24 ساعة

استفزاز تركيا

في تحد سافر لقرار الحكومة التركية بالتدخل عسكريا في شمال العراق لمطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني الانفصالي قام الأخير بهجوم علي الجيش التركي أوقع خسائر كبيرة في الأرواح.
وأدي الحادث إلي استفزاز شديد في دوائر الحكومة التركية والجيش التركي والشارع التركي الذي يتطلع إلي حكومة أردوغان التي حظيت بأغلبية كبيرة إلي التحرك لتحقيق الأمن والقضاء علي التهديد الإرهابي الذي يمثله حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.
وكان الحزب المحظور في تركيا والذي يلجأ جناحه العسكري إلي عمليات إرهابية للضغط علي الحكومة التركية قد نقل قواعده إلي شمال العراق وأقام معسكرات تدريب حسب المعلومات الواردة من المصادر التركية.
وتنطلق العمليات من القواعد في الأراضي العراقية لتوقع الخسائر وتتسبب في التفجيرات وتعود إلي الاختباء في شمال العراق حيث تتواجد أغلبية كردية في منطقة كردستان العراق.
وقد وضعت هذه الأحداث الحكومة العراقية والحكومة الأمريكية والحكومة التركية في مأزق إذ إنه يتعين علي الأكراد في العراق أن يعلنوا براءتهم من أعمال حزب العمال الكردستاني ويطردوا عناصره من الشمال متجاوزين في ذلك الصلة العرقية لتغليب المصلحة السياسية حتي تبقي تركيا خارج دائرة أي تدخل عسكري يؤدي إلي مزيد من التعقيدات في الموقف غير المستقر أساسا في العراق.
ويتعين علي حكومة بغداد أن تضغط علي حلفائها من أكراد الشمال العراقي لتفضيل اختيار المحافظة علي المصالح العراقية بالابتعاد عن التعاطف مع حزب العمال الكردستاني والحيلولة دون توفير قواعد أو ملاذات آمنة لقياداته.
وجاء الحادث الأخير وكأنه استباق للمحاولات التي تستهدف حل المسألة بطريقة سلمية إذ تجري مشاورات مكثفة بين الأطراف العراقية والأمريكية والتركية لنزع فتيل الأزمة وإغلاق الحدود في وجه العناصر التي تضرب في تركيا وتهرب إلي العراق.
وربما كان الحادث الأخير يستهدف استفزاز الجيش التركي للإسراع بالدخول في عملية لم يتم التجهيز السياسي والعسكري لها جيدا وبالتالي تؤدي إلي خسائر جسيمة أو تورط الجانب التركي في مستنقع إقليمي يصعب الخروج منه.
علي أية حال لاتزال تركيا تفكر - كما يبدو - في جدوي العمل العسكري دون تحضير سياسي جيد له، كما أن القوات النظامية عادة لا تحقق نتائج ملموسة في حرب هي بطبيعتها ليست نظامية وإنما تعتمد علي تحين الفرص الكر والفر ليصبح السؤال: ماذا ستفعل قوات نظامية في أقاليم جبلية واسعة؟ إنها دون أن تخطط للبقاء طويلا لا يمكنها أن تحقق نتائج.