كانت شركة جنرال موتورز لسنوات طويلة قوة جبارة في صناعة السيارات العالمية ولكنها صارت الان اشبه بسفينة تمخر عباب البحر وقد اصابتها ثقوب تحت سطح الماء فاذا هي تترنح وتوشك علي الغرق.. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان جنرال موتورز في عام 1943 دعت عالما شابا هو بيتر دروكر الذي صار فيما بعد اعظم علماء الادارة الامريكية الحديثة وتوفي منذ ايام- الي دراسة الشركة من الداخل.. وقد اصدر دروكر هذه الدراسة في كتاب صار مرشدا لاجيال عدة من المديرين وقادة الشركات ولكن جنرال موتورز ذاتها تجاهلته فعششت فيها البيروقراطية وتكالبت عليها المشكلات من كل حدب وصوب.. وبعد ان كانت جنرال موتورز قوة مسيطرة في السوق الامريكي لم يعد نصيبها من هذا السوق يتجاوز ال25% ولحقت بها الخسائر حتي ان خسائرها بلغت هذا العام حتي الان 3.8 مليار دولار وصارت ترزح تحت اعباء الاجور المرتفعة ونفقات التأمين الصحي علي عمالها الحاليين والمتقاعدين. ولعل احدث مشكلة تلم بجنرال موتورز هي التحقيقات التي تجريها لجنة البورصة حول حقيقة ارباح الشركة منذ عام 2001 وباختصار فانه ما لم تحدث معجزة ترفع نصيب جنرال موتورز من السوق الامريكي وتوقف خسائرها المتزايدة وتخفض تكاليفها العمالية- فان الشركة العملاقة يمكن ان تفلس في غضون عامين فقط. وتقول الارقام ان جنرال موتورز تحرق سيولتها بمعدل 5 مليارات دولار سنويا وتواجه التزامات اضافية تربو قيمتها علي ال11 مليار دولار خصوصا بعد انهيار شركة دلفي الكبري لصناعة مكونات السيارات التي كانت ذات يوم جزءا من جنرال موتورز وتعد حتي الان اكبر مورد لها.. وامام كل هذه الكوارث تفكر ادارة جنرال موتورز في بيع بعض اصولها الرابحة مثل ذراعها المالية (GMAC) الي جانب بيع حصتها في شركة السيارات اليابانية سوبارو لشركة تويوتا.. ونحن نعرف انها اضطرت في وقت سابق من العام الحالي الي دفع ملياري دولار كتعويض لشركة فيات الايطالية عن خطأ في عقد الشراكة بينهما الذي وقع منذ سنوات قليلة وهي شراكة لم تجر علي جنرال موتورز سوي الخراب. لقد كانت جنرال موتورز في ذروة مجدها في ستينيات القرن الماضي تسيطر علي اكثر من نصف السوق الامريكي منفردة وتحقق منه مكاسب هائلة ولكن سيطرتها بدأت تتآكل منذ اكثر من عشر سنوات برغم مليارات الدولارات التي تنفقها علي اقامة مصانع جديدة وتقديم موديلات جديدة .. وفي الآونة الاخيرة بدأ سعر سهم جنرال موتورز في البورصة يهبط وقيمتها السوقية تتآكل. وهناك من يري ان تدهور احوال جنرال موتورز بدأ منذ 13 عاما وبالتحديد عام 1992 عندما تولي قيادتها جاك سميث واختار ريك واجونير كواحد من اركانه قبل ان يسلمه الراية بعد ذلك.. فهذه الادارة هي التي بدأت عملية اغلاق المصانع والتخلص من العمالة وبيع بعض الاصول ولكن جنرال موتورز عادت الي تحقيق الارباح مع عودة الانتعاش الي الاقتصاد الامريكي في منتصف التسعينيات.. ثم عادت مبيعات الشركة تتقلص بانتظام عدا بعض السنوات الاستثنائية القليلة. ويقول دان جوريل خبير شركة الاستشارات ستراتيجيك فيجن بكالفورنيا ان جنرال موتورز راحت تركز علي انشطة التمويل والتسويق واهملت كثيرا في تصميم وصناعة السيارات وقد اعترف واجونير بان جنرال موتورز في السنوات الاخيرة بالذات لم تكن تهتم بتقديم موديلات يتميز كل منها عن الاخر تميزا واضحا ويمتلك في نفس الوقت فرصة تحقيق النجاح التسويقي. وفي كثير من الاحيان كانت ادارة جنرال موتورز تخطئ في قراءة اتجاه السوق وتطرح الموديل الخطأ في الوقت الخطأ.. وهذا سيحدث لسيارتها السيوفان الرياضية الجديدة التي ستنزل الي المعارض في بدايات هذا العام حيث من المعروف ان سوق السيارات من هذا النوع قد تقلص مع بدء الزيادات القياسية في اسعار الوقود.