في ظل مناخ من الاحباط والاكتئاب بدأت أمس مداولات منتدي القطاع الخاص والمجتمع المدني التي تسبق انعقاد القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية العربية التي تعقد بالكويت غدا "الاثنين". وقد عبر عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية عن هذه الظروف السلبية التي تنعقد في ظلها قمة الكويت بقوله: "كم كان يسعدني ان نجتمع اليوم والظروف مهيأة لأفق الأمل لدينا جميعا بمستقبل مستقر لهذه المنطقة نسهم فيه كمواطنين عرب في رسم خطط لمستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلا ان العواصف هبت من كل اتجاه فأثرت في مسار الأمور بما غير من المزاج العربي العام وغير من الوضع دافعا إياه نحو مزيد من الفوضي.. ليصبح الوضع العربي غير سوي وغير مبشر بأي خير". لكن رغم هذه الظروف المحبطة فإن عمرو موسي استنتج ان تلك العوامل السلبية تزيد أهمية قمة الكويت لأن مكافحة التخلف الاقتصادي والاجتماعي لا تقل أهمية عن مكافحة الاحتلال الإسرائيلي والفوضي السياسية العربية التي "قد تؤدي إلي انهيار النظام العربي كله" حسب قوله. بينما أكد الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء الكويتي ان انعقاد هذا المنتدي الاقتصادي والاجتماعي يمثل ثمرة للجهود الرامية إلي توسيع مشاركة القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في بحث السبل الكفيلة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الدول العربية. أما عدنان القصار رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلدان العربية فقد تحدث في افتتاح المنتدي كممثل للقطاع الخاص العربي داعيا إلي تعزيز الجهود للوصول الي إقامة اتحاد جمركي عربي بحلول عام 2015 واقامة السوق العربية المشتركة بحلول 2020. وقال القصار ان القطاع الخاص العربي يعول علي تفعيل المنطقة العربية الحرة من خلال إزالة العقبات الجمركية وغيرها من الحواجز، ودعا الي تعزيز كفاءة استثمار القطاع الخاص في المنطقة العربية من خلال المضي قدما في سياسات الاصلاح الاقتصادي وتدعيم حكم القانون، والقضاء النزيه، وتوحيد النظم الضريبية، كما دعا إلي إقامة مؤسسات عربية داعمة للهيئة العربية للمواصفات والجودة علي سبيل المثال. وتحدث طاهر المصري رئيس الوزراء الأردني السابق ممثلا لمنظمات المجتمع المدني العربية، مؤكدا ان دعم المجتمع المدني كشريك أساسي في التنمية يتطلب عدم اغفال دور هذا المجتمع المدني الذي كان موجودا عندما غابت الدولة في حالات كثيرة وطالب الحكومات العربية بتعديل تشريعاتها لتتناسب مع تعظيم دور المجتمع المدني. وكان للسفيرة ميرفت التلاوي الكلمة الأخيرة في الجلسة الافتتاحية، وبصفتها "المنسق العام للقمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية" أوضحت ان الشيخ ناصر المحمد رئيس وزراء الكويت هو صاحب فكرة "المنتدي". وأضافت ان هذا المنتدي حدث فريد لا سابق له، ورغم أن جامعة الدول العربية منظمة إقليمية وحكومية فإنها شاءت أن تحشد اقتراحات وجهود وافكار القطاع الخاص والمجتمع المدني والمفكرين. وقالت ان المنتدي سيكون دوريا، وسيواظب علي تقديم توصيات للقادة العرب، وان هذا ما يميزه عن المنتديات الأخري التي تعقد وتنفض دون أن تترك أثرا. ونادت السفيرة ميرفت التلاوي ألا تبدأ مداولات المنتدي دون ان تضع المشاركين من القطاع الخاص والمجتمع المدني أمام الحقائق المفزعة لعالمنا العربي الذي يشغل 10% من مساحة الكرة الأرضية و5% من إجمالي عدد سكان العالم ورغم ذلك فإن الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية لا يزيد علي 2.6% من الناتج العالمي ولا يمتلك أكثر من 4.4% من احتياطي العملات الأجنبية و5.7% من الصادرات السلعية و4.5% من إجمالي التجارة السلعية العالمية و4.7% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة. أن مستوي الانفاق علي البحث العلمي من الناتج المحلي الإجمالي فلا يتجاوز ال(0.02%) بينما يبلغ هذا المستوي 1.4% عالميا بينما يبلغ حجم الثروات العربية في الخارج 1.8 تريليون دولار وتمثل التجارة البينية 11.4% من إجمالي التجارة العربية في حين تمثل التجارة البينية في دول الاتحاد الأوروبي ما بين 53و60%. وكان المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة قد أوضح خلال الاجتماعات الوزارية التمهيدية التي عقدت أمس الأول أن القمة ستركز علي 5 محاور هي الربط الكهربي للعالم العربي، وربط وسائل النقل، والأمن الغذائي، والأمن المائي، واستكمال متطلبات السوق المشتركة.. وأن هناك محاور اجتماعية تتوازي مع المحاور الاقتصادية ستركز علي التعليم والشباب والأطفال والمرأة وقال إن مهمة القمة ليست إقرار مشاريع أو قيام الحكومات بإعطاء تعليمات للقطاع الخاص بل توفير المناخ الذي يمكن أن يساعد في تنفيذ هذه المشاريع، كما أكد الشيخ الدكتور محمد الصباح نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير النفط الكويتي بالوكالة أن خسائر العالم العربي نتيجة الأزمة المالية العالمية بلغت 2.5 تريليون دولار وأنه في منطقة الخليج وحدها تأجلت 60% من مشروعات البناء واستتبع ذلك تعطل سلسلة مالية وتجارية طويلة ومتداخلة. وأمس واليوم يواصل المنتدي الاقتصادي والاجتماعي أعماله حيث يعقد 8 جلسات عمل يتحدث فيها أكثر من 50 من قيادات القطاع الخاص والمجتمع المدني ستكون محصلتها مجموعة من التوصيات والاقتراحات التي سترفع إلي القمة، تشكل "خريطة طريق" لتعزيز التكامل الاقتصادي العربي وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص.