بدأت تلوح في الافق بوادر ملاحقة حقيقية لاسرائيل في المحافل الدولية بسبب جرائمها الانسانية. فالمحكمة الجنائية الدولية حركت القضية بعد "تشكيل لجنة للتحقيق في الاعمال التي ارتكبتها اسرائيل في غزة وذلك اثر الدعاوي القضائية التي تقدم بها اكثر من 800 محام و900 منظمة حقوقية اوروبية يتهمون اسرائيل بارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية من خلال استخدام الفوسفور الابيض والاسلحة المحرمة دوليا. والآن جاء الدور علي الجامعة العربية لتتحرك ايضا في هذا الاتجاه حيث بدأت بالفعل في جمع البيانات والمعلومات التي يمكن استخدامها والتقدم بها للقضاء الدولي وهي بيانات تشمل استجواب الجرحي وتصويرهم والاعتماد علي التقارير التليفزيونية المصورة للاحداث في غزة وجمع وتوثيق شهادات وافادات بعض المنظمات الانسانية والدولية التي تعرضت للاعتداءات او التي تملك مستندات سجل مخالفات اسرائيل وجرائمها..! والواقع انه إذا كانت الجامعة العربية جادة في مساعيها لتفعيل هذه الدعاوي ضد إسرائيل وملاحقتها قانونيا فإن هذا الدور ينبغي أن يكون من خلال المنظمات والجمعيات الأوروبية الفعالة التي تتبني هذا العمل وبادرت به حتي لا يكون هناك تناقض في التحرك أو ازدواجية في الأداء. فهذه المنظمات والجمعيات تضم عددا هائلا من المتطوعين والخبراء والقانونيين سواء من الأوروبيين أو من الجاليات العربية هناك وهم يملكون الخبرة والمقدرة علي إدارة هذه المعركة القانونية بشكل أفضل من إدارتها من الجامعة العربية من خلال جهاز روتيني ضعيف الحركة ومكبل بالكثير من القيود. ولكن تحرك الجامعة العربية علي أية حال يمثل بادرة تستحق التشجيع لأنه يؤكد ان الجامعة العربية قد بدأت تؤمن ان ساحة المعركة الحقيقية لم تعد هنا وإنما يجب تصديرها إلي المجتمع الأوروبي وإلي الولاياتالمتحدةالأمريكية وأن هذا يعني ان علينا ان نتوقف عن مخاطبة أنفسنا في الشرق والمزايدة علي شعوبنا وان نتجه إلي هناك بلغة جديدة مفهومة لعرض قضايانا ووجهة نظرنا، فقد ثبت في كل الأزمات انهم كانوا دائما متفهمين لوجهة نظر إسرائيل ودوافعها.. ولكن أحدا لم يفهمنا أبدا..! [email protected]