قبل أسبوعين أو اكثر قليلا امتلأت صفحات الصحف بأنباء مغامرة الصيادين المصريين الذين نجحوا في الفرار من الاسر من أيدي قراصنة صوماليين بعد أشهر من الاحتجاز، وتسابقت البرامج التليفزيونية علي استضافة الرجل الذي قيل لنا إنه حرر الصياديون من خلال مغامرة قدم بها في عقر دار الصيادين. مازلنا نتذكر الاستقبال الشعبي والرسمي الذي حظي به الصيادون العائدون من الاسر في الصومال وحالة الترقب لوصولهم إلي المياه المصرية ثم إلي السويس حتي عادوا إلي ديارهم سالمين. بعد انتهاء الفرح وانصراف المعازيم، وبعد ان "شربنا" قصة المغامرة ورضينا بها علي مضض، فوجئنا بالابطال يتشاجرون ويمزقون قصة البطولة التي صاغها الرجل الذي تصدي للعملية كما قيل لنا، ووصل الامر إلي النائب العام من خلال بلاغ قدمه الصيادون لعائدون من الصومال ضد صاحبي المركبين "سمارة" و"ممتاز 1" بانهما جمعا تعويضات مالية من الاهالي، وعدد من رجال الاعمال في اطار جمع الفدية لتحريرهم، إلا إنهما حصلا لنفسيهما علي تلك الاموال ورفضا تعويض الصيادين الذين تعرضوا للاهانة والتعذيب والذل طوال 125 يوما قضوها تحت رحمة القراصنة. أكد الصيادون، حسب ما هو منشور في الصحف، في البلاغ انهم حرروا انفسهم دون مساعدة من أحد، ولم تشارك أي جهة في مصر أو خارجها في تحريرهم، وان كل ما قاله صاحب المركب "ممتاز 1" لا أساس له من الصحة. بالطبع نفي الرجل تلك الاتهامات جملة وتفصيلا مؤكدا ان بعض الاشخاص يحاولون تشويه صورته امام الرأي العام، مشيرا إلي انه ضحي بروحه وماله من اجل انقاذ الصيادين، متهما البعض بمحاولة ادعاء البطولة والوقوف بجانب الصيادين. هذا المشهد من قصة الصيادين يثير الاستياء نظرا لما يسببه من ارتباك لدي الرأي العام الذي تعامل مع القصة علي انها قصة بطولة وشجاعة من الصيادين ومن الذين دبروا لهم سبيل الفرار من الاسر والعودة سالمين بمراكبهم إلي أرض الوطن. قد يكون الارتباك مقصودا حدوثه في صفوف الخاطفين الصوماليين وقد يكون مقصودا منه التغطية علي القصة الحقيقية التي لن يعرفها أحد في المستقبل المنظور ولكن الوصول إلي مرحلة تبادل الاتهامات بهذه الصورة الكئيبة مسألة يجب التوقف امامها لنطالب الجهات المعنية في الدولة التي لديها المعلومات الكاملة عن تلك العملية وغيرها، بالعمل علي ايقاف تلك المهزلة واشباع حاجة الرأي العام إلي قصة محبوكة اكثر بحيث لا تثير البلبلة.