اختفي الفنان القدير سعد أردش عن الأضواء في السنوات الأخيرة بسبب المرض وأيضا بسبب انسحاب الأضواء عن هذا الجيل العظيم من المبدعين الكبار كان سعد أردش حلقة في سلسلة ذهبية من رموز المسرح المصري الذين قدموا حياتهم لهذا الفن الجميل.. كان من الممكن أن يجمعني أكثر من عمل فني مع سعد أردش ولكن حالت الظروف دون ذلك.. عندما قدمت مسرحية "الخديوي" للمسرح القومي حاول الفنان القدير جلال الشرقاوي أن يجمع في المسرحية رفاق رحلته فاختار كرم مطاوع لكي يلعب دور الخديو إسماعيل واختار سعد أردش لكي يلعب دور ديليسبس وبالفعل بدأنا البروفات التي استمرت ستة أسابيع ثم توقف كل شيء وانتقلت "الخديوي" بعد ذلك إلي مسرح البالون يقدمها الفنان محمود ياسين وسيدة المسرح العربي سميحة أيوب.. ومازلت أذكر عندما سافرنا إلي مهرجان الجزائر المسرحي مع مسرحية الوزير العاشق ويومها رافقنا في الرحلة الفنان سعد أردش وكان سعيدا باستقبال الجمهور الجزائري للفن المصري الجميل.. كان سعد أردش يمثل مدرسة عريقة في الإخراج والأداء والفكر.. لم يتنكر طوال حياته لأفكاره التقدمية ولم يغير مفاهيمه تجاه قضايا المجتمع في الحرية والعدالة والفن الراقي.. وكان يمثل مدرسة في الأداء المسرحي لها مواصفاتها وأسلوبها المميز.. وفي السنوات العجاف التي اجتاحت المسرح المصري اتجه سعد أردش إلي مسلسلات التليفزيون ولعب فيها مجموعة من الأدوار التي تتناسب مع شخصيته وأدائه.. وقد فعل كرم مطاوع نفس الشيء وحقق جماهيرية أكبر مما حققه في المسرح.. وقد اكتشف هذا الجيل أن الزمان يتغير وأن الفن يتجه إلي طريق آخر من خلال الفضائيات التي غيرت أشياء كثيرة ويبدو أن الوقت كان قد تأخر كثيرا فلم يجد هذا الجيل فرصته في مواكب التغيير والفن السريع.. مرض سعد أردش في السنوات الأخيرة واختفي عن الأنظار وان بقي بتاريخه حاضرا كأستاذ كبير علم أجيالا كثيرة معني الفن الراقي والمسرح الأصيل والأداء المميز.. خسارة كبيرة أن يتساقط هذا الجيل شجرة بعد أخري وتخلو الحديقة من طيورها المغردة.