اهدار المال العام ظاهرة قديمة جديدة لم تخل منها الحكومات المتعاقبة ولكن هناك تقريراً صدر حديثا من مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزرا أكد أن هناك زيادة في اهدار المال العام علي عكس توجهات حكومة د. نظيف في ترشيد النفقات والتي تمثلت في البذخ في الانفاق علي إنشاء والديكورات مرورا بالبذخ في الانفاق علي برقيات التهاني والتعازي والورود وأخيرا تعيين مجموعة ليست قليلة من الموظفين بعد بلوغهم سن المعاش بدرجة مستشار، فهؤلاء يتقاضون رواتب ضخمة ورغم بلوغهم سن المعاش فإنهم من أهل ثقة لذلك يحرص الوزير علي بقائهم إلي جواره.. كما يقوم بعض الوزراء باصطحابهم معه في رحلاته الخارجية حيث تذاكر السفر والاقامة التي تسدد جميعها من أموال الشعب وقد كشفت تقرير عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن الحكومة بها 26 ألف مستشار بواقع 800 مستشار لكل وزارة، يحصلون سنويا علي مرتبات ومكافآت تصل إلي مليار و200 مليون جنيه في الوقت الذي يعاني فيه أكثر من 7 ملايين شاب مصري من خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمدارس الفنية من البطالة والذين فقدوا الأمل في الحصول علي فرصة عمل. وزارة المالية تحتل المرتبة الأولي في عدد المستشارين الموجودين بداخلها فالدكتور بطرس غالي وزير المالية لديه خمسين مستشارا يحصل كل واحد منهم علي بدلات ومكافآت تصل إلي 300 ألف جنيه شهريا وهو ما يخالف قرار الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء بعدم تعيين مستشارين لضغط الانفاق الحكومي وكأن الوزراء لا يعبأون بقرارات رئيس الوزراء. وزير السياحة زهير جرانة لديه أيضا 20 مستشارا يحصلون علي مكافآت ومرتبات باهظة حيث تصل رواتب هؤلاء المستشارين إلي مليون جنيه شهريا. وفي نفس السياق نجد الوزارات المصرية والمصالح والمؤسسات المختلفة قد استعانت بإعداد كبيرة من الخبراء الأجانب رغم أن ذلك يكلف موازنة الدولة المليارات سنويا لدفع رواتبهم ورغم عدم وجود حاجة إليهم فلدينا الملايين من الشباب المصري المتخصصين والحاصلين علي أعلي الشهادات والدرجات. الوزارات والاجهزة المختلفة اختلفت في تقدير عدد الخبراء الأجانب وهو ما يمثل نموذجاً عملياً لعدم التنسيق بين الوزارات والاجهزة العاملة في الدولة وكأنهم يعملون في جزر منعزلة ولا تتم الاستفادة من بعضهم. فاحصائيات الجهاز المركزي قدرت عدد الخبراء الأجانب في مصر ب 17،5 ألف خبير بينما قدرتهم وزارة القوي العاملة والهجرة بحوالي 20،5 ألف خبيرء قدرت وزارة الدولة للتنمية الإدارية عددهم ب 130 ألف خبير. "العالم اليوم الأسبوعي" يفتح مجددا ملف اهدار المال العام وحجم الاضرار الناتجة عن اتباع الحكومة لسياسة المجاملات؟ وتأثير هذه السياسة علي الاقتصاد القومي بل والمجتمع المصري والذي يشهد حالة من الفوضي، ففي الوقت الذي يتقاضي فيه بعض الاشخاص ملايين الجنيهات يعاني ملايين الشباب من البطالة وعدم الحصول علي فرصة عمل.. بداية يوضح د. صلاح الدسوقي عميد المركز العربي للإدارة والتنمية أن النظام الإداري في مصر قد وصل إلي مرحلة يرثي لها.. فأساليب الاهدار متعددة والسبب اطلاق بد المسئول في الموقع الذي يعمل فيه دون أي رقابة مما أعطي فرصة لكل مسئول في اتخاذ القرارات التي يراها ملائمة من وجهة نظره ومن هذا المنطلق يتم تعيين عشرات المستشارين في كل وزارة ومعظمهم يتم تعيينهم "مجاملة" فهم من الاقارب والاصدقاء. وأوضح الدسوقي أن هذه الظاهرة لها تأثيرات ضارة علي الاقتصاد القومي فالنتيجة الرئيسية حدوث خلل شديد في مستوي الدخول إلي جانب انخفاض أداء العاملين نتيجة تدني أجورهم لصالح مجموعة من الناس تستحوذ علي الجانب الأكبر من الموازنة العامة للدولة يتحملها دافعو الضرائب في النهاية وهم محدودو الدخل.. فالمسئولون متخذو هذه القرارات لا يتحملوا هذه النفقات الزائدة وهو ما يمثل وضعاً غريباً يساعد علي ايجاد حالة من عدم الرضا بين أفراد المجتمع فلا يتصور أن يتقاضي موظف لا يعمل شيئاً عشرة آلاف جنيه وفي المقابل هناك ملايين العاملين لا تتجاوز أجورهم 200 جنيه، منوها أن ما يحدث هو جزء من حالة من الفساد في النظام السياسي للدولة لأن هؤلاء المستشارين في النهاية يمثلوا جزءاً من النظام السياسي للدولة ودائما الوزراء وكبار المسئولين يسعو لتكوين تحالفات تضمن لهم الولاء دائما. ويتساءل الدسوقي في أي دولة تقدم جهة سيادية بدل ولاء لموظفيها؟ وبالطبع لم يحدث هذا سوي في مصر بهدف دعم استقرار نظام الحكم. ويشير الدسوقي إلي أن 99% من المعينين في وظيفة مستشار لا يقدموا شيء يذكر لخدمة المجتمع كما أن هذه الظاهرة توجد أملاً عند الموظفين الذين لم يصلوا لسن المعاش لتقلد هذا المنصب مما أوجد حالة من النفاق الإداري طمعا في الحصول علي هذا المنصب.