لقد اعتدنا منذ عشرات السنين وجود عداء مستحكم بين دعاة حماية البيئة وبين الشركات أمريكية كانت أو غير أمريكية.. فشركة جنرال اليكتريك علي سبيل المثال كانت تلقي نفاياتها في نهر هودسون فتلوث مياه النهر ومتاجر وول مارت تخرق كل القواعد من أجل الانتشار في مختلف أنحاء أمريكا، أما شركة دوبونت فقد حظيت بلقب أسوأ شركة ملوثة للبيئة علي مستوي الولاياتالمتحدة ولم يكن الحال يختلف عن ذلك كثيرا في أوروبا واَسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.. ومن جانبهم كان دعاة حماية البيئة يعارضون ويتظاهرون ويرفعون القضايا ضد هذه الشركات. أما الاَن فتقول مجلة "فورتشن" إن الوضع بدأ في التغير.. وإن المحافظة علي البيئة من التلوث صارت مكونا مهما في عمل الكثير جدا من الشركات وإنه صار ممكنا أن يجلس ممثلو الشركات ودعاة حماية البيئة إلي مائدة واحدة لاحتساء فنجان من القهوة والتفاهم علي كيفية حماية البيئة من التلوث. وفي الاحتفال بمرور 25 عاما علي تأسيس معهد الموارد العالمية أعلن جيفري إيميلت الرئيس التنفيذي لجنرال اليكتريك أن حماية البيئة صارت إحدي أربع أو خمس أفكار رئيسية توجه خطوات قادة الشركات الأمريكية.. وعموما تري "فورتشن" أن هذا التحول تم لاعتبارات الالتزام بالقانون أو زيادة الكفاءة وأن الشركات توقفت عن تلويث الهواء والماء إما لأن هذا غير قانوني أو لأنه غير مربح، كما أن بعض الشركات وجدت أن الاقتصاد في استخدام الطاقة والمواد الخام أمر يمكن أن يوفر لها جزءا من نقودها وفي نفس الوقت يخدم الكرة الأرضية وربما أيضا يحسن من صورة هذه الشركات لدي جمهور الناس. وأكثر من هذا فقد أصبحنا في عصر تسعي فيه الشركات الذكية إلي تحقيق الربح عن طريق حل بعض مشكلات تلوث البيئة.. وربما كانت الأرقام هنا ذات دلالة مهمة علي ما تحرزه قضية حماية البيئة من تقدم. فالكهرباء المولدة من طاقة الرياح في الولاياتالمتحدة زادت منذ عام 1999 حتي الاَن بنسبة 500% وهي كهرباء تكفي احتياجات 2.5 مليون أسرة.. أما إنتاج الفحم فلم يزد في الولاياتالمتحدة منذ عام 1990 إلا بنسبة 10% فقط وذلك علي الرغم من أنه لايزال يمثل نصف استهلاك الأمريكيين سنويا من الطاقة.. وهذا معناه دون مبالغة أن المؤشر بدأ يتجه إلي البحث عن مصادر نظيفة للطاقة لا تؤثر علي البيئة بالتلوث. وقد استطلعت مجلة "فورتشن" اَراء دعاة حماية البيئة لاختيار أبرز الشركات العالمية التي تحرص علي حل المشكلات البيئية وتم اختيار مائة شركة تقريبا تعمل في هذا الاتجاه ولكن "فورتشن" ركزت علي أكبر عشر شركات أثرا في حماية البيئة من التلوث وتصدرت هذه الشركات العشر شركة هوندا اليابانية للسيارات وتضمنت القائمة أيضا 5 شركات أمريكية واثنتين كنديتين أما الشركة التاسعة فكانت بريطانية والعاشرة سويسرية. وتتميز شركة هوندا اليابانية بأنها شركة حديثة النشأة نسبيا حيث تم تأسيسها عام 1945 وتبلغ إيراداتها حسب أحدث الأرقام 84.2 مليار دولار، أما عدد العاملين فيها فهم 145 ألف عامل.. وقد قامت هوندا بإنتاج سيارة تعمل بالبنزين والكهرباء معا وهي كهرباء ناتجة عن خلايا الوقود التي تستخدم الهيدروجين.. وقد نجحت هوندا في تقليل الانبعاثات الكربونية من مصانعها وسياراتها بنسبة 5% في السنوات الخمس الأولي من القرن الجديد وتعهدت بخفض هذه الانبعاثات 5% أخري حتي عام 2010. والشركات الأمريكية الخمس في قائمة العشر الكبار هي شركة الكهرباء PG&E ومقرها سان فرانسيسكو وتنتج 56% من الكهرباء التي تبيعها من مصادر نظيفة لا تلوث البيئة وكذلك شركة S.C جونسون للمواد اللاصقة وهي شركة تلتزم بحماية البيئة في عملها منذ أكثر من 70 عاما ثم شركة جولدمان ساكس وهي توجه استثماراتها إلي الشركات الملتزمة بحماية البيئة كما تعتبر حماية البيئة إحدي عناصر تقويم كفاءة أية شركة.. والرابعة هي شركة كونتيننتال إيرلاينز التي أنفقت 16 مليار دولار في السنوات العشر الأخيرة لتجديد أسطول طائراتها وتقليل ما ينبعث منه من عوادم.. أما الشركة الخامسة فهي شركة الكمبيوتر والطابعات هيوليت باكارد وهي شركة رائدة في حماية البيئة ولديها مصنع لإعادة تدوير خردة مكونات الطابعات وأجهزة الكمبيوتر علي نحو يحمي البيئة من التلوث.. وقد تعهدت أيضا بخفض استهلاك أجهزتها من الكهرباء بنسبة 20% في غضون السنوات الثلاث القادمة. والشركتان الكنديتان هما شركة سونكور وهي شركة للمنتجات البترولية وشركة ألكان وهي شركة لإنتاج المعادن المختلفة وتحرص الشركتان في عملهما علي خفض ملوثات البيئة، أما الشركة البريطانية فهي متاجر تيسكو الشهيرة والشركة السويسرية هي شركة سويس ري لإعادة التأمين وتحرص كلتاهما في مجال عملهما علي معايير حماية البيئة من التلوث.