تبني الأجيال الجديدة وصقل خبراتها من أهم فنون الإدارة في أية منشأة اقتصادية ناجحة وينطبق الحال تماما علي البنوك هذا ما كشفت عنه دراسة دولية حديثة أكدت علي أن الكثير من الشركات والمصارف والصناديق المالية في العالم غير واعية أو مستعدة للتأقلم مع تغيرات الأجيال مما يؤثر علي قيادة عملائها وموظفيها حيث لا تولي هذه البنوك الاجيال الحالية اهتماما كافيا ومازالت تهتم بالاجيال القديمة اكثر من اهتمامها بالمستقبل وبتفريخ اجيال تحمل المشعل وتكمل المسيرة. وتوصلت الدراسة إلي أن الكثير من إدارات الصناديق المالية والمصارف تنوي التركيز علي جيل الBaby Boomers الجيل الشاب ويرمز للفئة بأول حرف من نفس الكلمة الانجليزية". وإذا كان القطاع المصرفي قد شهد تطورات جذرية في السنوات الأخيرة فإن فن الإدارة يقضي بأن تحتضن الأجيال القديمة الجديدة وان تساعدها في اكتساب كل ما هو جديد. "الأسبوعي" استطلع رأي عدد من الخبراء حول هذه الظاهرة في السوق المصرفي المصري. من جانبه يري د.رشاد عبده الخبير المصرفي بالأكاديمية العربية للعلوم المصرفية ان الجيل الجيد من المصرفيين يتميز بأنه "متعلم كويس" -حسب تعبيره- حيث يمتلك قدرة كبيرة علي التعامل مع الكمبيوتر والانترنت فضلا عن ان بعضهم تعلم في الخارج أو في مدارس أجنبية مما جعلهم أكثر قدرة علي اجادة اللغات الاجنبية والتفكير المنظم واتخاذ القرارات الجريئة. أما عن ابرز عيوب هذا الجيل في رأيه فهي حالة الثقة الزائدة التي قد تصل احيانا الي الغرور التي تنتاب بعض القيادات المصرفية الشابة فلا تجعلهم يستمعون لصوت أصحاب الخبرة في بعض القرارات المهمة فضلا عن حالة التسرع وعدم الاستقرار في مكان واحد والتي تظهر جليا في الجيل الجديد من المصرفيين علي عكس الجيل القديم الذي يمثل الانتماء للمكان. ويري د.رشاد عبده انه لا يوجد صراع اجيال في البنوك لأن البنك أقرب إلي كونه مجتمعا مغلقا الكل يعرف بعضه اضافة الي التنافسية الكبيرة في هذا القطاع التي تستنفد كامل وقت ومجهود الموظف مما يجعل مسألة صراع الأجيال بعيدة الي حد كبير. من جانبه يري محمود عبدالعزيز رئيس البنك الأهلي الأسبق ان وجود اجيال جديدة شيء منسجم مع الطبيعة والبنوك مهنة تتناقل بين الأجيال فما لم يقم الجيل الحالي من القيادات المصرفية برعاية الشباب الجدد وتدريبهم وتعليمهم أصول المهنة فهم لا يستحقون حتي الاستمرار في مناصبهم بالبنوك فمثلا البنك الأهلي يعتبر مدرسة لايجاد الكوادر الشابة وكذلك البنك التجاري الدولي الذي يعمل علي تدريب الكوادر الصغيرة ورعايتها لذا نجد هذين البنكين من أقوي البنوك في مصر من خلال كوادرهم المتتالية. وأضاف عبدالعزيز ان الجيل الجديد من المصرفيين حظه أقل لأنه التحق بالجهاز المصرفي في أعقاب أزمة خانقة استمرت لمدة 10 سنوات سادت خلالها حالة من التخبط وعدم الثقة في القطاع المصرفي. لذا -والكلام لمحمود عبدالعزيز- يجب عليهم الآن استغلال المناخ الصحي الموجود وتلقي القواعد المصرفية السليمة بخاصة أنهم جيل مؤهل علميا بشكل جيد ويمتلك روح الشباب والجرأة ولكن ما يعيبهم هو عدم الصبر مشيرا إلي أن الجيل القادم يعتمد علي حرفية المهنة اكثر من العلم ويمتاز بالصبر والتحمل وكل من الجيلين أسهم في خدمة مصر. وفي النهاية يري عبدالعزيز ان صراع الاجيال غير موجود وان من يشجع علي هذا فهو شخص جاهل لذا لابد من تواصل الاجيال فالمهنة مهنة قاتلة -علي حد تعبيره- ولا يحتمل إنسان مهما كانت قدرته اكثر من عقدين من الزمن بخاصة في المناصب العليا لذا نجد ان بعض المناصب العليا في الجهاز المصرفي لا يفضل الاستمرار فيها بعد سن الخمسين لانها تحتاج لمجهود بدني وعصبي شاق ومن يريد ان يستمر علي الكرسي للأبد فهو يفسد ولا يصلح ولكن من يعلم انه موجود لفترة محددة فهو من يعمل ويحقق الانجازات ويربي اجيالا جديدة. أما فتحي ياسين رئيس بنك التجاريين سابقا فيري ان علاقة الأجيال القديمة والجديدة في البنوك المصرية جيدة لأن الجيل الجديد -وحسب تعبيره- "خارجين من عباءة الجيل القديم" حيث يرتبط كثيرا منهم بعلاقات قرابة بأحد أفراد الجيل القديم وإن كانت مشكلتهم الرئيسية انهم لا يريدون ان يتعلموا أو يستفيدوا من خبرات الأجيال السابقة فبعضهم يعتقد ان كل ما هو قديم هو متخلف وغير مواكب للعصر الحالي مع ان أساسيات العمل المصرفي واحدة في كل مكان وزمان.