قلب وعقل هذا الوطن "بخير" فطالما مازال لدي الناس مساحة من المشاعر والتفكير نحو الآخرين، فإنه لا خوف من أن تأكلنا الأنانية أو تقضي علينا الحياة المادية. لقد وصلتني من الرسائل بالبريد الإلكتروني، والاتصالات التليفونية فور نشر مقال "أميرة حبي أنا" الأسبوع الماضي، ما أثلج صدري، والأهم أنه أثلج صدر أميرة وحملت كل الاتصالات مشاعر تحرك أي قلب قد يكون نسي الحب والتعاطف وتحجر من الإهمال والتجاهل مثل قلب أميرة فنسي أن هناك أناسا قد يهرعون للتضامن ومد يد العون بدون معرفة مسبقة أو بدون مصلحة. وسأستعرض سريعا تلك الرسائل التي حملت اقتراحات حول حالة أميرة.. علما بأني أحتفظ بأسماء البعض كاملة دون نشرها نزولا عند رغبتهم. محمد سيوفي مهندس معماري تعهد بتقديم مبلغ شهري لأميرة ولأسرتها وسلم الإجمالي السنوي وقدره 4800 جنيه، وتم توصلها للاسرة بمعرفته، لأنني مجرد وسيلة ولست وسيطا بين فاعلي الخير وهذه الطفلة. أما المهندس حسام عامر فقد عبر عن بالغ تأثره بقصة أميرة واقترح تقديم مبلغ شهري وقدره 100 جنيه للمحافظة علي استمرارها في دراستها مع استعداده لدفع إجمالي المبلغ سنويا. وبدورها عرضت السيدة أميرة فتحي، وهي من سكان المنصورة محافظة الدقهلية أن تتكفل بجميع المصروفات الدراسية والملابس والاحتياجات الأخري لهذه الفتاة.. وقد أمددتها بالعنوان والتليفون الخاص بقريب أميرة الذي يمكن أن يكون همزة الوصل. أما الأخ سيد عبدالمتولي وهو تاجر جملة عرض بدوره تقديم مساعدة عينية شهرية تحتوي علي مواد تموينية، وبطاطين والأهم مثلما قال "فراخ ولحمة" لأن قلبه انفطر من التأثر عندما قرأ في رسالة أميرة أنها تتمني أن تكون كل الأيام "خميس" لأن والدها - قبل أن يتوفاه الله - كان يشتري لهم فرخة كل يوم خميس، وأن "الطبيخ" إذا كان هناك "طبيخ" الآن أصبح "أورديحي". ولقد سعدت أيما سعادة برسالة معينة بين الرسائل التي وصلتني لأنها جاءت من مجموعة من الشباب، أكبرهم لا يتجاوز العشرين، وكانت موقعة: مجموعة من طلبة الجامعة الأمريكيةبالقاهرة.. مع ذكر أسمائهم وتليفوناتهم واقترحوا العديد من الحلول التي تعالج ظاهرة التسرب من التعليم.. سوف أفرد لها مساحة قادمة نظرا لأهمية ما تضمنته. كما اتصل بي كل من السيدة دينا بهير وزوجها، والسيدة مني غنام والمهندس صفي والمحاسبة نهي، والمحاسب صفوت، والآنسة عبير، وغيرهم كثيرون فضلوا عدم ذكر اسمائهم.. وكلهم عبروا عن استعدادهم لتقديم المساعدة وطلبوا تحديد الكيفية، ونوعها وفقا للجهود الجماعية الأخري، وحتي تكون مفيدة للأسرة وغير مكررة. وإذ أشكر كل من فكر وسارع إلي المساهمة في تقديم يد العون فلابد أن أسرد كلمة بسيطة قالتها أميرة عندما اتصلت بها لاعلمها بهذه "الوثبة" التي تضافرت فيها جهود العديد من أبناء مصر الخيرين والمعطائين.. قالت: ده كتير أوي يا أبلة.. ممكن أدي شوية لسهام صاحبتي لأنها موش قادرة تدفع مصاريف المدرسة والكتب! إن قلب وعقل أميرة ملئ بالخير مثل القلوب التي هبت لنجدتها، وهي ليست أقل من أي شخص من الذين تدافعوا لمساعدتها، فقلبها معطاء وآثرت صديقتها لتتقاسم معها ما حصلت عليه ولم ترد أن تحتفظ به كله لنفسها. حقيقة إن "أميرة" تفوقت علينا! وأحب في هذا السياق أن أفرد المساحة الباقية من مقالي لرسالة شديدة التميز بعث بها "أحمد. س"وعذرا لأنه رغب في عدم الكشف عن اسمه، ويطرح رؤية كاملة لقضية أميرة ويقدم حلا جذريا لمثل هذه المشاكل التي تواجه هذه الفئة من مجتمعنا وهو انشاء صندوق لدعم التعليم. وفيما يلي الرسالة الاستاذة ... تحية طيبة وبعد،،، قرأت مقال اليوم والذي عنوانه "أميرة حبي أنا" وقد تأثرت بالغ التأثر بما ذكر في هذا المقال وتحسرت علي زمن يصبح فيه هم الانسان ان يبحث عن 32 جنيها مصريا لدفع مصاريف المدرسة بالرغم من كل مايذكر عن مجانية التعليم وتعجبت أكثر لموقف إدارة المدرسة في قريتها الصغيرة والتي تعرف بالتأكيد حالة هذه الفتاة ورغم كل ذلك تصر علي عدم تسليمها الكتب الدراسية قبل دفع المصروفات .. سيدتي: لقد كنت اعتقد ان الريف المصري مازال فيه بعض الشهامة والمروءة وان التكافل الاجتماعي واموال الزكاة يمكن ان تحل مثل هذه الامور ولكن من الواضح أن آلافة التي اصابت المدن قد وجدت طريقها الي الريف أيضا. ولذلك فأنا اقترح أن ندعو الي تكوين صندوق لدعم تعليم مثل هذه الحالات وأن يتولي احد البنوك العاملة في مصر احتضان هذا الصندوق وإدارته للصرف علي مثل هذه الحالات بالتعاون مع إحدي مؤسسات المجتمع المدني علي غرار مايفعله "البنك التجاري الدولي" في صندوق الخير إذ يتم تخصيص تبرع لدعم التعليم في كل من كليات تجارة القاهرة وعين شمس واسيوط. أتمني ان اشارك معك في حملة قومية أو انشاء مؤسسة مدنية لدعم تعليم مثل هذه الحالات سواء كانت فتاة أو فتي واعتقد أن هذا الاقتراح سوف يلقي الدعم من السفيرة مشيرة خطاب الامين العام للمجلس القومي للطفولة والامومة كما اعتقد ان العديد من منظمات الاعمال يمكن ان تساعد في دعم مثل هذا المشروع من خلال برامج المسئولية الاجتماعية لديها Corporate Social Responsibility.