تحقيق محمد محمود الباز دينا جمال شريهان مدينة: التدخل حتي لو كان للقطاع الخاص مطلوبا من الحكومات، لمنع الكوارث الاقتصادية مثلما فعلت الحكومة الأمريكية في بسط سيطرتها علي "فريدي ماك" و"فاني ماي" لإنقاذهما من خطر الإفلاس أشار الخبراء إلي أن الحكومة الألمانية تدخلت لإنقاذ مؤسساتها في حقبة هتلر بالرغم من أنها أكثر النظم الليبرالية تطرفا مشيرين إلي أنه في المقابل تقوم بعض دول العالم الثالث "الرأسمالية الجاهلة" والتي تطبق الليبرالية بطرق لا تلخو من وجود النظم الاشتراكية والدكتاتورية. أشار إلي أن الليبرالية الاقتصادية تتضمن عدم ترك السوق بدون ضوابط أو تنظيم وهو الدور الأصيل للدولة. يؤكد الدكتور محمود عبدالحي الخبير الاقتصادي أن الحكومة يجب أن تدخل في الأنظمة الليبرالية لتمنع الكوارث الاقتصادية حتي لو كان هذا التدخل للقطاع الخاص مثلما فعلت الحكومة الأمريكية في بسط سيطرتها علي "فردي ماك" وفاني مايا لإنقاذهما من خطر الإفلاس كما أنها تتدخل لحل الخلافات بين العاملين وأصحاب الأعمال عن طريق الرئيس نفسه عن طريق تعيين مندوبين من الحكومة لحل هذه الخلافات وخاصة إذا كانت في مؤسسات حيوية. أضاف عبدالحي أن النظام الليبرالي ليس فوضي وإنما هدفه الوصول إلي التوازن في القوي المجتمعية عن طريق تشجيع الاستثمار وتحرير حركة رؤوس الأموال وفي المقابل تحرير الناس أيضا عن طريق السماح مثلا بانتخابات حرة للنقابات لتستطيع هذه النقابات التفاوض لرفع معدلات الأجور. أشار عبدالحي إلي أن النظام الليبرالي يضع الحكومة في دور الرقيب والمصحح والمعوض وهذا الدور تلعبه من قلب اقتصاد السوق عن طريق استخدامها لسياسات اقتصادية واجتماعية لتصحيح أخطاء السوق الحرة. ويستطرد عبدالحي قائلا إن الحكومة المصرية بدأت بالفعل في تطبيق الليبرالية الاقتصادية وأكبر مثال علي ذلك هو تدخلها للحفاظ علي مستوي أسعار السلع الاستراتيجية عن طريق طرح المزيد من السلع في المجمعات الاستهلاكية والتأني في برنامج الخصخصة. أضاف عبدالحي أن الحكومة المصرية يجب أن تدخل أيضا لجعل هوامش الربح في الشركات والمؤسسات لا تزيد علي ضعف سعر الفايدة الموجودة في البنوك وخاصة أن هناك بعض الأنشطة التي تزيد فيها هوامش الربح عن 100% وأكثر من ذلك أيضا. ومن جانبه يؤكد الدكتور إيهاب الدسوقي وكيل مركز بحوث أكاديمية السادات أن الليبرالية الاقتصادية تعتمد علي الاقتصاد الحر وتشجيع القطاع الخاصة وتنظيم المنافسة وأن دور الحكومة تقوم بدور المنظم للسوق ولكن هذا لا يعني أن تترك الدولة السوق "سداح مداح" علي حد تعبيره. أوضح الدسوقي أن تدخل الحكومة الأمريكية لانقاذ شركات التمويل العقاري لديها لانقاذها من خطر الإفلاس لا يتعارض مع الليبرالية الاقتصادية وخاصة أن هذه الشركات قد تؤدي خسارتها إلي ركود في الاقتصاد الأمريكي والعالمي أيضا وتؤدي إلي حدوث أزمات مالية وهو الأمر الذي جعل الحكومة الأمريكية تتدخل بصفة استثنائية. وأكد الدسوقي أنه في مصر تقوم الحكومة بتشجيع القطاع الخاص وإعطائه تيسيرات كثيرة سواء كان من ذلك متمثلا في الإجراءات أو توفير السلع الأولية له بأسعار مدعومة مشيرا إلي أنه إذا تعرضت الشركات في القطاع الخاص لهزات عنيفة علي غرار الشركات الأمريكية فيجب علي الحكومة أن تساندها وتتدخل وخاصة إذا كانت هذه الشركات تعمل في صناعات حيوية. ويري عصام مصطفي العضو المنتدب لشركة نماء لتداول الأوراق المالية أن تدخل الحكومة الأمريكية لإنقاذ شركاتها لا يتعارض مع الليبرالية الاقتصادية وخاصة أن الليبرالية الأمريكية هي ليبرالية المسئولية الاقتصادية والاجتماعية والتي لديها أفضل نظيم تأمين اجتماعي وأفضل نظم معونة للبطالة إلي غير ذلك من النظم. أضاف مصطفي أن الحكومة الأمريكية من حقها أن تنظم السوق لديها وتحميه فهي التي قامت بحمايته من دخول الرأس المال الصيني والعربي ولعل كان أشهر مثال علي ذلك صفقة موانئ دبي التي قامت الحكومة الأمريكية بإيقافها بعكس مصر التي صدرت حتي الغاز الإسرائيلي. أضاف مصطفي أنه وحتي في أكثر النظم تطرفا وهي الليبرالية الألمانية قد خلت أيضا لحماية مؤسساتها في حقبة هتلر مشيرا إلي أنه في المقابل فرن ما تقوم به بعض دول العالم الثالث هي الرأسمالية الجاهلة والتي تطبق الليبرالية بطرق لا تخلو من وجود النظم الاشتراكية والدكتاتورية. ويتفق مع الرأي السابق الدكتور عبدالرحمن جاب الله أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان موضحا أن تدخل الحكومة الأمريكية لانقاذ شركاتها لا يتعارض مع الليبرالية الاقتصادية ولكنه من صميم هذه الليبرالية. أضاف جاب الله أن الليبرالية الاقتصادية تتضمن عدم ترك السوق بدون ضوابط أو تنظيم وهو الدور الأصيل للدولة.