من أبسط الاشياء الآن ان تسمع ارقاما خيالية عن اسعار بيع لاعبي كرة القدم اصبح من السهل ان يتردد رقم العشرة ملايين جنيه ثمنا للاعب محدود القيمة اما مبالغ العشرينات والثلاثينات فحدث عنها ولا حرج.. هذا النادي اشتري مهاجما بعشرين مليون جنيه وهذا لاعب خط الوسط بخمسة عشر مليون جنيه.. والغريب ان بورصة لاعبي كرة القدم في مصر هي البورصة الوحيدة التي تشهد مضاربات كثيرة تصل الي حد المعارك بين الاندية حول لاعب من اللاعبين.. وفي بورصة كرة القدم الآن يوجد عدد من اللاعبين القدامي الذين يقومون بأعمال السمسرة والبيع والشراء ويحصلون علي مبالغ خرافية في صورة عمولات من بيع اللاعبين.. وكنا نتمني لو ان البورصات الاخري شهدت نفس الرواج فلا توجد عندنا بورصة للكتاب او المبدعين ولا توجد بورصة للعلماء الكبار الذين يموتون في المستشفيات ولا يجدون العلاج.. وحتي الفنانين رغم حالة الرواج التي يعيشونها فانهم يتعرضون في كثير من الاحيان لحالات من الركود.. في يوم من الايام التقيت بكاتبنا الكبير الراحل توفيق الحكيم في المصعد وهو يهبط من مكتبه في جريدة الاهرام وعندما نزلنا الي الشارع كان احد لاعبي كرة القدم في زيارة للاهرام وتجمع حوله المئات.. ونظر كاتبنا الراحل الي صورة اللاعب وحوله هذا العدد الرهيب من البشر بينما كان كاتبنا الكبير يمضي وحيدا.. سمعت الحكيم وهو يقول هذا زمن الاقدام وليس زمن الاقلام وبعد ايام كتب مقالا حمل هذا العنوان.. وكلما شاهدت معركة بين الاندية حول لاعب من اللاعبين والمضاربات التي تدور حوله تذكرت كاتبنا الراحل ومقولته الشهيرة اننا نعيش زمن الاقدام ولهذا لن يكون غريبا ان يموت مبدع كبير لانه لا يملك ثمن الدواء أو أن يسكن جمال حمدان شقة متواضعة في حي المنيل أوأن يذهب شاعر الي دولة شقيقة للعلاح أو أن يموت فنان كبير كمدا وحزنا لانه لا يجد اعمالا يشارك فيها.. هذا زمان اختلت فيه موازين الأشياء.