يقولون عنهم إنهم كسالي.. وإن البلد تتقدم للأمام وهم جالسين ببلادة علي المقاهي يندبون حظهم، طلبوا منهم أن يلحقوا بالقطار وعندما لحقوا به اكتشفوا أن القطار توقف، أنهم جيل الشباب الذين تشبعوا بثقافة اقتصاد السوق، ليسوا كسالي ولكنهم يعملون منذ المرحلة الجامعية ويتنقلون من وظيفة لأخري بحثا عن تحسين الأحوال المعيشية، إلا أنهم واجهوا مفاجأة غير سارة مع اقتراب العام الماضي من نهايته، حيث استغنت عنهم الشركات التي كانوا يعملون بها لا لأنهم لا يتمتعون بالمهارات الكافية ولا لأنهم تكاسلوا وتراخوا عن أداء وظائفهم، ولكن لأن انهيار وول ستريت أصاب اقتصادات العالم كله بعدوي الأزمة المالية العالمية. "الأسبوعي" التقت بأربعة نماذج لشباب تعرضوا لهذه الظروف وسألناهم كيف يواجهون شبح البطالة الذي أنجبه التباطؤ الاقتصادي المصري في مطلع 2009 ليفتك بأحلام الأجيال الجديدة. أشرف عاطف واحد من الشباب الذين تنقلوا بين مجالات مختلفة في البيزنس حتي يطور من مهاراته ومستوي دخله، فعلي الرغم من أنه تخرج في كلية الحقوق عام 2002 إلا أنه حرص علي أن يعمل في مجال التسويق أثناء فترة دراسته للجامعة، ولم يقتصر طموحه علي العمل الوظيفي ولكنه تحمس للمشاركة في مشروع صغير لصناعة الملابس وتسويقها محليا إلا أن المشروع واجه منافسة المنتجات الصينية التي كانت تباع في السوق المحلي بأسعار أقل من أسعارهم بفرق يصل إلي 20 و30 جنيهاً، مما اضطرهم إلي تصفية الشركة ولم يفكر في التحول إلي التجارة في الملابس نظرا إلي أن الاستيراد من الصين أو أي بلد آخر يتطلب توفير سيولة كبيرة لا يستطيع تدبيرها. ولأن القطاع العقاري كان هو الحصان الرابح في الفترة الماضية تحمس أشرف إلي أن يعمل في الشئون القانونية في إحدي شركات التسويق العقاري فأشد المتشائمين لم يكن يتوقع الركود الحالي في القطاع العقاري علي حد تعبيره ، إلا أنه مع بزوغ الأزمة المالية العالمية وتفاقمها طلب منه مدير الشركة أن ينتقل إلي قسم الموارد البشرية باعتبار أنه كان له عمل سابق في تسويق خدمات شركات الموارد البشرية ثم أبلغه بعدها أنه غير قادر علي التكفل بدفع راتبه مما جعله يترك الشركة في ديسمبر الماضي. عندما سألناه عن تفسيره لعدم قدرة الشركة علي الاستمرار في توظيفه قال إنه إلي جانب ظروف الركود العقاري التي لمسها في انخفاض حجم العمل المطلوب منه فالشركة أيضا كان لها استثمارات في البورصة وحققت خسائر مع انخفاض البورصة تأثرا بالأزمة المالية العالمية. تطوير مهارات أشرف لم يواجه شبح البطالة لفترة طويلة بعد تركه شركة التسويق العقاري فقد توظف في إحدي شركات المحاماة بعد تركه للوظيفة السابقة ببضعة أسابيع، إلا أنه يهتم الفترة الحالية بتطوير مهارته لإيجاد فرص عمل أفضل فهو يقوم بتحضير ماجيستير في القانون ويسعي للالتحاق بدورات تدريبية في مجال التحكيم الدولي. إذا كان السوق العقاري في مصر قد تأثر بشكل غير مباشر بالأزمة المالية فالبورصة تأثرت بشكل مباشر، تحدثنا مع متخرجة شابة من قسم إدارة الأعمال بإحدي الجامعات الخاصة طلبت عدم ذكر اسمها وكانت تعمل في مجال سمسرة الأوراق المالية بإحدي الشركات ولكنها تركت وظيفتها بالشركة بعد أن اتجهت الشركة إلي تقليل راتبها وكذلك لانخفاض "عمولتها" مع تفاقم الأزمة المالية العالمية. قالت إنها تشعر أن مهنة السمسرة تواجه منافسة قوية مع تداول الأوراق المالية عبر شبكة الإنترنت، مما قلل من الطلب علي خدمات السماسرة، إضافة إلي أنه مع تفاقم الأزمة المالية وتدهور سوق المال أصبح المستثمرون يتلقون نصائح السماسرة بحساسية شديدة الباحث عن فرصة عمل جديدة قد يواجه بعض المعوقات. أضافت: فهناك بعض إعلانات التوظيف تنشر بهدف تعيين أشخاص محددين فأحد رؤساء الشركات نشر إعلاناً عن فرصة عمل بالشركة وقال لها إنه حدد سلفا الشخص المطلوب، وفي ظروف الأزمة تزداد الأمور صعوبة فأحد زملائها في مجال السمسرة قال لها إنه تقدم مؤخراً لوظيفة بإحدي الشركات وقالوا له إن التحاقه بالوظيفة مرتب بأن يكون مديرا لمحافظ بعض العملاء حتي يدخل "أموالاً جديدة" إلي الشركة. هذه التجربة لم تدفعها لليأس فهي تخطط حاليا إلي تطوير مهارتها لكي تصبح محللة فنية وهي تسعي لإحراز شهادة معتمدة في هذا المجال فهي لا تريد أن تكون محللة فنية بدون أن تتمتع بالأسس العلمية المؤهلة لهذه الوظيفة.