لم تعد ظاهرة بيع الوظائف في مصر سراً.. بل صار الأمر معروفا للجميع بداية من الوظائف الصغيرة وحتي العمل في جهات سيادية، ولكل وظيفة سعرها الذي يتحدد بالطبع حسب حجم الوظيفة ومكانتها الاجتماعية وعائدها المادي. وقد احتلت مصر المركز ال67 بين 92 دولة في العالم تعاني من ظاهرة فساد التوظيف وذلك طبقا للتقرير السنوي لمنظمة النزاهة العالمية. كما أكدت دراسة ميدانية قام بها قسم الاجتماع بآداب القاهرة بتكليف من وزارة الدولة للتنمية الإدارية أن فساد التوظيف في مصر أصبح من البديهيات حتي القطاع الخاص لم يسلم من هذه الجريمة حيث أكدت أحدث دراسة قام بها مركز معلومات مجلس الوزراء أن معظم تعيينات القطاع الخاص تتم بالواسطة والمحسوبية والاعتماد علي المعارف وليس معايير الكفاءة الشخصية وهو ما دفع لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب إلي المطالبة بأن يكون العمل في الحكومة من خلال إعلانات ومسابقات تتم بشفافية حتي لا يفقد الشباب الثقة في فكرة التوظيف العام والحكومة وهو ما دفعنا اليوم إلي فتح قضية فساد التوظيف في مصر وأثر ذلك علي المجتمع ككل والأسباب التي أدت إلي انتشار تلك الظاهرة التي لا تستطيع أي جهة معاقبة المتورطين فيها بسبب صعوبة إثبات ذلك بالإضافة إلي مصير الكفاءات الموجودة بالمجتمع في ظل استمرار فساد التوظيف والدور الذي يمكن أن يلعبه قانون الوظيفة العامة في مواجهة تلك الظاهرة التي أصبحت مشكلة خطيرة تؤرق الكثيرين وجميعنا يتذكر الشاب عبدالحميد شتا ابن المنصورة الذي انتحر قبل أربع سنوات لاستبعاده من إحدي الوظائف الدبلوماسية بدعوي أنه "غير لائق اجتماعيا". في البداية نفي الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية تدخل أي جهة أو فرد في تعيين الخريجين الذي يتم عن طريق الإعلان، موضحا أن قضية الواسطة في شغل الوظائف ظاهرة يجب أن تختفي لأنها تسبب أضرارا اجتماعية واقتصادية بالغة بسبب الشعور بالظلم وعدم حصول الكفاءات علي حقوقها الشرعية وهو ما نسعي إلي مواجهته خلال الفترة المقبلة من خلال قانون الوظيفة الجديد والتأكيد علي ضرورة إجراء كل التعيينات عن طريق الإعلانات ووفق معايير محددة. مضيفا أن قانون الوظيفة العامة سيعمل علي شغل الوظائف عن طريق التعاقد بين الموظف وجهة الإدارة، وهذا التعاقد تنظمه قواعد وأحكام - وفقا لأحكام قانون العمل. مطالبا بضرورة تحقيق الشفافية في شغل الوظيفة بحيث يتم الإعلان عن الوظائف غير القيادية الشاغرة بما يكفل تحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، ولن يتم الارتكاز إلي المبادئ التي كان معمولا بها سابقا، والتي كانت تكرس مبدأ الواسطة والمحسوبية والاعتبارات الشخصية بل سيفوز بالوظيفة الجدير بها فقط. ويضيف أن القانون الجديد سيعمل علي تقارب مستوي الأجور للعاملين بالدولة مع القطاع الخاص وسوق العمل، مشيرا إلي أن الموظف المتعاقد سيحصل علي نفس حقوق الموظف المعين في الدولة من حيث الأجور والإجازات والمكافآت ولن يكون هناك فرق بين الاثنين كما أن القانون سيتيح للموظف العمل في عمل آخر غير حكومي في حالة عدم وجود مانع حيث يعطي القانون الجديد للسلطة المختصة وفقا للقواعد الحق في السماح بذلك. شفافية كاملة من جانبها تقول عائشة عبدالهادي - وزيرة القوي العاملة والهجرة - إن كل الوظائف التي تعلن عنها الوزارة تتم وفق معايير محددة سواء كانت تلك الوظائف حكومية أو "قطاع خاص" مؤكدة أن معيار الكفاءة له الأولوية في الاختيار لأن معيار الواسطة غير وارد تماما في الوزارة، والدليل علي ذلك أنها اختارت335شابا للسفر إلي ايطاليا للعمل هناك كسائقين وطباخين دون اي وساطة. ان الوزارة تضع كل تفاصيل الوظائف الموجودة علي موقع الوزارة علي الإنترنت، وعلي الشباب التأكد من ذلك وتنفي وجود اي تخوف من وظائف القطاع الخاص لانها تتم وفق قواعد تحمي مصالح الطرفين من خلال التأمين علي الموظف. ويقول ماجد عثمان رئيس مركز معلومات مجلس الوزراء ان ظاهرة الواسطة مشكلة ليست خاصة بالوظائف الحكومية كما يظن البعض حيث كشف المركز في آخر دراسة له ان معظم تعيينات القطاع الخاص تمت عن طريق الواسطة والعلاقات الشخصية وهذه مفاجأة لم نكن نتوقعها حيث كنا نتوقع ان القطاع الخاص يبحث عن الكفاءات لانه يهدف إلي الربح وزيادة الانتاجية ومصالح الخاصة فقط مضيفا أن الواسطة مبدأ يرفضه الجميع ولا بد من محاربيه بشتي الطرق لانه يهدر جقوق الآخرين ويضيع علي الدولة الكثير من الكفاءات التي يمكن أن تسهم في زيادة معدل التنمية.