حزنت لمشهد بعض سكان مناطق الألف مسكن وعرب الجسر والحرفيين -شرق القاهرة- وهم يحملون أوعية بلاستيكية ويتسابقون ويتزاحمون بل ويتصارعون للحصول علي احتياجاتهم من المياه من ماسورة المياه المخصصة لري حديقة شارع جسر السويس، وذلك لانقطاع المياه عن تلك المناطق منذ يوم الجمعة الماضي. والذي أحزنني أكثر لا مظهر السيدات كبار السن وهن يحملن بالكاد جراكن المياه علي رءوسهن وهن يعبرن الشارع وسط العربات المسرعة.. بل قصر نظر الشباب الذين اكتفوا بحمل أوعية المياه فقط بدلاً من انتهاز الفرصة الذهبية التي وفرتها لهم الحكومة واستثمار انقطاع المياه في مشروعات مفيدة تحل جزئياً مشكلة البطالة. ومن حق الدولة تتباهي دائماً بأنها صرفت المليارات من أجل تجديد وإنشاء وصيانة البنية الأساسية والمرافق الحيوية من مياه وصرف صحي وكهرباء وتليفونات.. كما أن انقطاع المياه في بعض المناطق بالأيام دون الإعلان المسبق عن ذلك لا يسبب مشكلة، حتي ولو تعذب السكان في الحصول علي احتياجاتهم، خاصة انه لا توجد خطوط بديلة أو احتياطية لتوفير المياه في الأماكن الحيوية كالمستشفيات والمخابز والمدارس. كما أن مسئولي الأحياء الذين يغرقون في "شبر ميه" سواء عند انقطاع المياه أو حتي عند نزول المطر، عند تعطل حركة المرور في الشوارع بسبب عدم وجود قنوات لصرف المياه.. لا يجب أن نحملهم مسئولية ذلك، أو نحاكمهم، لأنه تم فعليا خصخصة مرفق المياه وتولت شركة "قابضة" توزيع المياه علي المنازل بسعر مضاعف، وبالتالي أيدي الحكومة "نظيفة" من مسئولية انقطاع المياه والعيب في شركة المياه، بل بشكل أكثر تحديداً في السكان، خاصة الشباب الذي لم يستطع أن يستثمر انقطاع المياه واستغلال تلك الفرصة في عمل "بيزنس" في ذلك. فعلي سبيل المثال يستطيع بعض الشباب "العاطل" جمع زجاجات المياه الفارغة وتنظيفها وبيعها لتستخدم في تخزين المياه، ومن الممكن أن يتطور هذا الأمر في الاتفاق مع بعض مصانع البلاستيك لتوريد "جراكن" وأوعية كبيرة من "طشوت وحلل" وخلافه لحمل المياه وتخزينها وإعادة بيعها للمواطنين، كما أن المجال مفتوح أمامهم لعمل مصنع بلاستيك صغير لانتاج أوعية حمل وتخزين المياه في المستقبل. ويستطيع آخرون أن يقومون بتنظيم الزحام حول مصادر المياه في الحدائق وخلافه، وتوفير مظلات لحماية حاملي المياه خاصة من كبار السن من الشمس الحارقة أثناء انتظار دورهم في تعبئة المياه، بل ويمكن لشباب آخر أن يتولي مهمة حمل المياه من الشوارع إلي المنازل مباشرة بطريقة "الديلفري" وذلك بمقابل مناسب. ويمكن أيضا عمل مشروع شبابي لتعبئة المياه العادية لا المعدنية في زجاجات وذلك من مصادرها النظيفة خاصة من صنابير حي جاردن سيتي الذي لا تنقطع عنه المياه أبدا، حيث توجد الفنادق الخمس نجوم، والسفارات خاصة الأمريكية والبريطانية، لأن مياه ذلك الحي "الحساس" دائمة "تحت" المراقبة ويراعي فيها الاشتراطات الصحية خوفاً من المساءلة الدولية، ويمكن للشباب بيع زجاجات تلك المياه مثلجة وبنصف سعر المياه المعدنية. لا داعي أن نهاجم الحكومة عمال علي بطال ونتهمها دائما بالتقصير عندما تحدث مشكلة بسيطة كانقطاع المياه ثلاثة أيام عن مناطق شعبية حتي ولو كنا في بداية شهر الصيف، ولكن لنا أن نشكرها علي أنها وفرت لنا فرصة ذهبية بأن نفكر ذاتيا في حل مشاكلنا ونستثمر تلك المشاكل في مشروعات علي طريقة "الحاجة أم الاختراع"! [email protected]