أثار المؤتمر الوطني للسياسات الاجتماعية الذي عقدته وزارة التضامن الاجتماعي الاسبوع الماضي بالمشاركة مع الأممالمتحدة قضايا عدة دارت كلها في محراب كلمة واحدة وهي "الفقر" خاصة بعد ان أصبح تحقيق دولة الرفاة الاجتماعي هدفا لا يصبو إليه فقط الفلاسفة والمفكرون ولكن رجال الاقتصاد والاعمال ايضا. فمن خلال استعراض المؤتمر لتجارب دول عدة طبقت هذا النموذج اصبح واضحا كيف أن هذه السياسات الاجتماعية كان لها تأثير مباشر علي حركة النمو الاقتصادي بهذه البلاد.. وأصبحت مشكلاتنا الاجتماعية ماثلة أمام الحضور في المؤتمر كعقبة أمام الاصلاح الاقتصادي ووجع "اجتماعي" أثار جدلا واسعا حول كيفية حل تلك المشاكل "الاسبوعي" تابعت المؤتمر وتعرضت لابرز الآراء المطروحة فيه وخرجت بالعديد من النتائج. التجربة الكندية تعرض المؤتمر لتجارب دول عدة في المجالات الاجتماعية وهي علي الرغم من اختلافها الايديولوجي فإنها التقت جميعا علي هدف ايجاد حياة اجتماعية اكثر عدالة ومن هذه التجارب كانت تجربة كندا والتي اسست دولة الرعاية الشاملة منذ الاربعينيات وقدمت خدمات مثل ضمان رعاية كبار السن وتأمين البطالة والرعاية الطبية استجابة للمطالب الشعبية بضرورة تأمينها في ظل المتغيرات الاجتماعية بظهور الصناعة وفي منتصف الثمانينيات تم ادرج ميثاق الحقوق والحريات في الدستور الكندي وترتكز عملية الاصلاح الاجتماعي في كندا علي النظام اللامركزي للمقاطعات الكندية فحكومة المقاطعة قادرة علي استصدار قانون وكذلك يلعب المجتمع المدني دورا مهما ايضا في التنمية المجتمعية حيث يوجد حوالي 175 الف منظمة غير حكومية توفر 40 مليار دولار رواتب ومنحاً ومساعدات كما يقوم البرلمان بدور ايجابي في الدفاع عن حقوق المواطنين ويتمتع دافع الضرائب بقدرة كبيرة علي المشاركة في صنع القرار. واستعرض المؤتمر نموذجا مختلفا وهو النرويج التي تنتمي ايديولوجيا إلي دول الاشتراكية الديمقراطية والتي توفر الرعاية المجتمعية لمواطنيها معتمدة علي فرض الضرائب العالية والتشغيل الكامل للقادرين علي العمل وتلعب دولة الرعاية في النرويج دور صاحب العمل وخاصة للنساء وتستهدف النرويج تقديم الرعاية لجميع السكان لذلك يتسم دورها بالتدخل والتنظيم فهو نموذج يهتم بالاستثمار في الانسان والمجتمعات المحلية اكثر من اهتمامه بالاستهلاك والتحويلات الاقتصادية وحماية الدخول. تجربة ماليزيا وتناول المؤتمر التجربة الماليزية والتي مرت بظروف تشبه إلي حد كبير ظروف مصر والدول النامية فقد غيرت ماليزيا مبدأها من "دعه يعمل" الذي أدي للنمو الاقتصادي وكرس الفروق الاجتماعية إلي النمو مع توزيع الدخل أو النمو العادل لتحقيق التماسك الاجتماعي، واهتمت ماليزيا بالتعليم حيث انفقت عليه 7.17% من الانفاق الحكومي.. كما لعب القطاع الخاص دورا مهما في حل مشكلة البطالة خاصة بعد ازمة عام 1997 بجنوب آسيا حيث الزمت الحكومة الشركات بتخصيص حصة من ايرادتها في صندوق التنمية البشرية والمبهر في التجربة الماليزية هو التخطيط الدقيق للمستقبل علي الرغم من اعتماد آليات السوق الحر فهي تعد خطة طويلة المدي مرت بثلاث مراحل الأولي من 1971 إلي 1990 والثانية من 1991 إلي 2000 والثالثة من 2001 إلي 2010 وإلي جانب هذه الخطة هناك خطة خمسية. وخطة سنوية قصيرة الآجل وتصمم هذه الخطط بالتشاور مع المجتمع المدني ورجال الأعمال والخبراء المتخصصين ونجاح التخطيط الماليزي يظهر في مؤشراتها الايجابية حيث نجحت البلاد في تحقيق أغلب أهداف الالفية التي وضعتها الأممالمتحدة كما خفضت معدلات البطالة من 4.7% عام 1970 إلي 5.3% ،2006 الا ان هذه التجارب الناجحة لم تصل للكمال فهي تواجه تحديات العولمة والتيارات الفكرية التي تدعو لتخلي الدولة عن القيام بدور الرعاية اضافة إلي المشكلات الاقتصادية الدولية التي تؤثر علي موارد الدولة.