طالب الرئيس مبارك في خطابه أمام الجلسة المشتركة لمجلسي الشعب والشوري بضرورة قصر الانفاق الحكومي علي شراء المنتجات ذات المنشأ الوطني إلا في الحالات التي لا يتواجد فيها هذا الإنتاج، المثير أن هناك قرارات بالفعل صادرة عام 2000 تلزم الجمعيات الحكوميةب شراء المنتجات المحلية وإلغاء أي مناقصة يتم من خلالها شراء سلع مستوردة طالما وجد لها مثيل محلي وتقوم بذلك الإدارة المركزية للتصنيع المحلي التابعة للهيئة العامة للتنمية الصناعية وهذا الأمر الذي لا يطبق بفاعلية حيث أشار الخبراء إلي أن المناقصات الحكوية حاليا لا تشجع المنتجات المحلية ويتم التحايل بتحديد بعض المواصفات التي قد لا تتوافر في المنتج المحلي. وطالب رجال الصناعة بضرورة مخاطبة اتحاد الصناعات قبل عقد المناقصات وإعطاء المنتج الوطني الأولوية حتي لو كان هناك فرق سعر يصل إلي 15%. يؤكد الدكتور وجيه دكروري الخبير الاقتصادي علي أن دعوة الرئيس مبارك للحكومة بضرورة التركيز في المرحلة القادمة علي استخدام المنتج المصري بكل الوسائل الممكنة خاصة في الصفقات الكبيرة التي تتم عن طريق المناقصات الحكومية سيؤدي إلي تنشيط الإنتاج المصري وتوسيع نطاق السوق المحلي والاستغناء عن نسبة غير قليلة من الاستيراد إلا أن هذا التوجه يجب أن يتبعه نداء آخر إلي القطاع الخاص المصري بضرورة العمل المستمر علي رفع كفاءة المنتج لتقليل الفاقد والمهدر في عمليات الإنتاج والتي ستؤدي إلي خفض الأسعار مما يجعل المنتج المصري أكثر جاذبية وأكثر اقناعا للجهات الحكومية وغير الحكومية بالشراء. يضيف دكروري: يجب أن يصاحب هذه الإجراءات أيضا تنشيط دور الغرف التجارية والصناعية في مراقبة الأسعار ومراقبة الإنتاج وضرورة أن تستجيب الأسواق المصرية بشكل متناسق مع حركة انخفاض أسعار السلع الأساسية والوسيطة ومدخلات الإنتاج التي يتم استيرادها من الخارج بعد الهبوط الحاد الذي شهدته المواد الخام نتيجة لتقلص وانكماش الأوضاع الاقتصادية بالعديد من الأسواق الكبري نتيجة لتفاقم الأزمة الاقتصادية المالية العالمية. ويشير د. دكروري إلي أن توجيهات الرئيس بصفته رئيسا للسلطة التنفيذية ملزمة لكل الأجهزة الحكومية وهذا الأمر يحتاج بطبيعة الأمر إلي أي تشريع حيث إن الحكومة وغير الحكومة تخضع لتوجهات الاقتصادي الحر الذي ارتضته مصر بعد التحول إلي اقتصادات العرض والطلب لكن الخلط يأتي في كثير من الأحيان نتيجة وجود توجيه يلزم الحكومة بتخصيص نسبة 10% من مشترياتها لمنتجات المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتشجيع شباب الخريجين وأصحاب هذه المشروعات وبشرط أن يستوفي الإنتاج المعايير الأساسية للجودة فليس من المعقول أن تقوم الحكومة بشراء منتج معيب أو ضار بالصحة أو غير مطابق للمواصفات الفنية. ويؤكد د. دكروري أن الوقت الحالي يحتم علي جميع الدول النامية التي بدأت تتعرض لتأثيرات الأزمة المالية الحالية أن تعتمد خلال المرحلة القادمة علي تنشيط وتحفيز اقتصاداتها الوطنية حفاظا علي معدلات النمو وفقا لتزايد معدلات الفقر والبطالة. عادل العزبي نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين باتحاد الغرف التجارية يقول العالم الناضج كله دون استثناء سواء علي مستوي الحكومات أو الشعوب أو المستهلك العادي يعطي أولوية للمنتج الوطني، فمعروف أن اليابانيين بصفة خاصة يفضلون دائما التعامل مع السلع المحلية دون المستورد ولو أختلف السعر.. كما توجد في الدول الناضجة تشريعات حاسمة وليست تعليمات بالتعامل أولا مع المنتج الوطني وثانيا مع المنتجات النابعة من إعادة تدوير المخلفات حتي لو تجاوز السعر بنسبة 10% وذلك بهدف أن تحافظ الدول علي عمالتها واستثماراتها وخلق المزيد من وحدات الإنتاج التي تنتج سلعا يمكن أن يشكل الاستهلاك الحكومي فيها النسبة الأكبر في الاستهلاك العام، خاصة وأن الحكومات توسعت كثيرا في مشترياتها واحتياجاتها سواء من قطع الغيار أو المواد لاستهلاكية أو السلع الرأسمالية بداية من المعدات المكتبية البسيطة وانتهاء بمعدات ثقيلة في مختلف الاستخدامات. ويري العزبي أن توجيهات الرئيس مبارك بقصر الانفاق الحكومي علي شراء المتجات ذات المنشأ الوطني سيلزم الجميع دون التفاف لأنها تصب في النهاية في المصلحة الوطنية حاضرا ومستقبلا ويتفق تماما مع الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها العالم بسبب تأثيرات الأزمة المالية العالمية واتجاه جميع دول العالم نحو الداخل ويحدد العزبي عددا من الآليات لضمان الالتزام.. أولاً ضرورة وجود تشريع واضح ورقابة حاسمة وحازمة مع التأكيد علي منع أية استثناءات وتوقيع العقاب السريع علي أية مخالفة وكذلك تفعيل دور المجتمع المدني وجمعيات ومنظمات الصناعة والتجارة وجمعيات حماية المستهلك بحيث تمارس ضغوطا ورقابة، إضافة إلي أهمية الإعلام بجميع وسائله الذي يتعين عليه أن يوضح أهمية التعامل بهذا التوجه وآثاره الإيجابية علي مصالح الوطن.