لم يختلف الخبراء كثيرا حول توصيف تقرير التنمية البشرية لواقع المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وغياب الدور الذي يجب ان تقوم به في المجتمع المصري كما اتفقوا في نفس الوقت علي معظم المعوقات والمشاكل التي رصدها التقرير وتقف امام عملها.. والاهم ان بعض الخبراء حذروا مما وصفوه بقنابل التنمية الموقوتة التي يجب اللحاق بها وابطال مفعولها قبل ان تهز المجتمع. رصد الخبراء التباين الواضح في معدلات التنمية، والحال السيئ لاوضاع النقابات العمالية وحالة الاحتقان بين العمال واصحاب العمل، كما اشاروا الي خطورة تعدد الوسطاء في قروض الصندوق الاجتماعي الذي يحصل علي التمويل بفائدة تتراوح ما بين 1% و4% ثم يقرضها للجمعيات بفائدة 7% لتقوم الاخيرة بإعادة اقراضها بفائدة تصل الي 12%!! وكما ترصد التقرير د. سلوي شعراوي استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية تري انه ينبه الي تباين واضح في مستوي التنمية المتحقق بالمحافظات، موضحة ان ذلك يظهر بشكل واضح في محافظات الصعيد وعدم قدرتها علي تحقيق اهداف الالفية، وتشير الي ان من اهم ما ركز عليه التقرير هو الشراكة بين الحكومة والجمعيات الاهلية التي يمكن ان تقوم بدور فاعل في تحقيق اهداف الالفية لافتة الي ان المجتمع المدني في مصر بدأ بالفعل في هذا المجال من خلال مشروعات عدة في مجالات كالتعليم وقضايا البيئة الا انه مازال هناك احتياج لدور اكبر للمجتمع المدني. ويتفق فؤاد ثابت رئيس اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية مع النقاط التي اثارها التقرير حول المشروعات الصغيرة ويقول ان الجهود المبذولة من الصندوق الاجتماعي والجمعيات غير كافية اطلاقا وتفتقر للكثير بسبب نقص التدريب وبخاصة في المجالات الجديدة ويوضح انه بالرغم من وجود مراكز التدريب في وزارة الاسكان والتعليم والصناعة والمحليات والمحافظات الا انه ليست هناك استراتيجية موحدة تحقق الاهداف المرجوة كما انه لم يتم تفعيل القرار الخاص بالمجلس الاعلي للعنصر البشري الذي ينص عليه قانون العمل ولم يجتمع المجلس منذ خمس سنوات واكد ان دور الدولة صفر فلديها الامكانيات ولكنها غير مستغلة فلاتوجد برامج تدريبية متطورة او المدربون الاكفاء فكلها طاقات مهدرة. ويري انه من المفروض النظر لبعض الحالات الخاصة مثل مشروعات المرأة المعيلة والمنزلية والاسرية والعائلية بخفض الفوائد عليها كما يعترض علي استكمال دور الصندوق الاجتماعي ويقول ان من 70% الي 80% من المشروعات يحملها الصندوق الاجتماعي فلقد ضخ الصندوق حوالي 8 مليارات جنيه خلال السنوات الماضية ووفر مليونا ونصف المليون فرصة عمل بينما تتمادي البنوك في طلب الضمانات من اصحاب المشروعات. غير المعقول وتري د. عالية المهدي احد معدي التقرير ان المجتمع المدني مقيد بعدد من العوائق التي تمنعه من النجاح في القيام بدور الوسيط للتوسع في دعم نشاط المشروعات الصغيرة، فمن ناحية يقدم الصندوق الاجتماعي القرض للجمعيات بفائدة 7% وتقدم الجمعية القرض بفائدة تتراوح ما بين 11 و12% بينما من الممكن ان يقدم الصندوق قروضه بفائدة اقل حوالي 5.5%، نظرا لان الجهات المانحة للصندوق تقدم تمويلها له بفائدة تتراوح بين 1 الي 4%، ومن ناحية اخري تحجم البنوك عن تمويل المشروعات الصغيرة حيث تقول عالية: "البنوك تتحجج بأن المشروعات الصغيرة ولكن الواقع ان الكثير من البنوك تحجم حتي عن تمويل المشروعات المتوسطة الحجم المدروسة مشيرة الي ان تجارب تمويل المشروعات صغيرة اثبتت انه مجال مأمون وان نسبة عدم السداد لا تتجاوز نصف في المائة. ولا تنفي د. عالية ماجاء في التقرير من مخاطر المشروعات الصغيرة بسبب غياب الدراسات الجيدة والمهارات الادارية لاصحابها الا انها تري ان الصندوق مسئول عن تدريب جمعيات المجتمع المدني لتوصيل الخبرات للمشروعات الصغيرة كذلك علي البنوك ان تكون اكثر فاعلية في التواصل مع العملاء الصغار. وحول العمل الميداني في مصر تقول عالية المهدي ان الجمعيات الاهلية تواجه تعقيدات ادارية تمنعها في بعض الاحيان من ممارسة نشاطها معتبرة ان المجتمع المدني هو البديل للمواطن عن الدور الحكومي الذي لا يكون ناجحا في بعض الاحيان وعن القطاع الخاص الهادف للربح تقول: "الكثير من مؤسسات الدولة الحالية كانت في الاصل جمعيات او مبادرات اهلية كجامعة القاهرة ومستشفي العجوزة وهناك مؤسسات اهلية تقوم في وقتنا الحالي بدور محوري في تقديم الخدمات المختلفة كمسجد مصطفي محمود في المجال الصحي وبنك الطعام في المجال الغذائي. وتري المهدي ان هناك نسبة كبيرة من الانفاق الخيري في مصر ولكنها غير موجهة بشكل مدروس وهو ما يضعف من اثارها في المجمل.