عادت ابنتي ذات الستة عشر ربيعا والتي تدرس في احدي الجامعات الخاصة إلي المنزل حزينة مكتئبة بعد ان التف حولها مجموعة من زميلاتها في الجامعة اللاتي حاولن اقناعها بضرورة ارتداء الحجاب واعتبرن أن عدم ارتدائها له هو نوع من المعصية..! وفي الوقت الذي تتزايد فيه جهود وتحركات العديد من الجماعات من أجل انتشار الحجاب في كل مكان فإن هناك ظاهرة اخري تتمثل في زيادة المواقع الالكترونية التي تطارد السيدات المشهورات اللاتي لا يرتدين الحجاب وتحثهن علي إرتدائه. ومن هذه المواقع الالكترونية موقع "حماسنا" الالكتروني علي الإنترنت الذي وجه أيضا رسالة إلي المذيعة الأمريكية المعروفة أوبرا ونيفري يحثها فيه أن تتعرف أكثر علي الحجاب وان ترتديه..! ويشيد هذا الموقع بأصدقاء الحجاب في القائمة التي تضم مجموعة من الفنانات مثل صابرين وحنان ترك وسهير البابلي "ليست بيننا صلة قرابة" وسهير رمزي..! ويضم الموقع أيضا قائمة بأعداء الحجاب منهم الكاتبة إقبال بركة والكاتبة نوال السعداوي والدكتور جابر عصفور ووزير الشئون الدينية التونسي أبوبكر قازوري ومجلة "روز اليوسف" وعضو البرلمان الهولندي إيات مرس! ومدير هذا الموقع واسمه محمد السيد قال في حوار لصحيفة "الراي" الكويتية ان موقعه يشن حملة دولية للدفاع عن الحجاب وانها موجهة إلي كل أعداء الحجاب الذين يرفضون انتشاره ويعارضون ظهور المحجبات علي الساحة. ويضيف.. علي نقول لهؤلاء ان الحجاب ليس رمزا دينيا وانما هو رمز للتقدم والرقي الحضاري، اضافة إلي كونه فرضا شرعيا علينا احترامه. والواقع ان مثل هذه المواقع الالكترونية وهذه الدعوات ذات النظرة والمفهوم الضيق انما تثير الكثير من الحساسيات والقضايا الجدلية ولا تخدم الإسلام ولا الدعوة الإسلامية بقدر ما قد تؤدي إلي تكوين حشد معاد للإسلام والمسلمين والتحذير من الصحوة الإسلامية. فارتداء المرأة للحجاب قضية شخصية تنبع من الواعز والحرص الديني وتأتي انعكاسا لرغبة بعض الناس في الالتزام بالحشمة كوسيلة لتجنب الكثير من المضايقات أو التحرش سواء كان في الطريق أو العمل أو في وسائل النقل العام. كما أن ارتداء المرأة للحجاب يأتي أيضا في أحيان كثيرة نتيجة لعوامل وظروف اقتصادية تجعل من الأيسر والأفضل للفتاة الاختباء وراء الحجاب للتغطية علي وضعها المادي والاجتماعي الذي قد لا يمكنها من شراء الملابس الجديدة والمتنوعة. ولا يوجد ارتباط كبير بين الحجاب والالتزام الديني، فكلنا يدرك ويعرف أن الحجاب لم يقف عائقا أمام انحراف بعض الفتيات، كما ان المشاهد المتكررة لحفلات الفنانين يظهر فيها العديد من الفتيات اللاتي ارتدين الحجاب وقد اندمجن في وصلات من الرقص المثير علي ألحان الأغنية، وفي مباريات كرة القدم المنقولة علي الهواء للملايين فإن العديد منهن كن أيضا من المشجعات المرحات المتعصبات بشكل مثير.. ولن ننسي الكثيرات منهن اللاتي تدافعن لاحتضان أو تقبيل المطرب الذي كان مسجونا لهروبه من التجنيد وملاحقتهن له واصابتهن بالإغماء عند رؤيته..! إننا لا نعني بذلك هجوما علي الحجاب أو دعوة لعدم ارتدائه وانما نؤكد علي قيمة أساسية من قيم حقوق الانسان وهي الحق في ارتداء ما يريد ما دام ذلك في اطار الالتزام واحترام قيم وتقاليد وعادات المجتمع، فالحشمة مطلوبة سواء كانت بحجاب أو بدونه لأنها جزء لا يتجزأ من احترام المرأة لنفسها وحرصها علي تجنب الشبهات وإثارة الاطماع والغرائز. ولكننا نقف معارضين ومنددين لمحاولات فرض الحجاب بأسلوب التشهير والتخويف وهي أساليب لم تعد مقبولة للدعوة والترغيب والاقناع، ونعتقد انها اصبحت جزءاً من ثقافة الاتجار بالدين والتي أصبحت سارية ولها من يتكسب من ورائها ومن يحصد من خلالها الثروات والمكاسب والنفوذ أيضا..! كما أن اسلوب رصد أصدقاء وأعداء المحجبات هو دعوة صريحة لمعارك فكرية ومواجهات ساخنة لن نحصد من ورائها إلا المزيد من التحزب ضد الإسلام والمسلمين، فأوبرا وينفري لن ترتدي الحجاب ولن تستمع "لحماسنا" وأغلب الظن أن مثل هذه الدعوة ستجعلها أكثر تعاطفا مع الجانب الآخر الذي يحذر من التشدد الإسلامي..! ** ملحوظة: حتي لا يقوموا بتصنيفي في خانة المعادين للحجاب أقول لهم ان زوجتي وعائلتي كلها بلا استثناء يرتدين الحجاب عن قناعة وبدون ضغط أو إكراه أو توجيه من أحد.. وهذا ما نحث عليه ونطالب به. [email protected]