في الوقت الذي تسعي فيه الحكومة المصرية لتنشيط سوق السندات عبر التعاون مع خبراء دوليين في هذا المجال.. تم الاعلان عن الاتجاه لفرض ضرائب علي السندات بجميع أشكالها وهو ما أثار اعتراض العاملين في السوق الذين أكدوا أن عواقب فرض ضرائب علي السندات لن تكون في الاجل القصير لأن حجم التداول في هذا القطاع متواضع مقارنة بقطاعات أخري وانما ستكون في الاجل الطويل عندما يفقد القطاع بريقه. وأشار إلي أن دول المنطقة ولاسيما دول الخليج قطعت شوطا كبيرا في تنشيط هذا القطاع الواعد وكان الوقت كان قد حان لالقاء الضوء علي سوق السندات إلا أن القرار الأخير قلل الآمال المعقودة علي هذا المنتج الواعد، مشيرين في ذات الوقت إلي أن مصر ستفقد قدرتها علي المنافسة في هذا المجال في حال المضي قدما في تنفيذ قرار الضرائب. ومن جانبه يلفت أيمن الزيات المحلل المالي إلي أن سوق السندات كان من المفترض أن يكون قناة تمويلية هائلة يمكن أن تسهم في النهوض بتمويل المشروعات في ظل تغيب البنوك عن أداء دورها الفعال في العملية الاستثمارية، وتردد البنوك في الاقبال علي تمويل المشروعات الانتاجية للقطاع الخاص والاعتماد بصورة كلية علي الاقراض قصير الأجل الموجه أساساً إلي قطاع التجارة والقروض الاستهلاكية، ويتساءل الزيات: هل يعقل في ظل هذه الظروف أن نعمل علي إغلاق منابع أخري للتمويل البديل أو ما يطلق عليه اقتصاديا "الفرصة البديلة" مثل سوق السندات أمام المشروعات التي تشرب من بئر الحرمان مع تقاعس البنوك عن أداء دورها المنوط بها في التنمية. ويطالب الزيات بإعادة النظر في قرار فرض ضرائب علي السندات علي الأقل خلال السنوات الخمس القادمة وحتي يشتد عود هذا القطاع مشيرا إلي أن القرار تزامن مع أزمة مالية طاحنة يتعرض لها القطاع المالي، ويصف الحجج والمبررات بأن سائر دول العالم تفرض ضرائب علي السندات وأذون الخزانة بأنها مقارنة ظالمة وفيها جور لأن المقارنة هنا قائمة بين الدول المتقدمة وبين أسواق ناشئة مازالت تحتاج إلي الدعم والمساندة أما الدول التي فرضت ضرائب علي السندات وأذون الخزانة فهي دول في الغالب وصلت إلي مرحلة متقدمة. الضربة قاصمة أما عمرو زغلول المحلل المالي فقد أوضح أن القرارات التي اتخذتها الحكومة في الأيام الماضية تتمشي مع المثل الشعبي القائل "اسمع كلامك اصدقك.. أشوف أمورك استعجب" فكيف تعلن الحكومة عن سعيها الدءوب لتنشيط سوق السندات واعطائه دوره الحقيقي في الوقت الذي تتخذ فيه إجراءات تتنافي مع مساعي التنشيط ليس ذلك فقط بل ان التوقيت في حد ذاته خاطئ وأسهم في تفاقم الأزمات فبعد أن كانت الأزمة خاصة بالبنوك أصبح القطاع المالي كله يعاني الأمرين فهناك تراجع مخيف للبورصة أدي إلي تآكل معدلات النمو الذي احرزته الحكومة وظلت تتباهي به علي مدار العام الماضي أما البنوك فيصف زغلول أوضاعها بأنها مثيرة للدهشة حيث توجد قرارات متتالية اتخذها المركزي برفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم القاتل ولم تستجب البنوك إلا في المرة الثالثة وفي خطوة تسير علي استحياء بسبب السيولة المكتظة في خزائنها الأمر الذي أدي إلي زيادة المعروض النقدي وأدي إلي المساهمة في زيادة معدلات التضخم ثم أتت بعد ذلك خطوة لا تتسق مع الأزمة التي يمر بها القطاع المالي بأكمله وهو قرار فرض ضرائب علي السندات وأذون الخزانة علي الرغم من الدور الذي من الممكن أن تلعبه خلال الفترة القادمة في دفع عجلة النمو الاقتصادي ولكن للأسف ما حدث هو ضربة قاصمة للاستثمار الأجنبي. ويضيف أن سوق السندات في مصر يعاني من ضعف يرجع إلي وجود شركة تصنيف واحدة في السوق المصرية إضافة إلي أن عدد الشركات المصدرة للسندات تقل عن 10 شركات فقط الأمر الذي يستلزم وضع قواعد لمنح التراخيص ويمكن الاستعانة بالشركات الدولية في مجال التقييم ومن ثم دراسة توقيع العقوبات علي التقييم الخاطئ الذي يضر بمصالح المستثمرين وعلي الرغم من أن الهيئة أبدت رغبة بتوسيع هذا النشاط إلا أن القرارات الأخيرة مخالفة تماما للجهود وتعمل علي تقويضها وتآكلها من الناحية الأخري.