يعد التوريق أحد المكونات الأساسية في أسواق رأس المال منذ بدايته في أوائل السبعينيات وبالرغم من ذلك فمازال هذا النشاط محدودا للغاية في مصر ولم يشهد إلا عددا من العمليات المحدودة كان آخرها انشاء شركة الاسكان للتوريق والتي سوف تقوم بتوريق المديونيات المجمعة لشركات الاسكان التابعة لقطاع الأعمال العام حيث من المقرر أن يتم الاصدار الأول لشركة مصر الجديدة للاسكان بقيمة 300 مليون جنيه خلال المرحلة القادمة. أكد الخبراء أن التوريق مهم لتفعيل نشاط التمويل العقاري ولكن مخاطر هذا النشاط في مصر تتمثل في عدم القدرة علي السداد وعشوائية تقييم العقارات وبعد التقييم عن الواقع كما أن شركات التأمين لا تلعب دورا يذكر في تنشيط السوق العقاري. واختلف الخبراء حول أن التوريق كان سببا رئيسيا في الأزمة المالية العالمية فمنهم من يري انه كان سببا للأزمة ومنهم من يري أن التجربة المصرية بعيدة تماما عن التجارب السابقة وخاصة أنه يتم فيها توريق الحقوق المالية بضمانات تفوق قيمة الديون بأضعاف مضاعفة بخلاف ما حدث عالميا التي كانت فيها العقارات الضامنة قيمتها أقل من الديون المورقة. أكد كمال محجوب رئيس مجلس إدارة شركة الاسكان للتوريق أن نشاط التوريق في مصر مازال حديثا وخاصة أن التعديلات الخاصة في قانون سوق المال لم يمر عليها وقت كبير لنستطيع الحكم علي التجربة مشيرا إلي أن النشاط في مصر بدأ بعمليات توريق ديون السيارات إضافة إلي عملية التوريق التي أقرها مجلس إدارة هيئة سوق المال لصالح البنك العقاري المصري العربي وكذلك في مجال بيع الأراضي والتي بلغت 4 مليارات جنيه بسندات مضمونة من وزارة المالية. وحول أن بيع الديون كان سببا رئيسيا في الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالبنوك الدولية والشركات العملاقة أكد محجوب أن التجربة المصرية بعيدة تماما عن التجارب السابقة وخاصة أنه يتم فيها توريق الحقوق المالية بضمانات تفوق قيمة الديون بأضعاف مضاعفة بخلاف ما حدث عالميا التي كانت فيها العقارات الضامنة قيمتها أقل من الديون المورقة. أضاف محجوب انه فيما يخص توريق المديونيات المجمعة لأربع شركات عقارية تابعة للشركة القومية للتشييد وهي مصر الجديدة للاسكان والتعمير والمعادي للتنمية والتعمير والنصر للإسكان والتعمير والمعمورة للتعمير والتنمية السياحية فإن الدراسة التي تقوم بها شركة الاسكان للتوريق قاربت علي الانتهاء وسيكون أول إصدار خاص بشركة مصر الجديدة بقيمة 300 مليون جنيه خلال المرحلة القادمة مشيرا إلي انه يتم حاليا تقييم الأصول العقارية وتقييم مديونيات عملاء كل شركة بغرض اتمام مرحلة التصنيف الائتماني لجميع المحافظ التي تقوم بها شركة ميريس الشرق الأوسط للتصنيف الائتماني. أشار إلي أن شركة الاسكان للتوريق لاتزال في مرحلة إجراء الدراسات الخاصة بكل أصدار لاحتمالية وجود عناصر متجانسة بين أكثر من محفظة الأمر الذي قد يترتب عليه دمج إحدي المحافظ مع الأخري من حيث السمات والاستراتيجيات وأنظمة السداد. ومن جانبه أوضح الدكتور عبدالرحمن جاب الله أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان أن التوريق يعني تحويل الديون إلي أوراق مالية قابلة للتداول مشيرا إلي أن أسواق التمويل الدولي شهدت خلال السنوات التسع الماضية وحتي يومنا هذا نموا ملحوظا كما ونوعا في الديون القابلة للتوريق التي طرحتها مؤسسات مالية وغير مالية وخاصة البنوك ليصبح التوريق وسيلة أساسية لدي هذه المؤسسات لزيادة حجم سيولتها المالية من خلال تحويل الأصول غير السائلة إلي أصول سائلة مشيرا إلي أن هذا النشاط كان سببا في الأزمة المالية العالمية. ولفت إلي أنه رغم أهمية التوريق في توفير السيولة اللازمة لتدوير الاستثمارات العقارية ودعم التمويل رغم أن النشاط الفعلي في مصر مازال في بداياته ويتطلب فترة زمنية للتعرف علي مدي نجاحه في اختيار عملاء لديهم القدرة والرغبة في الالتزام بدفع الأقساط في مواعيدها المحددة مع ضرورة وجود الضمانات الكافية. أشار جاب الله إلي أن التوريق مهم لتفعيل نشاط التمويل العقاري ولكن مخاطر هذا النشاط في مصر تتمثل في عدم القدرة علي السداد وعشوائية تقييم العقارات وبعد التقييم عن الواقع مؤكدا علي أن شركات التأمين لا تلعب دورا يذكر في تنشيط السوق العقاري وخاصة أن بعض هذه الشركات تمنح لحملة الوثائق لديها قروضا بضمان رهون عقارية إلا انها قروض ضئيلة للغاية كما انها لا تمنح إلا لحملة الوثائق لدي الشركة المانحة للقرض. وعلي عكس الرأي السابق يري عدلي أيوب رئيس مجلس إدارة شركة رمكو لانشاء القري السياحية أن الأزمة المالية العالمية كان سببها عمليات بيع الديون دون ضمانات كافية وهو الأمر الذي أدي إلي تفاقم المشكلة أما في مصر فإن هذا النشاط مازال حديث العهد وهو ما يصعب عملية تقييمه ومع ذلك فقد أكد أن هذا النشاط ضروري جدا في السوق العقاري وله العديد من المزايا إذا تم الاستفادة من التجارب العالمية فهو يزيد من حجم المبيعات ويساعد علي سرعة دوران رأس المال وزيادة حجم السيولة المتاحة لأغراض تمويل المشروعات في مختلف الأنشطة الاقتصادية. ويتفق مع الرأي السابق مصطفي بدرة عضو مجلس إدارة شركة أصول لتداول الأوراق المالية أن الأزمة المالية العالمية كان سببها عدم كفاية الضمانات وهو ما أدي إلي وجود فقاعة بيع الديون من خلال توريق تلك الديون العقارية وذلك بتجميع الديون العقارية الأمريكية وتحويلها إلي سندات وتسويقها من خلال الأسواق المالية العالمية وقد نتج عن هذه العمليات زيادة في معدلات عدم الوفاء بالديون لرداءة العديد منها مما أدي إلي انخفاض قيمة هذه السندات المدعمة بالأصول العقارية في السوق الأمريكية. شدد بدرة علي عملية التصنيف الائتماني وأهمية الرقابة علي منظومة التوريق في مصر سواء كان ذلك علي مستوي العميل أو الشركة أو البنك وخاصة أن الأمر يتطلب شيئا من إعادة النظر في العلاقة بين الضوابط والتوازنات في جميع الحلقات التي تتألف منها المنظومة.