تجارة السلاح أو تجارة الموت تعتبر من اكبر أنواع البيزنس المنتشرة في العالم بسبب ما يحققه اصحابها من مكاسب مالية. ويعد الصعيد المركز الرئيسي لسوق السلاح بمصر بسبب انتشار الثأر وان امتلاك السلاح يحمي من اعتداءات الاخرين ويمنح القوة والشرف.. معظم الاسلحة غير الشرعية بمصر مهربة من اسرائيل والسودان عبر درب الاربعين، كما ان بعضها يتم تصنيعه محليا في مصر. وليس أدل علي انتشار تجارة الاسلحة في مصر إلا ما حدث عام 2003 عندما اضطرت قوات الامن إلي استخدام المدرعات والامن المركزي المصري لدخول قريتي النخيلة ونجع عبدالرسول لانهاء فوضي المخدرات والسلاح التي بحوزة التجار هناك علاوة علي الحوادث الجنائية مثل مذبحة أولاد علام التي راح ضحيتها 22 شخصا في جريمة واحدة. وتفيد بيانات وزارة الداخلية بانها تصادر سنويا 14 ألف قطعة سلاح غير قانونية منها الوارد من اسرائيل والسودان واريتريا، ومنها الالماني والروسي والامريكي والصيني الصنع، والعام الماضي وحده شهد الكشف عن 16 مدفنا للسلاح المهرب بالقرب من خط الحدود الدولية في مناطق قريبة من رفح وحتي منطقة الكونتيلا في سيناء. اللواء عبدالمنعم كاطو الخبير الأمني يوضح ان بداية انتشار تجارة السلاح في مصر تعود إلي فترة الحروب التي مرت بها البلاد خلال الحرب العالمية الثانية، ثم العدوان الثلاثي عام ،1956 وحرب 1967. وهي الفترات التي تم خلالها ترك أسلحة كثيرة استولي عليها البعض وتم تسويقها وبيعها داخل البلاد، وبالتالي فقد وصلت الاسلحة إلي أيدي مهربين وتم تداولها في مناطق خاصة مثل الصعيد والارياف نظرا لما تتميز به طبيعة القبائل والاسر في هذه المناطق من الأخذ بالثأر. ويشير كاطو إلي عمليات التهريب التي تتم عن طرق محدودة للغاية، تتم من خلال المناطق غير المأهولة مثل درب الأربعين أو عن طريق الملاحة في النيل. وعن مدي انتشار تلك التجارة في مصر ووجودها يوضح كاطو انها كانت متداولة وكثيرة في التسعينيات من القرن الماضي في وقت الارهاب ولكن بعد حادث الاقصر عام 1997 قلت هذه الاسلحة، خاصة في ظل تزايد الوعي المصري وتمكن أجهزة الامن من السيطرة علي الجماعات الارهابية، مشيرا إلي ان الوعي والتنمية يعدان من أهم السبل لتقليل معدلات انتشار تجارة السلاح. اللواء سعد الجمال رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب ومساعد وزير الداخلية ومدير أمن قنا السابق يؤكد انه لا يمكن وصف ما يحدث في مصر علي مستوي الاسلحة بانه تجارة وسوق وإنما هي مجرد حالات فردية يحدث من خلالها تسريب ودخول بعض الاسلحة لمناطق بعينها، مثل الريف والصعيد والظهير الصحراوي، وهي المناطق التي تتميز بجغرافية تساعدها علي إخفاء تلك الاسلحة غير الشرعية، حيث إن الزراعات والصحاري تعتبر لحد كبير بعيدة عن أعين الأمن. وعن أنواع الاسلحة الموجودة بداخل البلاد يقول الجمال إن هناك أسلحة محلية يتم تصنيعها بالداخل من خلال ورش ومصانع تعمل في الخفاء. وأسلحة موجودة من مخلفات الحروب، والاسلحة الباقية يتم دخولها من خلال التهريب عبر الحدود. وفيما يخص الاسعار يوضح الجمال ان "الفرد" المحلي الصنع يباع ب 100 جنيه، والبندقية الخرطوش ثمنها 1000 جنيه، أما الآلي فيصل سعرها من 4000 إلي 5000 جنيه. ويتفق فاروق علم الدين الخبير الأمني مع الآراء السابقة في تركز تلك الاسلحة بمناطق الصعيد والريف وغيرها من المناطق النائية الاخري، مشيرا في ذلك إلي الاسعار التي يتم تداول هذه الاسلحة بها ويقول إن البندقية الآلي يصل سعرها إلي 5000 جنيها والمسدس ما بين 2000 و5000 جنيها حسب نوعه، ما يؤكد ان اسعار الاسلحة بوجه عام تخضع لنوعية السلاح ومدي توافر ذخيرته، حيث ان السعر يتزايد كلما كانت ذخائره متوافرة، والعكس صحيح. ويضيف علم الدين ان أي عائلة في الصعيد تمتلك من 5 إلي 10 قطع اسلحة تقوم بإخفائها في أماكن غير معروفة. ويقول ان الطلقة الواحدة للمسدس يتراوح سعرها من 3 إلي 5 جنيهات حسب نوع المسدس. أما البندقية "الآلي" فإن سعر الطلقة الواحدة يتراوح ما بين 5 و 7 جنيهات مع العلم بأن معظم البنادق الآلية بها 30 طلقة. ويكشف اللواء عبدالرحمن الهواري الخبير الأمني عن الاسباب التي تسهم في وجود وانتشار تجارة الاسلحة علي مستوي العالم ويقول إن تلك الظاهرة موجودة وبكثرة، لعدة عوامل منها: أولا: الصراعات الموجودة في العديد من الدول اليوم والتي يكون لها جناح سياسي وعسكري يحتاج لأسلحة. ثانيا: الحروب غير النظامية الموجودة كذلك والتي تهتم بشراء أسلحة بأسلوب غير شرعي لإدارة حرب مثلما يحدث في العراق وافغانستان والعديد من الدول الافريقية. ثالثا: العديد من حركات التمرد، خاصة في افريقيا. رابعا: تجارة السلاح غير المشروعة أصبح لها سوق تجاري كما ان مكسبها كبير مما يشجع علي الاتجار بالسلاح، ايضا تجارة المخدرات تسهم في زيادة هذه التجارة مثلما يحدث في كولومبيا، حيث يوجد جيش لتأمين هذه التجارة وحمايتها، وهناك ايضا العصابات المسلحة التي تحتاج لأسلحة. وينتقل الهواري للحديث عن مصر مؤكدا ان تجارة السلاح غير المشروعة تعد محدودة للغاية، وذلك لانه ليس هناك حركات انفصالية أو مسلحة، ولهذا فإننا نجد عمليات تهريب محدودة لبعض الاسلحة الخفيفة، خاصة بالصعيد. ويضيف اللواء الهواري ان من ضمن الاسباب التي ساعدت في محدودية تجارة السلاح في مصر حركة التنمية التي تشهدها البلاد والجهود التي يتم بذلها في هذا الصدد مما ساعد في خفض معدلات البطالة وفتح مجالات للعمل. ويوضح اللواء دكتور ممدوح عطية الخبير الأمني ان الاسلحة الموجودة حاليا بمصر تعود في الاساس للتسرب الذي حدث اثناء فترة الحروب التي شهدتها مصر. ويري عطية ان قلة صغيرة جدا هي التي تقوم بممارسة تلك التجارة في مصر ومن خلالهم يتم تسريب ودخول السلاح، مشيرا إلي ان الاتجار بالسلاح يعد من أنواع التجارة المربحة جدا حتي ان أرباحها تتجاوز أرباح تجارة المخدرات.