بالتأكيد فإن الحسنات التي حدثت داخل القطاع المصرفي في عام 2007 كانت أكثر من السيئات ويكفي أن نقول ان هذا القطاع كان محور اهتمام المستثمرين العرب والأجانب علي حد سواء فقد شهدت بداية العام اتمام صفقة استحواذ بنك سان باولو الايطالي علي 80% من أسهم بنك الإسكندرية كما استحوذ العرب علي حصص رئيسية في بنوك الوطني المصري والوطني للتنمية والدلتا الدولي "الأهلي المتحد" وغيرها. كما شهد القطاع أيضا تطورات إيجابية خاصة علي مستويات: 1- سوق الصرف حيث واصل السوق استقراره وسط تراجع ملحوظ للعملة الأمريكية أمام الجنيه وتخلص المدخرين من الدولار. 2- سعر الفائدة حيث تراجعت الأسعار سواء علي مستوي مدخرات الأفراد "الودائع" أو علي مستوي التسهيلات الممنوحة. 3- تنامي احتياطيات مصر الدولية لتكسر ولأول مرة حاجز الثلاثين مليار دولار وتغطي نحو 9 أشهر من واردات مصر السلعية علي الرغم من القفزات في حجم الواردات. 4- استمرار سياسة تدعيم المراكز المالية للبنوك حيث قامت العديد من البنوك بزيادة رؤوس أموالها المدفوعة بأكثر من المبالغ التي حددها البنك المركزي وهي 500 مليون جنيه وكان من بين هذه البنوك باركليز وبي ان بي باريبيا وعودة وقناة السويس وHSBC Syndications حيث منحت البنوك قروضا بمليارات الجنيهات لمشروعات كبري تعمل في مجال البتروكيمياويات والغاز والأسمدة والأسمنت والاتصالات. 8- حدوث قفزة في ودائع البنوك بدرجة لافتة للنظر وطبقا لآخر أرقام صادرة عن البنك المركزي فإن إجمالي الودائع لدي البنوك بما فيها الحكومية تجاوز 4.676 مليار جنيه نهاية شهر سبتمبر الماضي. وهناك تطورات ايجابية كثيرة أخري سواء علي مستوي جودة الأصول وإدارة الأحوال ومعدل كفاية رأس المال والتوظيف وغيرها إلا أن هناك إخفاقات شهدها القطاع المصرفي وكان من المنتظر حسمها خلال عام 2007 ويبدو أن هذه الإخفاقات ستشكل أبرز الموضوعات الملحة في أجندة عام 2008. ونعرض في السطور التالية جانبا من هذه الإخفاقات. ملف التعثر علي الرغم من أن هذا الملف شهد تطورات سريعة خلال السنوات الأربع الماضية بشكل عام و2007 بشكل خاص إلا أن هذا الملف لم يغلق بعد وهو مرشح لجذب الاضواء في عام 2008. وبالأرقام فإنه تمت تسوية نحو 70% من مديونيات القطاع الخاص وبالتالي يتبقي 30% منها في طور الحسم. كما تمت تسوية 75% من مديونيات صغار المتعثرين ببنوك القطاع العام طبقا للمبادرة التي أطلقها البنك المركزي وطالت متعثري بنوك الأهلي المصري ومصر والقاهرة والتنمية الصناعية المصري والعقاري المصري العربي. وعلي الرغم من المبادرات التي اتخذتها البنوك لتسوية المديونيات المتعثرة وديا وبعيدا عن ساحات القضاء إلا أن دفاتر المحاكم لاتزال مليئة بالنزاعات التي تحتاج لسنوات طويلة من الحسم. كبار المتعثرين وإذا كان ملف المتعثرين قد شهد حراكا في نهاية 2007 إلا أن ملف كبار المتعثرين لم يطلا هذا الحراك باستثناء ملف عاطف سلام والذي نجح البنك العقاري المصري العربي في إنجاز تسوية تم بمقتضاها حصول 13 دائنا "بنك وشركة" علي أصول سلام بما يعادل المديونية المستحقة عليه والتي تزيد علي المليار جنيه. كما شهدت اللحظات الأخيرة من عام 2007 تسوية مديونيات مستحقة علي اثنين من كبار رجال الأعمال المحبوسين حاليا علي ذمة قضايا البنوك هما حسام أبو الفتوح ومجدي يعقوب لكن الملاحظ أن هذه التسويات لم تطل الجزء الأكبر من المديونيات المستحقة علي هؤلاء وفي مقدمتها مستحقات بنك القاهرة. وعلي سبيل المثال فإن حسام أبو الفتوح مدين لبنك القاهرة بأكثر من مليار جنيه أما مجدي يعقوب فمديونياته للبنك تناهز ال 700 مليون جنيه. وتكمن المشكلة الأكبر في مديونيات رامي لكح فخلال 2007 لم يشهد هذا الملف أي حراك يذكر وعلي الرغم من استخدام رجل الأعمال الهارب للشائعات في اعطاء انطباع بوجود تسوية جدية منه للمديونيات المستحقة عليه إلا أن الجميع بات علي قناعة بأن لكح ليس جادا في التسوية وأنه يتلاعب بالجميع لكسب الوقت وتحقيق مكاسب عن طريق التلاعب في أسهم شركاته.