ينفي المسئولون تماما ان تكون الحكومة قد تخلت خلال الفترة الماضية عن دورها التنظيمي والرقابي في السوق بينما يتهمها الخبراء بأنها ظلت غائبة حتي حدثت تلك الموجات المتتالية من الارتفاع في الأسعار بحيث اصبحت فوق طاقة المواطن البسيط حيث زادت أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 11.5% واسعار الطعام والشراب بنسبة 16.2% خلال العام الماضي وذلك وفقا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء. فهل تنجح الحكومة الآن في ممارسة دورها المنشود.. هذا ما تطرحه "العالم اليوم". يؤكد د.سيد حجاج مدير عام المنافسة بقطاع التجارة الداخلية ان الدولة لم تتخل عن دورها التنظيمي داخل الاسواق وان كانت هناك فترات اقتصادية استدعت ضرورة تماشي الحكومة مع التغيرات الاقتصادية سواء علي المستوي المحلي او العالمي ومن ضمن هذه المتغيرات ضرورة استنهاض مزيد من الاستثمارات المحلية والاجنبية داخل مصر كنتيجة حتمية لزيادة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولاطراد النمو الاقتصادي القومي وتفعيله بحيث يلقي بظلاله الايجابية علي الاقتصاد القومي المصري. موضحا ان الفترة الاخيرة شهدت بالفعل اصراراً حكومياً للتواجد داخل الأسواق المصرية للقضاء علي ظاهرة الاحتكار في بعض السلع وذلك من خلال تبني مجموعة من الآليات المختلفة الممثلة في جميع قطاعات الاقتصاد القومي لاحداث توازن حقيقي بين القطاعات العاملة سواء كانت القطاع الخاص او الاستثماري او حتي قطاع الأعمال العام. ويري د.سيد حجاج ان من ابرز المستجدات التي استدعت تدخل الحكومة بشكل مباشر هذه المرة هي الزيادة المطردة في أسعار السلع الاساسية والاستراتيجية الي الحد الذي جعل المواطن البسيط يعجز احيانا عن تلبية حاجاته الضرورية، ومن هنا جاء دور الحكومة في زيادة عدد منافذ البيع الحكومية وعدد المجمعات الاستهلاكية وتطويرها وانشاء أسواق للجملة، وان كان التحدي القادم أمامها خلال الايام المقبلة هو العمل علي انتشار هذه المنافذ حتي تتم زيادة المعروض من السلع الأمر الذي يؤدي بدوره إلي اتاحتها بأسعار معقولة للمواطنين. وينفي د.سيد حجاج فكرة ان تدخل الحكومة قد يؤدي إلي تهميش دور القطاع الخاص داخل الأسواق المصرية مما يخل بمبدأ تفعيل آليات السوق الحر، مؤكدا ان انشاء المزيد من أسواق الجملة علي سبيل المثال يهدف إلي تقليل الهوامش التسويقية بين الوسطاء ومن ثم اتاحتها للمستهلك من خلال منافذ مؤهلة للبيع وبأسعار معقولة، كما اننا اذا كان ننشر بالفعل القضاء علي موجة الغلاء التي تشهدها الأسواق المصرية، يتعين ان يتم الاكتفاء بتحقيق "ربح عادل" لجميع اقتصاديات السلع بدءا من عملية الانتاج او الاستيراد ومرورا بجميع حلقات التداول والتسويق ونهاية باتاحة أسعار البيع للمستهلك، وهو ما اغفل بعض التجار مراعاته حيث عمدوا إلي زيادة هامش الربح للسلع بشكل خيالي علي حساب المواطن البسيط. مؤكدا انه طالما اننا نتبني فكر السوق المفتوح وآلياته الحرة، فإن التحدي الحقيقي امامنا هو عدم ترك هذا السوق تماما دون تنظيم ورقابة شريطة عدم الاضرار بالعاملين والمستثمرين فيه من ناحية ودون الانتقاص من حقوق المستهلك من ناحية اخري. وفيما يتعلق بشعور المواطن بعدم جدوي المجمعات التعاونية والمعارض الموسمية يري د.سيد حجاج ان السر في ذلك يرجع إلي أن التعاونيات مازالت تفتقر بالفعل لوجود كوادر بشرية تنفيذية مؤهلة تقوم بادارة مثل تلك المشروعات، كما ان التحدي الحقيقي امام الحكومة حاليا هو محاولة توفير كميات كبيرة من السلع الضرورية بمواصفات وجودة تقوم بتدبيرها في محاولة لتحديد أسعار مرضية ومريحة بشكل عادي ومناسبة ايضا لاذواق جميع فئات المستهلكين بما يحقق مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية وهذا ما تسعي إليه الحكومة حاليا. التطوير والتحديث محسن زاهر - رئيس جمعية النيل للمجمعات الاستهلاكية - يري أن سلسلة المجتمعات الاستهلاكية والمنافذ التموينية التي يلجأ إليها المواطن لشراء حاجاته بسعر أرخص، تعد بمثابة آلية شديدة الأهمية تحرص عليها الحكومة لاستخدامها في الوقت المناسب لضبط الأسعار واعادة التوازن للسوق المصري. مؤكدا ان التحدي الذي واجه تلك المجمعات الاستهلاكية مؤخرا هو احتياجها الشديد للتطوير والتحديث حتي تستطيع منافسة.. سلاسل الاسواق المتواجدة حاليا والتي تحرص علي عرض سلع متنوعة بأسعار متفاوتة غالبا ما يكون هامش الربح لديها كبيراً. ولأن الهدف من انشاء هذه المجمعات الاستهلاكية هو اتاحة السلع بأسعار منخفضة وجودة أعلي امام المواطن البسيط، وهو الأمر الذي يتطلب التخلي عن هامش الربح لتلك السلع وبيعها بسعر التكلفة، واصبحت هناك ضرورة لتطوير فكر وشكل الادارة لها وهو ما أعلنت عنه الحكومة مؤخرا من خلال تطوير جميع فروع ومنافذ بيع السلع الغذائية المنتشرة في جميع محافظات مصر والبالغ عددها 3725 مجمعا استهلاكيا لمواجهة ظاهرة ارتفاع الأسعار.