دفعت التوترات السياسية والخلافات بين الطوائف المختلفة في لبنان بعض المؤسسات والمنظمات العربية إلي نقل انشطتها أو مقار اقامتها إلي عواصم عربية اخري في مقدمتها دبي والدوحة وعمان. ومع اقتراب الازمة اللبنانية من عامها الثاني وتصاعد الخلافات واقتراب الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في 25 سبتمبر المقبل والتي يتوقع ان يزداد الموقف اشتعالا خلالها ويري البعض ان هناك احتمالا لهروب الاستثمارات العربية من لبنان إلي دول أخري مجاورة اذا ما حسمت الانتخابات القادمة حالة التوتر السياسي داخل لبنان وفي حالة استمرار الأوضاع علي ما هي عليه، فإن السؤال المطروح هو: هل ستكون مصر من بين الدول المرشحة لاستقبال الاستثمارات المهاجرة من لبنان أو تلك العربية التي قررت عدم ادراج بيروت ضمن أسواقها المرتقبة؟ من جانبهم يؤكد الخبراء ان حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها المنطقة بشكل عام عامل طرد لأي استثمارات كما ان الحالة المصرية تتميز بالعديد من المشكلات يأتي علي رأسها التعقيدات الادارية والبيروقراطية وعشوائية القرارات الاقتصادية في احيان كثيرة بالاضافة إلي التشريعات الطاردة للاستثمار كل ذلك يمنع ان تكون مصر هي الدولة الجاذبة للاستثمارات العربية التي يمكن ان تغادر لبنان في حالة استمرار الاوضاع السياسية علي ما هي عليه الآن؟ بداية يشير د.محيي الدين علم الدين عضو لجنة التحكيم الدولي إلي أن الظروف التي تمر بها بيروت وخاصة مع استمرار الاعتصام لمدة تجاوزت 280 يوما ايضا التناحر بين الطوائف المختلفة والاشتعال المتوقع مع الانتخابات الرئاسية خلال الشهر المقبل. وعن الكيفية التي يمكن بواسطتها جذب الاستثمارات العربية والاجنبية التي كانت تتجه بأنظارها إلي لبنان أوضح د.محيي الدين انه في الماضي كانت هناك عاصمتان للجوء السياسي وبالتالي لتجمع أموال هؤلاء اللاجئين وخاصة الأثرياء منهم وهما جنيف بسويسرا وبيروت في المنطقة العربية حيث تمتع النظام المصرفي في المدينتين باحترام سرية البيانات ولكن عندما بدأ العالم في كافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الارهاب فقدت المدينتان تلك الميزة بل تم اعتبار المنطقة العربية كلها ذات مخاطر عالية، مشيرا إلي أن مصر تلقت طلبات من الأممالمتحدة بايعاز من الولاياتالمتحدة بالكشف عن حسابات اموال افراد معينين وبالفعل قام المركزي بالتحفظ علي هذه الاموال وكان ذلك في اعقاب احداث سبتمبر 2001. ومن جهة نظر د.محيي الدين فانه من الصعب ايجاد عاصمة تتمتع بالاستقرار السياسي والاقتصادي معا في الشرق الاوسط موضحا انه بالنسبة للأموال العربية فإنها لا تتجه إلي مصر أو لبنان وانما تتجه إلي سويسرا او الولاياتالمتحدة. ويوضح ان نزاعات الاستثمار التي تقع بين المستثمرين الاجانب والحكومة المصرية والتي تؤدي إلي اقامة هؤلاء المستثمرين لقضايا يحكم فيها غالبا علي مصر بالتعويض بمبالغ فلكية ادي إلي اعطاء صورة غير جيدة عن مناخ الاستثمار في مصر. وانتقد د.محيي الدين عدم تشكيل لجان لاعادة النظر في التشريعات الطاردة للاستثمار موضحا ان مشكلة الاحكام التي تصدرها هيئات التحكيم الدولية يتم نشرها في موقع البنك الدولي بشبكة الانترنت ويطلع عليها المستثمرون الاجانب وهي أحكام بتغريم مصر ملايين الجنيهات وتتميز هذه الاحكام بصفة الالزام فلا يمكن الامتناع عن الدفع والا امتنع البنك الدولي عن تقديم مساعدات مالية او عن تمويل بعض المشروعات القومية. كما انتقد د.محيي الدين عدم محاسبة المسئولين الذين يتسببون في خسارة بعد تملك الملايين من الدولارات. من جانبه يري محسن رشاد المدير العام ورئيس قطاع المؤسسات المالية والعلاقات الدولية بالبنك العربي الافريقي الدولي أن قرار رشاد إلي أنه اثناء الحرب الأهلية في لبنان في السبعينيات من القرن الماضي انتقل المركز المالي إلي البحرين، اما الآن فأتوقع انتقاله إلي الامارات لأن المؤتمرات دائما تبحث عن الأمان والتنظيم وامكانيات الاستثمار في البلد المقام فيها. ويري رشاد اننا لا نريد ونحن نتحدث عن جذب الاستثمارات ان نقلد تجربة الامارات او المغرب فنجاح كل تجربة يعد نجاحا للمنطقة العربية كما ان ما يناسب هذه الدول ليس بالضرورة يناسب الحالة المصرية. واستنكر رشاد القول بأن مصر لم تستطع جذب الاستثمارات اليها قائلا ان من ينكر أن مصر دولة مستقطبة للاستثمارات الاجنبية يكون بذلك ناكراً لحقائق مؤكدة. واضاف ان دبي تسبقنا كثيراً في سياحة المؤتمرات فأول منتدي لصندوق النقد الدولي يعقد خارج الولاياتالمتحدة عقد بمدينة دبي وكان تنظيمه رائعا بداية من النزول علي أرض المطار، فالانضباط موجود والشعور بالأمن موجود وعلينا ان ندرس تجربتهم ونحاول الاستفادة منها، فمازل أمامنا الكثير لنصل إلي المستوي الذي يليق بمكانة مصر ووضعها في المنطقة.