لا أعلم إن كان السيد رئيس الوزراء د. أحمد نظيف مايزال يري أن الاقتصاد المصري في "معزل" عن الأزمة الاقتصادية كما صرح لأخبار اليوم في بداية الأزمة؟ أم أنه الآن اقتنع اننا جزء من العالم وأن الأزمة ستطالنا بشكل أو بآخر. وحتي هذه اللحظة لم يظهر أي تحرك للحكومة بشأن الأزمة أو تداعياتها سوي مجرد تصريحات ومؤتمرات صحفية عظيمة انتهت إلي تطمين الناس خاصة فيما يتعلق بودائعهم في البنوك، فيما تتابع البورصة انخفاضاتها، ولم نر أي تحرك من القطاع المصرفي لتسهيل الائتمان أو تشجيعه لتحريك الشركات المصرية. وفي حديثه لي الأسبوع الماضي قال وزير المالية د. يوسف بطرس غالي إن طريقه إلي محاولة تقليل الخسائر وتعويض انخفاض معدلات النمو هو مزيد من الاستثمار.. لكن د. غالي كشف أن الاستثمار سيأتي معظمه من القطاع الخاص.. وهنا لابد أن نسأل أي قطاع خاص يتحدث عنه؟ هل القطاع الخاص الذي لا يستطيع أن يحصل علي قروض من البنوك؟ أم القطاع الخاص الخاسر في البورصة؟ أم القطاع الخاص المتأثر بخسائره من التصدير والتعاملات الخارجية؟ وإذا كان الاعتماد علي قدرة القطاع الخاص علي إبقاء عجلة الاقتصاد المصري في دوران.. فما هي الإجراءات التي نسانده بها؟ هل يكفي إلغاء رسم الصادر علي الأسمنت والحديد؟ أم أن هناك إجراءات أخري لابد من اتخاذها وبسرعة كي لا نصحو ذات يوم فنكتشف أن المصانع قد بدأت في تسريح العمالة وتقليص الإنتاج؟! وهنا يجب أن يكون دور الدولة في تسهيل الائتمان وضخ استثمارات جديدة مما تم توفيره من انخفاض أسعار القمح والنفط خاصة في مشروعات البنية الأساسية وغيرها، ليبقي الاقتصاد في حالة حراك ولا يتباطأ. لا تطلبوا من القطاع الخاص أن يتحرك وكل شيء حوله يتباطأ.. ولا تطلبوا منه أن يجر القاطرة ونحن نسد الطرق أمامه بكل الوسائل وعليه أن يشق هو الطريق وحده ودون مساعدة.. إنها مطالبات مستحيلة في وقت شديد الصعوبة. * لا أعرف ماذا يقول المستثمرون العرب لوزير الاستثمار ووزير التجارة والصناعة خلال جولاتهما الأخيرة في المنطقة العربية؟ اتمني أن تكون الاستجابة إيجابية، لكني أظن أن سؤالا واحداً سيطرح: كيف نستثمر في مصر وأنتم تطبقون القواعد وقتما تريدون وتغيرونها وقتما تشاءون؟ والدليل إجراءات 5 مايو الماضي التي أعلنت بموجبها الدولة ما بين ليلة وضحاها إلغاء الإعفاءات علي المناطق الحرة دون أي مقدمات ودون أي سابق إنذار. إذا كنت تريد المستثمر فعليك احترامه في جميع الأوقات والدولة لا تقرر أن تحترم المستثمر في أوقات الضيق وتعامله "بجفاء" في أوقات اليسر. * يبدو أن الحوار مايزال مقطوعا ما بين السياسة النقدية والسياسة المالية وما بين محافظ المركزي والمجموعة الاقتصادية ككل.. فتصريحات د. العقدة في اتجاه والحكومة في اتجاه آخر.. إلا إذا جمعهم مؤتمر صحفي "عالمي"، ولا أعرف متي سيتصالح الجميع ولو مرة واحدة لصالح الاقتصاد المصري.. والسؤال الأهم هو: أين رئيس الوزراء من كل ذلك. اقتصادنا لا يحتمل كل ذلك..