في احدي جلسات مؤتمر السياحة العالمي الذي عقد بشرم الشيخ الاسبوع الماضي التي حملت عنوان "السياحة تواجه التغيرات المناخية والازمة الاقتصادية" اثيرت قضية رفض البنوك اقتراحات مسئولي السياحة ورجال الاعمال بالقطاع السياحي من اجل تمويل المشروعات السياحية المتعلقة بالبيئة التي تؤثر سلبا علي القطاع السياحي وخاصة تلك التي يراد تحويلها من مشروعات غير بيئية وملوثة الي مشروعات صديقة للبيئة ويشمل ذلك تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي وتحويل المناطق الصحراوية الصفراء الي مناطق سياحية خضراء، واستخدام الطاقات الشمسية والرياح بدلا من طاقات الوقود والكهرباء الي جانب استخدام النظم التكنولوجية الحديثة في تلك المنشآت السياحية بدلا من النظم التقليدية لاعمال السياحة والفندقة. وجاءت تلك الجلسة الساخنة لتحمل تأكد رجال البنوك من ان الاولوية لعميل البنك والمودعين والمساهمين خوفا من تداعيات الازمة المالية الحالية علي رءوس اموال البنوك باعتبار ان تلك المشروعات السياحية الخضراء تحتاج الي اموال ضخمة وسيولة من اجل تحويلها لمشروعات صديقة للبيئة. وقال المصرفي الكبير جمال محرم ان تمويل هذه المشروعات السياحية البيئية امر مهم للسياحة في مصر وفي مختلف دول العالم، وهذا التمويل سيدر عائدا كبيرا علي المدي الطويل، ولكن هذه الاموال الموجودة لدي البنوك الان يتم توجيهها واقراضها بحساب وللمشروعات ذات الاهمية الكبري التي يوافق عليها مجلس ادارة البنك حيث يكون الاهتمام الاول لعميل البنك المودع من اجل الحفاظ علي امواله، وهذا الامر مهم جدا اذا كان البنك اجنبيا ومركزه الرئيسي بالخارج. ويلفت الي ان الاقراض الان لابد ان تكون له ضمانات قوية حسب تعليمات البنك المركزي، مضيفا ان المشروعات الخضراء التي يراد اقراضها مشروعات تحتاج لمصادر مالية قوية عند تحويلها من مشروعات غير صديقة للبيئة الي مشروعات صديقة للبيئة، ويوضح في ذلك الاطار ان هناك عملاء في المجال السياحي مازالوا متعثرين خاصة في المناطق السياحية الساحلية في جنوب وشمال سيناء ويتساءل: هل يمكن ان نضيف اعباء جديدة الي تلك الاعباء القديمة من الديون المتعثرة؟! ويضيف محمد الاتربي ردا علي سؤال عن الشروط اللازمة لاقراض المشروعات السياحية البيئية أن اهم هذه الشروط ان تكون هناك ضمانات كافية للمشروع وان يكون صالحا للبقاء وتم انشاؤه بالفعل وتكون دراسة جدواه موضحة للعائد المناسب بناء علي خطط للتعاقدات المستقبلية التي ستدر تدفقا ماليا خلال المديين المتوسط والبعيد. ويشير الاتربي الي ان المشروعات السياحية الموجودة حاليا في مدن شرم الشيخ والغردقة وشمال سيناء اخذت تمويلا ضخما من البنوك التي يصل عددها لما يقرب من 22 فرع بنك عام واجنبي وخاص ومازالت تلك المشروعات تسدد ما عليها من ديون للبنوك.. فكيف يتم تحميل هذه المشروعات بديون اخري واموال جديدة؟ ويتساءل بدوره: هل تريدون ان تقع البنوك فيما وقعت فيه البنوك الصغري والكبري في الولاياتالمتحدةالامريكية ووقعت في ازمة التمويل العقاري والرهن العقاري؟ مضيفا ان امام هذه المناطق السياحية تحديات كبيرة وهي تكلفة تحويل تلك المشروعات الي مشروعات صديقة للبيئة. فيما تري مني البرادعي المدير التنفيذي للمجلس الوطني للتنافسية ان الشيء الانسب لتمويل تلك المشروعات السياحية وتحويلها الي مناطق سياحية صديقة للبيئة ومناطق خضراء علي غرار تجربة سيريلانكا هو انشاء صندوق خاص يتم تمويله من الحكومة والقطاع الخاص للصرف منه علي تلك المشروعات السياحية؛ حتي نبتعد عن الازمات التي ستحدث للبنوك من جراء ذلك التمويل ووجود بعض الشروط الصعبة التي تضعها البنوك لعمليات التمويل، مشيرة الي ان هناك دولا كبري عالمية اتخذت هذه التجربة التمويلية من الصناديق ونجحت مشروعاتها السياحية. ومن جانبه، اشار هشام زعزوع مساعد اول وزير السياحة المصري الي ان مسألة عدم التمويل من البنوك الكبري والصغري للمشروعات الخضراء والصديقة للبيئة السياحية تناولها رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ونشرت في مجلة النيوزويك في 3 نوفمبر الماضي، حيث اكد براون ان تمويل تلك المشروعات السياحية الخضراء لابد أن يؤجل لحين الانتهاء من تعثر البنوك والوصول الي حلول دعمها وتعويضها عن الديون الرديئة والخسائر المالية الضخمة نتيجة الأزمة المالية العالمية. فيما أوضح جيفري ليبمان مساعد الامين العام لمنظمة السياحة العالمية اننا يجب ان نقدر ونحترم صراحة ووضوح رجال البنوك والقطاع المصرفي تجاه عمليات التمويل للمشروعات السياحية الخضراء، مضيفا: نحن مع تلك المؤسسات المالية ونوافق علي آرائها حتي نراها مؤسسات ضخمة في المستقبل تستطيع ان تساعد القطاعات السياحية في شتي المجالات ويكون ذلك بعد التخلص من جميع المعوقات والازمات التي تحيط بها في ظل الازمة المالية والاقتصادية التي اطاحت بالعالم أجمع.