أجمع خبراء ومراقبون علي أن السبيل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد المصري من حالة الركود والانكماش بسبب الأزمة المالية العالمية هو سرعة قيام الحكومة المصرية بضرورة ضخ استثمارات حكومية جديدة في قطاع البنية الأساسية وتوفير التمويل اللازم سواء للأفراد أو الشركات. وأشار الخبراء إلي أن البورصة "سوق الأوراق المالية" تواجه حالة من الركود التام هذه الأيام بسبب نقص السيولة علي نحو كبير سواء السيولة المحلية أو الوافدة من الدول الأخري وبخاصة الدول الخليجية المنتجة للبترول بسبب تراجع أسعار البترول إلي مستويات متدنية للغاية. ومن ثم فلم يعد هناك سوي ضخ استثمارات حكومية جديدة في قطاع البنية الأساسية وتشجيع الإنتاج للتقليل من الاستيراد ومن ثم إعادة الاقتصاد المصري نحو التوازن. وأكد خبراء الاقتصاد أن الحكومة أدركت الموقف وأعلنت عن ضخ 15 مليار جنيه في صورة مشروعات حكومية في قطاعات البنية الأساسية ثم أعلنت الحكومة مرة أخري عن زيادة المبلغ إلي 30 مليار جنيه عله يكون بداية نحو الطريق الصحيح. ومع اشتداد حدة الأزمة وزيادة الخسائر وتراجع معدلات النمو وعائدات قناة السويس ونمو السياحة وتحويلات المصريين من الخارج ظهرت الأزمة وتزايد معها الشعور بالخوف وهو ما دفع الحكومة نحو التحرك لاسيما وسط توقعات حكومية بتراجع ملحوظ في نمو الصادرات المصرية إلي الخارج. وأكدت الدراسات الاقتصادية والتقارير أن الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية قد اقترنت مع الانخفاض الحاد في أسعار النفط التي بدأت تنعكس علي القطاع الخارجي المصري وأشارت إلي أنه باستثناء التحويلات فقد عكست المؤشرات الأساسية لميزان المدفوعات هبوطاً سنويا في الربع الثاني من 2008/2009 بدعم من الانخفاض الشديد بمقدار 50.6% في الاستثمارات الأجنبية المباشرة وأشارت التقارير إلي أن تفاقم الأزمة المالية ولاسيما في كل من الولاياتالمتحدة وأوروبا وهي الأسواق الرئيسية لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلي مصر وكذلك الهبوط السريع في أسعار النفط التي ضربت فوائض دول مجلس التعاون الخليجي قد أجبرت الاستثمارات الأجنبية المباشرة علي الهبوط من 7.8 مليار دولار في النصف الأول من 2007/2008 إلي 4 مليارات دولار في النصف الأول من 2008/2009 يقول الخبير الاقتصادي الدكتور ماهر مهدي أستاذ التمويل والمنظمات بإحدي الجامعات المصرية إن هناك العديد من المؤشرات الأخري شهدت تراجعات حادة مثل عوائد السياحة التي انخفضت بنسبة 10% وقناة السويس بنسبة 2.9% علي التوالي في الربع الثاني من 2008/2009 لذلك بدأ القطاع الخارجي المصري في الانخفاض وكذلك فائض ميزان المدفوعات والمقدرة بمقدار 1.9 مليار دولار في الربع الثاني من 2007/2008 لتتحول إلي عجز بقيمة مليار دولار في الربع الثاني من 2008/2009 وذكر أن أداء القطاع الخارجي في الربع الثاني من 2008/2009 فاق التوقعات بأن يهبط بصورة سريعة وبحدة، الأمر الذي يعكس مقاومة الاقتصاد مدعوماً بالهيكل الاقتصادي الجيد وكذلك المؤسسات وحتي الآن ومع الطبيعة العالمية والعميقة للأزمة يعتقد أن النصف الثاني من 2008/2009 سيشهد أداءً ضعيفاً. وأشار إلي أن ميزان المدفوعات شهد عجزا بقيمة مليار دولار في الربع الثاني من 2008/2009 وبدأ الوضع الخارجي للاقتصاد في الانخفاض وتحول الفائض بمقدار 1.9 مليار دولار في الربع الثاني من 2007/2008 إلي عجز وقد نتج ذلك بسبب اتساع العجز في الحساب الجاري من 0.16 مليار دولار منذ سنة مضت إلي 1.55 مليار دولار بالإضافة إلي تحول كل من حساب رأس المال والحساب المالي من فائض بقيمة 1،49 مليار دولار و2،18 مليار دولار في الربع الثاني من 2007/ 2008 والربع الأول من 2008/ 2009 علي التوالي إلي عجز بمقدار 0،16 مليار دولار. ومن جانبه أكد أحمد حنفي رئيس قسم التحليل الفني بشركة الجذور لتداول الأوراق المالية أن الاقتصاد المصري بالرغم من الأزمة المالية العالمية والانكماش الذي يعيشه العالم حاليا فإنه مازال ماضيا نحو الاستمرار في تحقيق معدلات النمو ومن ثم فلا توجد هناك مشكلات داخلية متعلقة بالاقتصاد المصري وإنما هي مشكلة عامة. وأشار إلي أن هناك حوافز جديدة من الممكن أن تقدمها الحكومة لتحفيز الاستثمار موضحا أن الحكومة عليها أن تعيد النظر في خفض الضرائب من خلال تقديم إعفاءات جديدة كما فعلت مؤخرا الخزانة الأمريكية وأشار إلي أن التشجيع علي التصنيع والانتاج وضخ استثمارات حكومية جديدة هو السبيل الوحيد أمام الحكومة للتقليل من حدة الأزمة المالية وانتشال الاقتصاد المصري قبل الوقوع في براثن الركود. وأشار إلي أن كل هذه العوامل سيكون لها تأثيرات ايجابية كبيرة علي الاقتصاد المصري فيما بعد ومن ثم يلقي بظلاله الإيجابية علي البورصة ومن ثم دفعها نحو النشاط. ومن جانبه أكد خليفة محمود العضو المنتدب بشركة بريزما لتداول الأوراق المالية أن الأزمة المالية أدت إلي تراجع نسبة الاستثمارات الأجنبية في مصر علي نحو ملحوظ ليس بسبب قصور في أداء الاقتصاد وإنما بسبب تراجع السيولة ونقصها وبخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي المنتجة للبترول ومن ثم تأثرت مصر بشدة بسبب تراجع أسعار البترول وانخفاض الفوائض البترولية التي كانت مصر تجتذب جزءا منها. وأشار إلي أن هذه الأزمات لابد من التغلب عليها بقيام الحكومة بإجراءات تحفيزية من شأنها التشجيع علي الإنتاج لعله السبيل الوحيد نحو الخروج من الأزمة.