"يشهد سكان العالم علي مدي الأربعين الي الخمسة وأربعين عاما المقبلة تحولات كبيرة من شأنها التأثير علي افاق النمو الاقتصادي والرفاهية في جميع مناطق العالم" بهذه العبارة يستهل تقرير حديث للبنك الدولي اطلق الاسبوع الماضي تحت عنوان "تشكيل ملامح المستقبل" منظورا طويل المدي لحركة الأيدي العاملة وانتقال الوظائف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن التوقعات بنقص العمالة في الغرب خلال السنوات القادمة وفرص العالم النامي في سد هذا الفراغ.. التقرير عرض فرص العمل ولكنه اكد علي فرص سانحة لمن يستطيع اقتناصها، مشيرا الي مساوئ نظم التعليم في دول عدة ومن ضمنها مصر التي لاتؤهلها للفوز بنصيب من كعكة سوق العمل في الغرب.. يشير التقرير الي انه سينمو عدد سكان العالم سينمو بما يقارب 2,6مليار نسمة ليصل الي 9 مليارات بحلول 2050 وفي الوقت نفسه سيسهم انخفاض معدلات الخصوبة والزيادة الهائلة في طول الاعمار الي زيادة في اعداد المسنين بين سكان العالم، ونتيجة لذلك من المتوقع ازدياد عدد السكان البالغين من العمر اكثر من 40 عاما بواقع ملياري نسمة بينما سيزداد نسبة السكان البالغين من العمر 65 عاما باكثر من الضعف . الا ان تفاصيل هذه التوقعات تختلف من منطقة لاخري حيث ان هناك بعض المناطق وخاصة اوروبا ستواجه افاق انخفاض سريع في عدد السكان والقوي العاملة حتي وان قامت باتخاذ تدابير صارمة علي صعيد السياسات وفي حالة غياب الهجرة وبافتراض بقاء معدلات المشاركة في الايدي العاملة علي حالها دون أي تغيير فان منطقة اسيا الوسطي والبلدان ذات الدخل المرتفع في شرق اسيا وكذلك الصين واوروبا وامريكا الشمالية سوف تفقد مجتمعة 216 مليون عامل فيما بين الوقت الحاضر وعام 2050 وسوف يفقد الاتحاد الاوروبي وحده 66 مليون عامل. وان اعتبرنا ان هذه الظاهرة من اعراض امراض التقدم فان الدول النامية والمناطق التي وصفها التقرير بأنها اكثر فقرا ستكون محظوظة بذرية من العمالة الصالحة لسد هذا الفراغ المتوقع في العالم المتقدم، و سيكون المهاجرون المحتملون علي الارجح من فئة العمال الشباب أي البالغين في الشريحة العمرية 15 39 وقد تشكل هذه الشريحة 570 مليون عامل اضافي بحلول عام 2050 وسوف توجد اكبر التجمعات في بلدان منطقة افريقيا جنوب الصحراء تليها جنوب اسيا ومنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا الأيدي العاملة وبالنسبة لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا علي وجه التحديد تشير التقديرات الي ان الزيادة في الايدي العاملة من نفس الشريحة العمرية ستبلغ قرابة 44 مليون عامل مقابل 29 مليونا في منطقة امريكا اللاتينية والبحر الكاريبي و12 مليونا في منطقة شرق اسيا والمحيط الهادئ وبعد عام 2030 ستشهد ومنطقة شرق اسيا والمحيط الهادئ ومنطقة امريكا اللاتينية والبحر الكاريبي انخفاضا في الايدي العاملة ايضا. ولمن اراد ان يقتنص فرص العمل في العالم المتقدم فعليه ان يفتش عن اكثر التخصصات المتوقع ان يتنامي الطلب عليها. وفي هذا المجال يقول التقرير ان هناك بالفعل نقصا كبيرا في العمالة في بعض المجالات مثل نقص الكوادر المهنية ذات المهارات المتعددة المستويات في قطاع الرعاية الصحية وتشير كل التوقعات القصيرة والطويلة الامد الي ان النقص في العمالة سوف يرتفع في العديد من البلدان الغنية وان ذلك النقص سيحدث بشأن مستويات متنوعة ومختلفة من المهارات والقدرات فسوف يشتد الطلب علي المهارات المتوسطة المستوي كالممرضين والممرضات والعاملين في الخدمات التجارية المتوسطة او حتي المهارات ذات المستوي المتدني نسبياا كبائعي التجزئة والنادلين في المطاعم وما شابه ذلك ويمكن ان يتم سد جوانب هذا النقص من قبل المهاجرين الذين اتموا تدريبهم المهني او تعليمهم الثانوي مع اتقان لغة بلد المهجر. مهارات متوسطة الا ان التقرير يصف السياسات والادوات المعنية بتشجيع اصحاب المهارات المتوسطة بأنها لاتحظي باولوية مرتفعة علي اجندة السياسات. ويضيف التقرير ان عدة بلدان اوروبية تركز في الوقت الحالي علي تكييف سياسات الهجرة للحاق بركب البلدان التقليدية المستقبلة للهجرة مثل استراليا وكندا والولايات المتحدة بغرض اجتذاب ايد عاملة اكثر مهارة الا انه ليست هناك اي مبادرات متناسبة بشأن استكشاف كيفية اعداد وتنظيم وتوظيف اصحاب المهارات المتوسطة وتوفير التدريب اللازم علما بأن الطلب ليس مرتفعا فحسب علي اصحاب المهارات المتوسطة بل انهم بحسب قول التقرير سوف يشكلون علي الارجح الجزء الاعظم من النقص في العمالة في المستقبل اذا لم يتم اتخاذ الاجراءات اللازمة.