د. عبدالمنعم كامل هو رئيس دار الأوبرا المصرية بكل مسارحها، سواء في القاهرة أو الإسكندرية أو دمنهور، وأعرفه منذ ان كان نجم فرقة الباليه من أواسط الستينيات، ودائما أجد له ابتسامة ناعمة وقدرة علي ضبط إيقاع أي عمل يسند إليه علي ضوء من الاتقان الذي يليق بقدرات راقص يعرف كيف يوزع روحه بالعدل كي تدير كل خلية في جسده. وعندما كنت مستشارا إعلاميا بالأوبرا في أوائل التسعينيات، رأيته وهو يقود لا فرقة الباليه وحدها، ولكنه يقود مشاعر كل العاملين بأدبه الجم ومن خلال قدرات فائقة في ان يقدم غيره علي نفسه وفي محاولة إرضاء الجميع بشرط بسيط للغاية وهو أن يؤدوا ما عليهم باتقان. وكانت من عجائب الظروف مراقبته حين حضر مناقشة هائلة مع الموسيقار العالمي تيودراكوس مؤلف موسيقي زوربا وهي أول مسرحية موسيقية يمكن لنا ان ننسبها إلي الرقص المعاصر، ومن بعد ذلك راقبته وهو يرصد بدقة بالغة ذلك التطور الهائل في الرقص المعاصر، أثناء بروفات وزيارات فرقة ريناتو جريكو الايطالية، ورأيت كيف صار ريناتو جريكو من أقرب ألوان تصميم الرقص الحديث إلي قلبه. ورأيته وهو يشاهد الباليهات العالمية ليتذكر كيف رقص علي مسارح موسكو وكبريات دور الاوبرا في العالم. ورأيته يؤمن بالحقيقة الواضحة وهي انه لا يوجد راقص متطور لا يدرس الجذور أي الباليه الكلاسيكي، ثم من بعد الاتقان له ان ينطلق إلي ما يحب من آفاق. وشاهد عبدالمنعم كامل خلال تاريخه وهو يبذل من قلبه ووجدانه دون أن يسأل عن تقدير، لأن التقدير كان يسعي إليه. وحين تم تكريمي في ليلة احتفال بداية مهرجان الرقص المعاصر، وطلب مني وليد عوني أن أتحدث نيابة عن المكرمين، أصررت علي تجاهل شكر عبدالمنعم كامل سيد الاوبرا بكل فرقها، لأني أعد دراسة كاملة عن مسيرته الفنية، ويكفيني أن أقول إن بعضا من الغضب ملأني لأني لم أجد في برنامج المهرجان عرض الليلة الكبيرة الذي حول فيه عبدالمنعم كامل مشاعر المولد إلي باليه، أو علي الاقل كان يمكن البدء بعرض "أوليسيس" التي أخرجها ريناتو جريكو هذا العام، وكان يمكن ان نستعيد العرض الراقص المذهل والراقي الذي صممه وليد عوني عن الفنانين المصريين عبر المائة عام التي مضت علي تأسيس كلية الفنون الجميلة. ويا عزيزي الفنان الجميل، لا توجد كلمات يمكن ان توصف تقديري لك، لأنك من تعطي عطاء سخيا دون أن تسأل أحد التقدير، فتقديرك دائما يأتي من تصفيق الجمهور بعد رحلات الارتقاء بمشاعره في هذه الدار الجليلة.