يحاول الكونجرس الأمريكي للمرة الثانية خلال أسابيع قليلة أن يأخذ بزمام الأمور في موضوع الحرب علي العراق ليكون بمقدوره أن يلزم إدارة الرئيس بوش بانتهاج سياسات تتفق مع رؤية الديمقراطيين للحرب في العراق وبالتالي اضعاف مركز البيت الأبيض في تأثيره علي نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة. والمعروف أن ولاية الرئيس بوش الثانية والأخيرة قاربت علي الانتهاء وسوف يبدأ قريبا السباق الجدي للفوز بترشيح الحزبين الأكبر في الولاياتالمتحدة وتبدأ ملامح الرئيس المقبل تتضح مع تقدم الوقت ويبدو أن الديمقراطيين عازمون علي انتزاع منصب الرئاسة هذه المرة ليكون لهم الأغلبية اللازمة لإدارة شئون البلاد وفق سياستهم ودون مناوأة. وأفضل الوسائل لضمان ألا يعود الأمريكيون لانتخاب رئيس جمهوري للدورة الجديدة هي اثبات فشل بوش بوضوح في العراق وكسر إرادته السياسية بفشله في الحصول علي تمويل للقوات العسكري التي أرسلها إلي العراق وإلي أفغانستان، ولكن هذا الأسلوب يعتبر سلاحا خطيرا يمكن أن ينقلب علي الديمقراطيين إذا قرر القادة العسكريون تأييد موقف الرئيس وأدلوا بشهادات رسمية مفادها أن تعطيل التمويل يضر بمصلحة القوات ويؤثر علي مهمتها، أو أن الوجود الأمريكي بالصورة الحالية في العراق يحقق مصالح مهمة، أو أن الانسحاب المفاجئ يضر بأمن الولاياتالمتحدة. في كل الأحوال الصراع الحالي بين الكونجرس وبين الرئيس يعطي انطباعا بأن المشكلة لا تتعلق فقط بالحرب علي العراق وإنما باتجاهات بدأت تظهر لكيفية الإدارة السياسية للقرار في الولاياتالمتحدة. ويهدد بوش باستخدام "الفيتو" للمرة الثانية للحيلولة دون قانون للتمويل الجزئي للحرب في العراق ولكنه قد يقبل تحديد شروط علي الحكومة العراقية أن تنفذها مقابل استمرار التواجد الأمريكي في العراق. وفي كل الأحوال سيكون علي الجنرال الأمريكي المسئول عن الحرب في العراق أن يقدم شهادة للكونجرس في شهر سبتمبر المقبل لتقييم سير الخطة الأمنية وما إذا كان من المجدي الاستمرار أم أن له رأيا آخر. وحتي يأتي موعد هذه الشهادة وهل ستكون أمام الكونجرس أم ستكون توصية للإدارة فقط فإن الصراع بين الكونجرس وبين الإدارة في البيت الأبيض سيظل يراوح مكانه انتظارا لتمويل قصير المدي أو طويل المدي حسب قدرة كل من الجانبين علي حشد التأييد لوجهة نظره. وما يخشاه بوش هو تحول بعض الأعضاء الجمهوريين عن تأييد وجهة نظره لتكون فرصة خسارته أمام الكونجرس أكبر.