ماذا حدث وكيف يمكن تفادي تكرار كارثة المقطم؟ وفي وصف لخبراء البناء لما حدث وفي تبسيط لطبيعة الأرض في هضبة المقطم أوضحوا انها أشبه بالبصلة التي تتكون من رقائق تحتاج إلي مراعاة قواعد الهندسة المحترمة من أجل البناء بأمان علي سطحها. ويقدم الخبراء في هذه السطور رؤيتهم للخطوات التي يجب علي الحكومة أن تقوم بها فورا ليس فقط في المقطم ولكن في جميع المناطق العشوائية المماثلة وعلي رأسها انشاء جهاز خاص للتعامل مع عشوائيات القاهرة الكبري وانهائها باعتبارها أكبر خطر علي الأمن القومي الاجتماعي في مصر. السرطان ينمو يوما بعد الآخر.. ولن تكون كارثة الدويقة الأخيرة هذا هو الوضع الحقيقي في العديد من أحياء القاهرة أماكن خطيرة تهدد الأمن القومي للمجتمع ومأساة انهيار صخرة الدويقة أثارت من جديد مشكلة المناطق العشوائية خاصة في منطقة المقطم فالكارثة كانت متوقعة وما حدث لم يكن مفاجأة حيث توقع الخبراء حدوث هذا الانهيار منذ عدة سنوات. حالة من الفزع سيطرت علي جميع سكان الهضبة العليا خوفا من حدوث انهيارات مماثلة خاصة أن هذه المنطقة بها مشاريع ضخمة وابراج سكنية في مرحلة الإنشاء.. خبراء الإنشاءات أكدوا ان منطقة الهضبة العليا آمنة باستثناء الحواف ولكنها تحتاج إلي ضرورة اتباع اشتراطات فنية في عملية البناء الأمر الذي لم يتوافر عند بناء المساكن العشوائية وهو الأمر الذي أدي إلي حدوث الكارثة. ويري د.حماد عبدالله حماد رئيس منتدي الهندسة الاستشارية وعضو اللجنة السياسية بأمانة السياسات ان الطبيعة الجولوجية لتربة جبل المقطم والتي تتكون من ترسيبات حجرية جيرية تتأثر بشدة ويحدث لها حالة من الذوبان السريع بفعل تأثير المياه وبالتالي جميع المنشآت الواقعة أعلي الجبل إذا لم تتوافر لها البنية الأساسية التي يتم انشاؤها بطريقة هندسية صحيحة مما ينتج عنه حدوث تسرب لمياه الصرف الصحي تحت الأرض مما ينتج عنه تحلل الحجر ويوضح ان القطع الحادث في منطقة حجر الدويقة بني اللون مما يعني ان القطع ناتج عن حدوث تسرب في المياه مشيرا إلي أن الترسيبات الحادثة في الهضبة جعلتها أشبه "بالبصلة" فهي عبارة عن قشور بعضها فوق بعض وعندما تتدخل المياه بين الطبقات تحدث عملية الانفصال مما يؤدي إلي تساقط أجزاء من الهضبة. ويوضح حماد أن الكارثة الأكبر تكمن في كون المساكن العشوائية تقع في سفح الجبل تحت الهضبة مثل وضع منطقة الدويقة مشيرا إلي أن هناك دراسات تم إعدادها منذ أكثر من مائة عام وهي دراسات جولوجية خاصة بجبل المقطم وتم التوضيح من خلالها ان الجبل يتساقط والحواف تنزلق وما حدث بالدويقة ليس الحادث الأول فالمستشفي العالمي الواقع علي جبل المقطم في الجهة الجنوبية تساقطت قشرة من تحته حتي أصبح مهددا وشارع الكورنيش بالمقطم شهد تساقط الأسفلت مما يعرض المنازل في الشارع للأنهيار في أي لحظة. الهندسة المحترمة وينوه حماد إلي وجود مشروعات ضخمة يتم إنشاؤها حاليا في منطقة المقطم مثل مراسي اعمار ونادي الإعلاميين وفندق بلير وكلها تمثل خطورة إذا لم يتم بناءها بطريقة هندسية "محترمة" مضيفا أن هذه الطريقة تتلخص في ضرورة عمل حوائط ساندة من الخرسانة المسلحة حتي تكون ساندة للجبل في هذه المناطق الي جانب عمل عزل مختبر لكل البنية الأساسية تحت المنشآت والأهم إزالة جميع المساكن العشوائية من سفح الجبل ونقلهم إلي مناطق متحضرة. عشوائية الإدارة ويطالب الدكتور حماد بضرورة إصدار قرار سياسي سيادي بإنشاء جهة مسئولة عن إزالة العشوائيات في القاهرة الكبري وهذه الجهة لها وظيفة انهاء هذه العشوائيات بخطوات محددة ومدروسة بحيث تتحول لها كل السلطات الإدارية من الدولة كما يجب تحديد مدة الانتهاء من إزالة العشوائيات وهي أربع سنوات بحيث ينتهي دور الجهة إداريا بعد هذه المدة وهذه التجربة يمكن تنفيذها فمصر خاضت التجربة حينما أرادت أن تقيم أكبر مشروع هندسي في العالم بهذا الأسلوب حيث قامت بإنشاء وزارة للسد العالي وموقعها هو منطقة المشروع الهندسي في أسوان وقد انتهت مهمة الوزارة بعد انتهاء المشروع ومن ثم ونحن بصدد إزالة العشوائيات فنحن أيضا بصدد إقامة مشروع هندسي ضخم اقتصاديا وهندسيا واجتماعيا. ويحذر الدكتور حماد كذلك من أن نترك العشوائيات في القاهرة الكبري لعشوائيات الإدارة المصرية مشيرا إلي ان انهاء هذه العشوائيات سوف يحمينا من حدوث كارثة جديدة مثلما حدث في الدويقة بالإضافة إلي الحماية من خطر أمن اجتماعي يمكن حدوثه في أي وقت لأن هذه الأماكن عبارة عن حضانة للإجرام والخروج عن القانون مضيفا ان كل موبيقات المجتمع العشوائي حضانة لها وتفرغها وتصدرها للمجتمع المخطط وهي المدن التي تحيطها هذه العشوائيات.