بدأت الإدارة الأمريكية مناورة جديدة مع الأنظمة العربية حيث تطالب الآن بتنازلات مشتركة من الجانبين العربي الإسرائيلي.. ولا اعتقد أن لدي العرب شيئا يمكن أن يقدموه الآن.. لا توجد تنازلات يمكن أن تحصل عليها إسرائيل من العرب، لقد قدم العرب كل ما لديهم.. هناك اتفاقيات سلام بين عدد من الدول العربية وإسرائيل.. وهناك مفاوضات طويلة لم تنجح بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.. هناك وفود عربية وسياح عرب يسافرون إلي إسرائيل للعلاج أو التجارة.. وجميع الأسواق العربية مفتوحة أمام السلع الإسرائيلية حتي وإن حملت اسماء دول أخري.. وهناك عشرات المؤتمرات والمناسبات التي تشارك فيها إسرائيل.. ما الذي تريده أمريكا بعد ذلك من العرب.. لقد قبلت الحكومات العربية أشياء كثيرة لم تكن مقبولة من قبل.. ورض الفلسطينيون أن يتنازلوا عن حقوق كثيرة من أجل السلام.. ولكن إسرائيل هي التي ترفض الآن جميع المطالب الفلسطينية.. إنها ترفض وقف بناء المستوطنات.. وترفض الغاء الجدار العازل وترفض عودة المهاجرين الفلسطينيين إلي ديارهم وترفض إقامة الدولة الفلسطينية بجوار الكيان الصهيوني، وترفض تسليم أي شيء من القدس للعرب.. ماذا بقي لكي تقدمه إسرائيل للعرب بعد أن حرمتهم من كل شيء؟!.. إن الأمر الغريب فعلا أن تطلب الإدارة الأمريكية من العرب تنازلات جديدة فلا يوجد شيء لديهم يتنازلون عنه.. لقد حصلت إسرائيل علي كل شيء ولم يبق إلا أن تدخل عضوا في جامعة الدول العربية، واعتقد أنها يمكن أن تعتذر عن هذه العضوية.. إن الشيء الوحيد الباقي أن يأخذ الحكام العرب طائراتهم ويذهبوا إلي تل أبيب لعلها ترضي.. إن الإدارة الأمريكية تتصور أن حالة العجز والضعف العربي تجعلها قادرة علي أن تطلب من العرب المستحيل.. وهي تنسي أن للحكام شعوبا وهناك ثوابت مازالت تمثل بعض المقدسات.. لن يوجد حاكم عربي يقبل أن تعلن إسرائيل دولة يهودية عاصمتها القدس، ولن يسلم حاكم عربي مفاتيح القدس للدولة العبرية.. ولن يفرط الشعب الفلسطيني في حق العودة.. ولن يقبل العرب حلا بدون الدولة الفلسطينية.. ولن يكون هناك تطبيع بين العرب وإسرائيل في ظل ترسانتها النووية التي تهدد أمن العالم كله.. إذا كانت الإدارة الأمريكية تتصور أن العرب في لحظة عجز كامل وتستطيع أن تفرض عليهم ما تريده إسرائيل فإن المؤكد أن الشعوب العربية لم تمت بعد وسوف ترفض كل هذه التنازلات حتي وإن وافق عليها الحكام العرب.