توسع عدد من البنوك في المنطقة العربية في تقديم انواع جديدة من القروض تساعد علي توفير احتياجات شريحة أكبر من المجتمع.. ففي الأردن تحرص البنوك الآن علي تقديم قروض تعليمية مع ارتفاع مصروفات الدراسة وهي تجربة مستنسخة من عدد كبير من الدول الأوروبية التي تقدم قروضا ضخمة للتعليم حيث تعتبرها هدف استراتيجي يعمل علي ترسيخ الاستثمار في العنصر البشري. اما البنوك اللبنانية فقد قدمت تجربة جديدة للقروض من خلال بنك "فرست ناشونال بنك" اللبناني لمنح ما اسماه ب "قروض التجميل" التي تتراوح قيمتها من ألف إلي خمسة آلاف دولار لتغطية عمليات التجميل وخاصة لمن تعرضوا لحوادث سيارات او اصيبوا بالتشوهات في حوادث أخري. وقد دفع نجاح التجربة اللبنانية بعض البنوك المحلية إلي محاولة تجربتها في مصر، وخصوصا بعد الاقبال الشديد علي عمليات التجميل من شرائح مختلفة في المجتمع، وبخاصة الفنانات وفتيات وسيدات الطبقات الراقية، بل وتعدي الأمر النساء إلي الرجال الذين اصبحوا يمثلون أكثر من ثلث من يجرون عمليات وجراحات تجميل. المصرفيون من جانبهم اكدوا ان تنويع المنتجات المصرفية يعد ظاهرة صحية ومطلوبة ولكن ليس في جوانب استهلاكية بهذا الطابع قد تتسق مع طبيعة الاجواء المصرية مشيرين الي ان المصريين لديهم نفقات واعباء ضخمة وليس من المعقول ان يحصل مواطن مصري علي قرض لاجراء عملية التجميل في حين ان عباءه المادية تتفاقم ويمس الأمر في كثير من الاحيان مألكه ومشربه ورحب الخبراء في ذات الوقت بتقديم قروض تعليمية علي اعتبار تكاليف التعليم من الاعباء التي تتكبدها الاسرة المصرية خصوصا مع ارتفاع اسعار مصروفات الدراسة في الجامعات والمدارس الخاصة علي اعتبار انه نوع جديد من القروض تسير خطوات نموه علي استحياء. فكرة جديدة من جانبه اوضح محمد يوسف الخبير المصرفي ان الفكرة اللبنانية لا تتسق مع طبيعة المجتمع المصري والعادات والتقاليد والثقافة واسلوب التفكير. اضاف ان اغلب الفئات التي ترغب في اجراء عمليات التجميل اما فنانات او سيدات اعمال وفي الحالتين تتوافر لديهم السيولة المالية اللازمة بالاضافة إلي انهم لا يعلنون عن ذلك ولن يفكروا في الاقتراض. واشار إلي ان قروض التجميل تعتبر موجودة بالفعل ضمن باقة القروض الشخصية التي يحصل عليها العميل علي قيمة القرض ويتصرف فيه كما يشاء ومن الوارد جدا ان سيتخدمه في غرض التجميل لكن لا توجد ضرورة تستدعي وجود قرض متخصص للتجميل حتي الآن كما ان الدراسات التي تجريها البنوك لم توضح وجود احتياج لهذا النوع من القروض مشيرا ان هذا النوع من القروض غير محبذ لانه لايضيف جديد ا للاقتصاد القومي مشيرا ان هناك مطالب بتقليص القروض الخاصة بالتجزئة المصرفية فليس من المعقول ان نتوسع في هذه النوعية من القروض. وقال يوسف ان برامج التجزئة المصرفية يجب ان تغطي جميع احتياجات الناس وإذا وجد البنك ان هناك احيتاجا لمنتج معين يقوم بتدبير سبل التيسير علي العملاء من خلال تقديم المنتج بشروط تناسب العملاء وتحقق ارباحا للبنك. طالب يوسف بالتوسع في تقديم القروض التعليمية لانها موجودة ولكن ليس بنفس الحجم والثقافة السائدة في الخارج مشيرا إلي ان هناك مشكلة في مصر ان التعليم خرج من اطار المجاني واصبحت الحكومة تتكبد ملايين الجنيهات من اجل الانفاق علي التعليم وتوفير مقاعد للدراسة مع تزايد التحولات الديموجرافية وزيادة اعداد السكان وبالتالي فان الحل هو توفير قروض جيدة تساعد علي تحسين اوضاع التعليم من خلال مساعدة السواد العظيم من المجتمع بالالتحاق بمدارس خاصة وجامعات لاسيما في ظل زيادة اعداد هذه المؤسسات خلال السنوات القادمة و بالتالي فإن زيادة المعروض منها سيساعد علي تخفيض اسعار المصروفات الدراسية وبالتالي زيادة قدرة الاسر المصرية في الحصول علي قروض تعليمية ميسرة. قروض التجميل ويتفق معه في الرأي أشرف بيومي الخبير المصرفي مشيرا إلي ان قروض التجميل امر غريب علي المجتمع المصري ولايمكن تخصيص قروض منفصلة تخص عمليات التجميل لاننا لم نصل إلي مستوي الرفاهية الذي يسمح بذلك مشيرا إلي ان فكرة تقديم قروض تعليمية هو امر جيد ومقبول خاصة مع ارتفاع مصروفات الدراسة حيث ان هذه المبادرة في حال تفعيلها بالصورة المناسبة سوف تحل مشكلة كبيرة في المقاعد الدراسية التي تتناقص عاما بعد عام "رغم التوسع الكبير في التعليم العالي كون تضخم عدد السكان أكبر بكثير من معدل التوسع في توفير المقاعد الدراسية"، وهو حل غير تقليدي اي انه لن يوفر مقاعد دراسية فقط بل سيوفر تميزا تعليميا وهو الأهم، ويمكن ايضا من خلال هذه المبادرة تشجع المترددين في الاستثمار في التعليم وتجعلهم يقبلون علي تأسيس جامعات وكليات جديدة وبكل تأكيد فإن هذا سيكون له عواقبه التنموية الايحابية علي مصر خلال الفترة القادمة. اما الدكتور أشرف عبد المنعم الخبير المصرفي فقد اوضح ان القروض الاستهلاكية يمكنها توفير جميع متطلبات المستهلكين من خلال القروض الشخصية الا ان تخصيص قروض بصورة أكثر مرونة لأمور استراتيجية مثل التعليم يعد امرا ضروريا خاصة في ظل ازمة التعليم في مصر وصعوبة عمليات التطوير في ظل ضيق الموارد حيث ان هذه الخطوات من شأنها تحريك الدوافع الذاتية للابداع فليس من المفترض مثلا ان نفرض علي مؤسسات التعليم العالي اسلوبا معينا ونحدد لها طريقة بعينها في التعليم، فالانظمة والاختبارات والاختيارات في مجال التخصصات العلمية يجب ان تكون ذاتية. وهو ما يتلاءم مع اسلوب تقديم القروض للطلاب بحيث يكون هناك شعور بالمسئولية وفي نفس الوقت لا تكون هناك ضغوط علي الجامعة، اذ انه من المفترض هنا ان تبادر الجامعة بوضع خطط تطويرية تتناسب مع امكاناتها لاستقطاب أكبر عدد من الطلاب. وقال انه رغم نقاط القوة التي يحملها تفعيل نظام القروض التعليمية كمما يجب فان الامر ليس مثيرا للتفاؤل بصورة كاملة لانه يحتاج إلي الكثير من التنظيم وقبل ذلك يحتاج إلي ايمان مؤسسات التعليم العالي الأهلي بأن رسالة التعليم تفوق "المكاسب المادية"، فالمسألة ليست متاجرة بالعلم وفكرة القروض هي من اجل فتح قنوات تعليمية ذات مستوي راق يتناسب مع حاجتنا المستقبلية، فنحن دولة تتنامي بسرعة ونعاني في نفس الوقت من ترهل "غريب" في الموارد البشرية رغم اننا نملك العدد الكافي الذي يؤهلنا للنهوض وبسرعة إلا ان هذا العدد ليس مدربا تدريبا كافيا للقيام بما يفترض عليه القيام به. هذه الاشكالية التعليمية قد نجد لها مخارج وقد تفيد بعض المبادرات لحلها لكن تبقي الاشكالية الثقافية وهي اشكالية مجتمعية بحاجة إلي مكاشفة وشفافية وطرح المسكوت عنه اجتماعيا وثقافيا بقوة وجسارة لانه جزء من المسئولية الملقاة علي عاتق الحكومة والمسئولين.