أخيرا بدأ الأوروبيون يتعودون علي التعامل مع رأسمالية شركات التخارج بعد ان كانوا يتوجسون منها في الماضي باعتبارها رأسمالية جشعة.. صحيح ان هجوم شركات التخارج علي السوق الأوروبي في السنوات الأخيرة قد اثار لدي المستثمر الاوروبي العادي نوعا من القلق والاضطراب ولكن هذا كله سوف يصبح قريبا مجرد جزء من الماضي. وتقول مجلة "نيوزويك" ان شركات بريطانية كبيرة مثل متاجر سنسبوري وصيدليات ألليانس بوتز كانت هدفا لشركات التخارج الامريكية الكبري مثل كوهلدج كرافيز روبرتز KKR وبلاكستون او شركات التخارج البريطانية مثل بيرميرا وإذا كان المستثمرون قد بدأوا الاعتياد علي انشطة شركات التخارج فإن العمال ونقاباتهم لايزالون يناوئون هذه الشركات لارتباط عملها بالاستغناء عن العمال وزيادة معدل البطالة ولذلك لم يكن غريبا ان يحتشد المتظاهرون خارج قاعة المؤتمر السنوي لشركات التخارج اثناء انعقاده في فرانكفورت في فبراير الماضي رافعين اللافتات التي تدعو شركات التخارج إلي الخروج كلية من أسواق الاتحاد الأوروبي. وبغض النظر عن المخاوف العمالية فإن ما يستثمره الأوروبيون من مدخراتهم في شركات التخارج في تزايد مستمر وكبير ففي عام 2006 استثمر الأوروبيون 114 مليار دولار في شركات التخارج أي أكثر من ضعف ما كانوا قد استثمروه في هذه الشركات عام 2004 وفي العام الحالي 2007 ينتظر ان يرتفع حجم الاستثمار الاوروبي في شركات التخارج ليصبح 130 مليار دولار. وفي حين لاتزال شركات التخارج تعقد صفقاتها الكبري في السوق الامريكي فإن الخبراء يقولون ان اوروبا هي الاخري هدفا لهذه الشركات فالصفقات في اوروبا ارخص وفرص الربح اكبر ولا يرجع ذلك فحسب إلي ان الشركات الاوروبية فيها ما يدعو الي الطمع وانما يرجع ايضا الي تزايد درجة التكامل الاوروبي بصورة فتحت الباب امام الاندماجات والاكتسابات العابرة للحدود بما يصنع مناخا اكثر مواتية لانشطة شركات التخارج ويقول ريك لويس الرئيس التنفيذي لشركة التخارج الدولية كورزون جلوبال بارتنرز ان مديري شركات التخارج يفتشون الأرض بحثا عن الصفقات الرابحة وانهم يجدون بغيتهم هذه الأيام في أسواق الاتحاد الأوروبي. وعموما فإن شركات التخارج شركات مثيرة للجدل فالسياسيون الألمان اعتادوا علي استعمال ألفاظ جارحة في شجب انشطة هذه الشركات مثل وصفها بأنها تمثل الرأسمالية المتوحشة وحتي رئيس الوزراء البريطاني توني بلير المؤيد لها قد دعاها اخيرا الي ان تتصرف بمسئولية ولكن هذا لا ينفي ان شركات التخارج تدعم عوائد الشركات في مختلف انحاء القارة الاوروبية. وتقول "نيوزويك" ان شركات التخارج تركز نشاطها الاوروبي في قطاع الاتصالات وصناعة الميديا وخاصة الشركات التي كانت مملوكة للدولة في السابق وفي العامين الاخيرين اشترت شركات التخارج 3i وبيراميرا كلا من شركة VNU الهولندية وشركة ايركوم الايرلندية وشركة بروسينبنسات الالمانية وكذلك شركة TDC الدانماركية مقابل 13 مليار يورو ويري الخبراء ان شركة فودافون العالمية اكبر شبكات تشغيل التليفون المحمول في العالم قد تكون الهدف التالي لشركات التخارج في قطاع الاتصالات ويقول الخبراء ايضا ان انشطة شركات التخارج ستجعل أوروبا في النهاية قارة تملك المزيد من قنوات التليفزيون كما ستخفض فاتورة التليفون فيها بدرجة كبيرة. ويعتبر قطاع تجارة التجزئة ايضا من القطاعات التي تستهدفها شركات التخارج واذا تمت صفقة التخارج الخاصة بمتاجر سنسبوري في منتصف ابريل القادم فإن هذه المتاجر ستبيع ما تملكه من منافذ ثم تقوم بتأجيرها مرة اخري لتوفر لنفسها بذلك سيولة نقدية تتراوح ما بين 5 و5.7 مليار جنيه استرليني وهذا سيجعل سنسبوري تبيع سلعا غير غذائية ايضا وتبدأ في منافسة كبريات المتاجر الأمريكية وفي مقدمتها وول - مارت. ويري خبراء المالية في شركات التخارج ان مثل هذه الصفقات ستجعل اوروبا اكثر تنافسية ولكن حملة الأسهم غير متأكدين من حدوث مثل ذلك ومن هنا فإن جمعيات الدفاع عن حقوق حملة الاسهم في كل انحاء اوروبا تدعو شركات التخارج الي ان تكون اكثر شفافية بشأن مستقبل الشركات التي تقوم بشرائها وان يكون عملها اكثر تنظيما وخاصة في قطاعي الرعاية الصحية والطاقة. وتدافع شركات التخارج عن نفسها باستماتة وهناك دراسة اجرتها ايرنست آند بونج أخيرا تؤكد ان شركات التخارج ضاعفت قيمة ما اشترته من شركات في غضون ثلاث سنوات ونصف السنة من تملكها وتذكر دراسة أخري اجرتها سيتي جروب ان الصفقات الاوروبية لشركات التخارج في غضون السنوات العشر الاخيرة كانت تدر عوائد بنسبة 14% سنويا في حين أن اسهم مؤشر FTSE لم تكن عوائدها تزيد علي 8% سنويا خلال نفس الفترة وهذا هو سبب اقبال الاوروبيين المتزايد علي استثمار اموالهم في شركات التخارج ويكفي ان نقول ان حجم صفقات التخارج في اوروبا قد قفز من 44 مليار يورو عام 2002 ليصبح 123 مليار يورو عام 2006 اي بزيادة 300% تقريبا في أربع سنوات فقط.