أربعة دفعة واحدة، أربعة صحفيين ورؤساء تحرير يواجهون عقوبات الحبس والغرامة.. إبراهيم عيسي، وائل الابراشي، عادل حمودة، وعبدالحليم قنديل. لا اتفق مع أكثرهم، وقد اختلف مع بعضهم في أحيان كثيرة، وقد انزعج في أغلب الأحيان من نبرات بعضهم الزاعقة، وكلماتهم الحادة المدببة، ولكنها تظل في النهاية كلمات. هم لم يشرعوا سلاحا، أو يرفعوا شومة، أو يفتحوا مطوة قرن غزال كل منهم لديه قلم.. وورق أبيض.. وذهنه مملوء بالكلمات. "بعض الكلمات قبور" هكذا قيل شعرا ولكنه في نفس القصيدة ولذات الكاتب الشاعر "وكان بعضها نور". والنور بالقطع يضيء الظلمة، والقبور تتحول -كما في الواقع- إلي مساكن للأحياء. الكلمة لا تقابل إلا بالكلمة، والفكرة تقابلها فكرة، والشطط أمامه المنطق والعقل يفضح ذلك كله، ويعريه من فاسد التكوين. أما "الحبس يا مولاي" فيعني غياب الحجة والمنطق ولو كان هناك بمنطق الكرة "فراودة" يستطيعون دخول الحلبة، ومصارعة الظلمة بالنور، والفكرة بالفكرة، لما كانت هناك قوانين الحبس، ومنطق الحبس، وأفعال الحبس، لكن.. أي مجادلة يجب أن تكون مدعومة بالواقع، والأرقام والحقائق.. أي مجادلة تناقض الواقع هي متهافتة، ساقطة بطبيعة الأحوال.. وعلينا أن نبدأ بالواقع وأن نعمل جاهدين علي تحسينه. لو أحس الناس أن التطور النظري، والمؤشرات المتصاعدة قد انعكست عليهم.. ووصلت إليهم لن يصدقوا أو يتعاطفوا مع كلمة واحدة يقولها ناقم أو منافس أو حاقد أو حتي مغرض. من التراب نشأنا وإلي التراب نعود.. أي أن الواقع هو المبدأ والمنتهي، هو المعيار والتقييم، فلا داعي إذاً لإثارة كل قنابل الدخان الجانبية. هناك نغمة غاضبة.. غير راضية.. تنتشر، وهناك مجهود يحاول ضبط ايقاع الواقع وتعميمه.. هناك حلم مقابل حلم.. لكن هناك أيضا عجز "عن توصيل المعلومة" من أعلي إلي "الناس اللي تحت"، هناك عجز في جانب وتصعيد في جانب آخر، ولكنها كلمات في كلمات. الواقع يستطيع أن يأكل كل الافاعي التي تسعي، ويشق البحر ليسير الناس، ركزوا علي تحويل الأرقام إلي واقع، شقوا البحر بواقعكم، اتيحوا الفرصة أمام السائرين للنجاة من الغرق. وساعتها لن تصبح للكلمات الظلماء كما يظن البعض أي صدي أو جدوي. افعلوا كل الأشياء المتعبة المرهقة كالعمل. قولوا ورددوا وواجهوا بالحقائق، اعملوا وقولوا أي حاجة.. "إلا الحبس يا مولاي".