بعد انتشار حالات الغش في الأدوية بصورة كبيرة والتي وصلت إلي 10% من حجم الأدوية المتداولة عالميا اقترحت بعض الشركات الاجنبية المنتجة للدواء استخدام العلامات المائية في العبوات الورقية الحافظة للدواء وذلك أسوة بالعلامات المائية الموجودة في الأوراق المالية التي يصعب تزويرها.. وتري هذه الشركات ان استخدام العلامات المائية يجعل من الصعب غش البيانات الخاصة بالعبوات سواء المتعلقة بتاريخ الانتاج والصلاحية أو الشركة المنتجة.. ويتوقع القائمون علي امر شركات الدواء الكبري ان هذا الاقتراح سيمنع الغشاشين من اعادة بيع الدواء بعد انتهاء فترة صلاحيته عن طريق وضعه في عبوات جديدة وأيضا ستوقف انتاج الدواء في مصانع "بير السلم" وبيعه بأسعار منخفضة علي أنه من انتاج الشركات المنتجة له، ولكن هل يمكن تطبيق هذا الاقتراح في مصر. الخبراء اختلفوا حول إمكانية التطبيق حيث يري المعارضون لها أنه يمكن أيضا تزوير العلامات المائية كما أنها ستؤدي إلي ارتفاع تكلفة الانتاج والتي سيتم تحميلها في النهاية علي السعر النهائي للمنتج. أما الموافقون فيرون انها احد السبل لمواجهة حالات غش الأدوية خاصة مع صعوبة تزوير العلامة المائية التي تحتاج إلي اجهزة معقدة غالية الثمن. والدكتور ثروت باسيلي وكيل لجنة الصحة بمجلس الشوري يري أن اتجاه الشركات العالمية خاصة أكبر عشر شركات عالمية منتجة للدواء نحو أهمية استخدام العلامة المائية في تصنيع العبوات الورقية للدواء لمواجهة تقليد العلامات التجارية للأدوية أمر مهم وخاصة هذا التزوير يتم في مصانع متخصصة بواسطة افريقيا وشرق اسيا وذلك بغرض بيع هذه الأدوية بأسعار مخفضة حيث ينخفض سعرها حوالي 40% نتيجة عدم تحمل تكلفة العلامة التجارية الأصلية وأي أعباء ضريبية أخري. ويشير باسيلي إلي أن تقليد العلامة التجارية الرئيسية للدواء تندرج تحتها أشياء أخري كثيرة مثل غش الدواء وغيرها وهي تلحق الضرر بسمعة الشركة الأم الاصلية، لذا فإن العلامة المائية المقترح إدخالها ستساهم في حماية وحفظ حقوق الملكية الفكرية لمنتجي الادوية خاصة الانواع الغالية الثمن التي يصل سعر بعضها إلي 200 دولار للعلبة الواحدة. ويكشف باسيلي ان الشركات العالمية التي تستخدم العلامة المائية رغم أن تكلفتها عالية في الانتاج والتصنيع فإنها ستحاول عدم رفع السعر كثيرا من خلال تقليل هامش الربح لديها حتي لا تعطي الفرصة لمقلدي الادوية ايجاد سوق رائجة لمنتجاتهم. ويري الدكتور علي القريعي عضو مجلس إدارة شركة فايزر مصر للأدوية أن تفاقم نسب الغش والتدليس في البيانات الخاصة بالدواء علي مستوي الاسواق العالمية انتشرت بصورة كبيرة خلال الاونة الاخيرة حتي انها تجاوزت 10% من معدل الادوية المتداولة ويزيد من حالات الغش ارتفاع تكاليف الانتاج وزيادة أسعار المواد الخام المستخدمة في تصنيع الادوية ولذلك فإن بعض الشركات تلجأ إلي اعداد عبوات ورقية جديدة ومع انتهاء فترة الصلاحية لأحد الانواع وبدلا من اعدامه حيث تقوم بتغيير وتحديث بيانات علي العبوات الجديدة بما يفيد بأنها صالحة للاستخدام ويتم تسويقها من جديد وتكون النتيجة عن ذلك الغش إما اثارا جانبية سلبية لمستخدمي الدواء أو عدم وجود أي فاعلية للدواء. ويشير القريعي إلي أن الشركة المنتجة للدواء قد تكون المسئول الأول عن هذه الجريمة حيث تحاول تقليل خسائرها خاصة في ظل الركود الاقتصادي وزيادة أعباء التكاليف الانتاجية، أو قد تتم عملية الغش من خلال الشركات الموزعة والمسوقة للدواء بصورة غير رسمية حيث تفضل بعض هذه الشركات القيام بإعداد عبوات جديدة وبيع الدواء بدلا من ارجاع الادوية التي قامت بتخزينها ولم تتمكن من تصريفها حتي انتهي تاريخ صلاحيتها ويكشف د. القريعي ان هذه الشركات تقوم بالاتفاق مع احدي المطابع بصورة غير رسمية بطباعة عبوات جديدة تحتوي علي بيانات حديثة ويعاد تسويق الدواء مرة أخري. ويؤكد القريعي ان العلامة المائية التي يقترح بعض الشركات العالمية استخدامها مع العبوات الزجاجية ستكون لصالح شركات الادوية الملتزمة التي تحرص علي الحفاظ علي سمعتها التصنيعية بالأسواق ولكن هذا الامر يتطلب وضع خطة تفصيلية لتطبيقها في صناعة الدواء لضمان نجاحها.. خاصة ان تكلفة تصنيع هذه العلامات عالية وقد يتم تحميلها في النهاية علي سعر الدواء. ومن جانبه، ينفي الدكتور خالد أبوطاقية احد وكلاء وموزعي الادوية وعضو غرفة تجارة الاسكندرية الاتهامات الموجهة لشركات توزيع الدواء ودورها في تزوير البيانات المتواجدة علي العبوات الدوائية التي انتهي تاريخ صلاحيتها.