قبل سنوات قالوا إن مارد التأمين العملاق سينطلق. وقبل ذلك بعشرة سنوات نظموا حملة لنشر الوعي بأهمية التأمين لدي جميع المتعاملين المستهدفين في السوق المصري. وتم خلال الفترة الماضية اتخاذ قرارات جذرية في قطاع التأمين كانت بمثابة إعادة هيكلة شاملة، باعتبار ذلك يمثل البنية الأساسية التي سينطلق "المارد" عليها. ورغم كل ذلك لم يشعر الناس بقوة ذلك "المارد" ومازال حبيسا "في قمقمه الضيق ينتظر الانطلاق". لماذا لم ينطلق المارد.. ولماذا يأخذ طريقه بسرعة السلحفاة؟ نحاول الإجابة في هذا التحقيق: يعتبر التأمين وسيلة من وسائل إدارة الأخطار بل أهمها وأقواها لكونه يحمي العناصر الثلاث والتي تمثل وحدات الحظر وهم الأشخاص الطبيعيون عن طريقة تأمينات الحياة، بالإضافة إلي قيامه بتغطية الممتلكات في صورتها الثابتة مثل المنشآت الصناعية إلي جانب الممتلكات في صورتها المنقولة مثل الطائرات والسفن كما يحمي من مخاطر كثيرة مثل الحريق والتصادم والسرقة، كما تضطلع صناعة التأمين في توفير رأس المال الموجه للاستثمار. ويخضع سوق التأمين المصري للتنظيم والإشراف بموجب مواد القانون رقم 10 لعام 1981 وتعديلاته والقانون رقم 652 لعام 1955 بشأن التأمين ضد المسئولية عن حوادث السيارات في حين تخضع صناديق التأمين الخاصة للقانون رقم 54 لعام 1975. ويعمل في السوق من 21 شركة للتأمين ولإعادة التأمين ومن بين هذه الشركات تضم أربع شركات مملوكة للدولة تمارس نشاط تأمينات الحياة والتأمينات العامة وشركة واحدة لإعادة التأمين مملوكة للدولة وشركة لإدارة الأصول العقارية، بالإضافة إلي 16 شركة خاصة وجمعية واحدة للتأمين التعاوني و617 صندوق تأمين خاصة وثلاثة صناديق حكومية وثلاثة مجمعات للتأمين. وتم السماح في بداية التسعينيات لرؤوس الأموال الأجنبية بالمشاركة في قطاع التأمين والتي ساعدت علي تقديم خدمات جديدة ومتميزة علي السوق المصري مما أدي إلي إحداث حركة ايجابية بالرغم من أن رؤوس أموالها ليس كبيرا ولكن هذه الحركة كانت الدافع إلي ضرورة إنشاء كيان تأميني قومي لمواجهتها ومن ثم حدث اندماج وإدماج شركات القطاع العام حيث استحوذت شركة مصر علي شركة الشرق وعلي المصرية لإعادة التأمين فتكون هيكلا ضخما تحت مسمي شركة مصر للتأمين والذي يسيطر علي أكثر من 60% من قطاع التأمين ومع هذا الاندماج أعلن المسئولون أن "مارد التأمين" سوف ينطلق وهو الأمر الذي لم يتحقق إلي الآن ومن هنا نبدأ في مناقشة هذه القضية. "الخريطة الجديدة" وكما يري الدكتور علي شاكر- رئيس قسم التأمين بكلية التجارة جامعة القاهرة - فصناعة التأمين تلعب دورا مهما وحيويا في الاقتصاد القومي ويتم من خلالها توفير الحماية المالية اللأفراد والمشروعات ضد الخسائر المختلفة مثل فقدان الممتلكات والوفاة والمرض والحوادث والحرائق والسرقة ويشير إلي أن سوق التأمين في مصر قد مر بمراحل عديدة فالبداية كانت من خلال الشركات الأجنبية والتي تم تمصيرها في عام 1956 ثم مرحلة التأميم عام 1961 والمحصلة ثلاث شركات هي مصر للتأمين والأهلية والشرق بالإضافة إلي الشركة المصرية لإعادة التأمين، ومع منتصف السبعينيات وفي عصر الانفتاح تم السماح بإنشاء شركات تأمين خاصة مثل المهندس، الدلتا، وقناة السويس والملاحظة في هذا التوقيت هي استحواذ شركات قطاع الأعمال العام علي ثلثي السوق التأميني. ويوضح شاكر أن الفترة الأخيرة قد شهدت حدوث اندماج ما بين شركات قطاع الأعمال العام حيث صدر القرار الجمهوري رقم 246 لسنة 2006 الخاص بتأسيس الشركة القابضة للتأمين حيث استحوذت شركة مصر علي الشرق وعلي المصرية لإعادة التأمين ورغم الآمال والأحلام العديدة التي تولدت مع ظهور هذا الكيان الجديد إلي أن الفترة الماضية قد شهدت طرح تساؤلات كثيرة منها كيف لشركة تأمين مباشرة أن تستحوذ علي شركة لإعادة التأمين والتي تعتبر الملجأ والحماية لها عند تعرضها لأي مخاطر.