها تتفق مع توقعات صندوق النقد الدولي بأن يصل معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط في عام 2010 إلي 4،5% نظرا لارتفاع أسعار البترول إلي مستوي السبعين دولارا بعد الانهيار الذي أصابها سابقا علاوة علي أن الطلب المحلي في دول المنطقة لم ينخفض بدرجة كبيرة مما يساعد اقتصادات الشرق الأوسط علي الاستمرار في النمو، وعلي المستوي الدولي هناك أيضا علامات للتحسن في النظام المالي العالمي وثقة المستثمرين ورغبتهم في الاستثمار مما يدعم توقعات النمو في المنطقة. وتضيف ريهام أنها تتفق مع تقرير الصندوق حول ارتباط مستقبل النمو في الدول البترولية بالمنطقة وتحديدا دول الخليج بمستقبل أسعار البترول إلا أن هذا لا يؤثر سلبا علي فرص نمو هذه الدول في العام القادم نظرا لأن أسعار البترول مرشحة للاستقرار في الأجل القصير علاوة علي ان هذه الدول نجحت في توفير فوائض بترولية متراكمة من الارتفاعات الكبيرة التي حدثت في فترة ارتفاع أسعار البترول قبل نشوب الأزمة المالية العالمية سبتمبر 2008 وهي الفوائض التي ساهمت في تخفيف حدة أثر الأزمة علي دول الخليج من خلال توسع الحكومات في هذه الدول في الانفاق العام لدعم النمو ومن الممكن الاعتماد عليها أيضا إذا ما تعرضت أسعار البترول لهزات جديدة في الفترة القادمة. وتري أن رأي الصندوق في أن الدول غير البترولية بالمنطقة خاصة مصر ودول شمال إفريقيا لها فرص أفضل في النمو من الدول البترولية رأي صائب فعلي الرغم من اعتماد هذه الدول علي الصادرات والاستثمارات الأجنبية بالمساهمة بنسبة مهمة في نموها الاقتصادي إلا أن المشاركة الأكبر في النمو كانت لصالح الطلب المحلي وهو ما يخفف من حدة تأثير التباطؤ الاقتصادي العالمي علي هذه الدول مشيرة إلي أن هذه الدول ستستمر في الانفاق علي المشروعات العامة بنفس المعدلات السابقة لاعتمادها علي هذا الانفاق في دعم النمو وهو ما يضمن فرص شركات الإنشاء المصرية في تحقيق الأرباح من عمليات الإنشاء في المنطقة بالإضافة إلي نمو شركات أخري تعتمد علي الطلب المحلي مثل شركات الأغذية والأدوية والاتصالات. وعن رؤية صندوق النقد لدور الاقتصاد الصيني في قيادة الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة تقول ريهام إنه علي الرغم من الانتقادات التي توجه لممارسة الحكومة الصينية ضغوطا علي القطاع المصرفي للتوسع في الاقراض وهو ما يخالف سياسات اقتصاد السوق إلا أن سياسات الصين لا تمثل مخاطرة تستدعي التخوف من ظهور فقاعة تسعيرية جديدة في الصين خلال الفترة القادمة، مشيرة إلي أن تدخل الدولة في النظام الاقتصادي يكون احيانا في مصلحة النمو الاقتصادي وليست ضده.