علي الرغم من انها ليست الأولي من نوعها فإن حادثة غرق عدد من الشبان المصريين علي السواحل الايطالية في محاولة للهجرة غير الشرعية هزت الرأي العام وسلطت الضوء علي حالات البطالة والفقر المتفشية في الريف المصري وهو ما دفع الحكومة الي تقديم تيسيرات جديدة للمشروعات الصغيرة بتخفيض المدة الزمنية اللازمة لمنح القروض في محاولة لتقديم المشروعات الصغيرة كأمل لمستقبل أفضل لشباب الريف من الموت غرقا سعيا وراء حلم الهجرة.. وفي هذا التحقيق طرحنا هذه الفكرة علي خبراء المشروعات الصغيرة الذين كشفوا لنا عن معوقات بيروقراطية عدة تجعل هذا البديل غير مطروح بقوة أمام الشباب إذا ما قورن مع أحلام الهجرة إلي أوروبا كما كشفوا ايضا عن تجارب ناجحة خاضها شباب من الريف حاولوا ان يتعايشوا مع الواقع وأجابوا لنا عن طرق مواجهة هجرة الشباب المصري للموت من خلال المشروعات الصغيرة. لا ينكر أي من المراقبين أو الممارسين في قطاع المشروعات الصغيرة أن هناك تقدما ملموسا حققته جهود الدولة في هذا المكان إلا أن بعض الخبراء يرون أن ارتفاع معدلات الفقر في الريف مع المصاعب البيروقراطية التي تواجه الشاب لإنشاء مشروعه الصغير تجعل فكرة الهجرة غير الشرعية فكرة مغرية، كما يقول أحمد السيد أستاذ علم الاجتماع الريفي والناشط في مجال المشروعات الصغيرة في محافظة الشرقية وهي إحدي المحافظات التي ينتمي إليها ضحايا الهجرة الشرعية، فقد حاولت الحكومة أن تسهل من إجراءات إنشاء المشروعات الصغيرة من خلال تطبيق فكرة "الشباك الواحد" إلا أن البيروقراطية أفسدت هذه الفكرة فعلي الشاب انهاء إجراءات قد تستغرق 5 أو 6 أشهر وبعدها قد يتم رفض مشروعه لعدم قدرته علي توفير الضمانات التي يطلبها البنك لتقديم القرض والتي تتسم بالصعوبة البالغة أو حتي لعدم السماح بتنفيذ المشروع داخل القرية ومنها حظر إنشاء ورش النجارة داخل القري لما تسببه من تلوث ضوضائي ويتساءل: لماذا لا يعرف الشاب ان كان مقبولا أو مرفوضا من البداية قبل الخوض في كل هذه الإجراءات البيروقراطية؟ التسويق والفائدة ويلفت أحمد السيد إلي أن صعوبات التسويق تمثل عاملا كبيرا من عوامل التعثر فهي السبب في فشل 70% من المشروعات الصغيرة في المحافظات حسب إحدي الدراسات.. مشيرا إلي أن الشاب لا يجد الاستشارات التسويقية الكافية بعد تسلم القرض وبعض الشباب يدخلون في مشروعات كتربية الحيوانات علي سبيل المثال دون أن تكون لديهم الخبرة اللازمة لهذا النشاط كتكوين علاقات مع التجار في هذا القطاع علاوة علي أن المعارض التي ينظمها الصندوق للشباب تنظم علي فترات متباعدة ومعارض الأسر المنتجة تسوق منتجات هذه المشروعات بشكل روتيني للغاية، كما يلفت إلي أن هناك عوامل تعرض الفلاح للتعثر في السداد تتعلق بطبيعة نشاطه كمزارع فدخل الفلاح موسمي كما أنه كثيرا ما يتعرض لارتفاع اسعار مدخلات الإنتاج وأسعار إيجار الأراضي. ويري السيد ضرورة اعتماد الصندوق الاجتماعي علي الجمعيات الأهلية كوسيط بينه وبين الشباب فالصندوق يعتمد علي الجمعيات حاليا في تقديم قروض أقل من 10 آلاف جنيه وتقدم الجمعيات هذه القروض بضمانات متساهلة علي عكس البنوك ويطالب السيد برفع الحد الأقصي للقروض التي تمنحها الجمعيات وتقليل فائدة الصندوق علي قروضه للجمعيات من 10% إلي 7% وإطالة فترة السداد من 18 شهرا إلي 3 أو 4 سنوات حتي يكون في استطاعة الشباب سداد هذه القروض.