منذ نحو عشر سنوات فقط كانت جنرال موتورز الامريكية وتويوتا اليابانية تجريان في السباق بينهما عنقا لعنق كما تجري افراس الرهان في المضمار.. وقد بدأت الشركتان معا في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي عملية تطوير السيارة المخلطة التي تعمل بالبنزين والكهرباء معا، ورغم ان جنرال موتورز قد سبقت تويوتا في صنع وبيع هذا النوع من السيارات فان اقدار الشركتين في هذه الايام قد اختلف تماما، فالشركة اليابانية تحقق ارباحا ضخمة من السوق الامريكي في حين ان جنرال موتورز تكاد تتعري تماما في سوقها الوطني، بل انه اصبح من المرجح كما تقول مجلة "نيوزويك" ان تقفز تويوتا هذا العام لتصبح هي الشركة الاولي في العالم قاذفة جنرال موتورز لاول مرة الي المركز الثاني. وقد بدأت جنرال موتورز وتويوتا معا تبيعان سيارتهما المخلطة بخسارة ولكن سيارة تويوتا "بريوز" اصبحت الان تحقق بعض الارباح في حين لاتزال سيارة حنرال موتورز المماثلة تخسر والاهم من ذلك ان الاقبال علي السيارة "بريوز" يتزايد حتي انها صارت تكتسح السوق الامريكي وتعطي تويوتا سمعة طيبة في مجال حماية البيئة علي الرغم من تركيزها المستجد علي انتاج الشاحنات العملاقة النهمة في استهلاك البنزين ولاشك ان اختلاف الطريق التكنولوجي الذي سلكته كل من الشركتين في انتاج سيارتها المخلطة هو احد اسباب نكسة جنرال موتورز وانتعاش تويوتا. وعلي جانب اخر اختلفت الشركتان في موقفهما من السوق الامريكي والتوسع فيه، وتستطيع الارقام ان تقدم لنا مقارنة بينهما ذات دلالة لا تخفي علي احد فعدد عمال تويوتا في السوق الامريكي لا يتجاوز ال35 الف عامل في حين ان جنرال موتورز لها 122 الف عامل وعدد مصانع تويوتا هناك 13 مصنعا بينما عدد مصانع جنرال موتورز 80 مصنعا اما ارباح تويوتا من السوق الامريكي فهي تناهز ال13 مليار دولار عام 2006 في حين ان ارباح جنرال موتورز لا تتجاوز ال2.5 مليار دولار وتجدر الاشارة هنا الي ان جنرال موتورز اغلقت 9 من مصانعها في امريكا منذ عام 2000 في حين ان تويوتا اضافت 4 مصانع الي مصانعها في نفس السوق خلال نفس الفترة المقارنة، والمدهش ان تويوتا اعلنت منذ اسابيع قليلة عزمها علي بناء مصنع جديد في امريكا تبلغ تكلفته 1.3 مليار دولار في حين ان جنرال موتورز تخطط لاغلاق المزيد من المصانع. والحقيقة ان المعركة بين جنرال موتورز وتويوتا هي رمز للتنافس الاقتصادي بين امريكا واليابان فصناعة السيارات في امريكا صناعة عملاقة يعمل بها 900 الف عامل معظمهم يعملون لدي الثلاثة الكبار في ديترويت (جنرال موتورز، وفورد، وكرايزلر" وهي تمثل 4% من اجمالي الناتج المحلي الامريكي ولا تقل صناعة السيارات اهمية بالنسبة لليابان ولذلك يقال ان الفائز في السباق بين جنرال موتورز وتويوتا سيحسم من سيقود العالم اقتصاديا في القرن الحادي والعشرين امريكا ام اليابان؟ وربما نكون قد سمعنا الكثير عن الفوارق بين تويوتا وجنرال موتورز سواء في العمالة او نسبة انبعاث الكربون من سياراتهما او ما يتعلق بتكاليف المعاشات والرعاية الصحية ولكن هذا كله يمكن تلخيصه في معادلة حسابية بسيطة وهي ان تويوتا تنتج سياراتها بتكلفة اقل من تكلفة سيارات جنرال موتورز وتبيعها بسعر اعلي من سعر سيارات جنرال موتورز. لقد استغرقت تويوتا 50 عاما لكي تحقق هذا التفوق ويرجع ذلك الي فلسفة التحسن المستمر التي تنتهجها تويوتا، ففي عام 1957 دخلت تويوتا السوق الامريكي بسيارة صغيرة قدرة 60 حصانا ولم تبع منها في ذلك العام سوي 288 سيارة ثم بنت سمعتها القوية بالتدريج كمنتج لسيارات يمكن الوثوق بها، وتؤكد "نيوزويك" ان تويوتا حققت ذلك بالاستثمار في الجودة والتكنولوجيا المتقدمة والمحركات عالية السرعة، لقد طورت الشركة اليابانية طرق انتاج فائقة الكفاءة تعرف باسم "نظام انتاج تويوتا" وهو نظام يخفض الفاقد ويزيد الجودة ويجعل سيارات تويوتا هي الافضل حتي وهي تباع مستعملة فالسيارة تويوتا تباع بعد 3 سنوات من استعمالها بنحو 52% من ثمنها الاصلي اما سيارات جنرال موتورز المماثلة فلا يتجاوز سعرها 43% من ثمنها الاصلي، ولذلك لم تكن مصادفة ان تصبح سيارة تويوتا كامري هي السيارة المفضلة لدي الامريكيين في السنوات الخمس الاخيرة وان تزيد مبيعاتها في عام 2006 بنسبة 35% علي مبيعات سيارة جنرال موتورز الاولي وهي السيارة شيفروليه إمبالا.