أسعار الذهب اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025    الاتصالات: الأكاديمية العسكرية توفر سبل الإقامة ل 30095 طالب بمبادرة الرواد الرقمين    أكثر من 30 إصابة في هجوم روسي بطائرات مسيرة على مدينة خاركيف شرق أوكرانيا    زيلينسكي يزور تركيا لإحياء مساعي السلام في أوكرانيا    ترامب يوجه رسالة خاصة ل كريستيانو رونالدو: أعتقد أن بارون يحترمني كوالده أكثر قليلا الآن    جامايكا وسورينام يكملان الملحق العالمي المؤهل لكأس العالم    غلق الطريق الصحراوى من بوابات الإسكندرية لوجود شبورة مائية تعيق الرؤية    خيرية أحمد، فاكهة السينما التي دخلت الفن لظروف أسرية وهذه قصة الرجل الوحيد في حياتها    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    الرئيس السيسي: البلد لو اتهدت مش هتقوم... ومحتاجين 50 تريليون جنيه لحل أزماتها    إسعاد يونس ومحمد إمام ومى عز الدين يوجهون رسائل دعم لتامر حسنى: الله يشفيك ويعافيك    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات البورصة.. الأربعاء 19 نوفمبر    البيت الأبيض: اتفاقية المعادن مع السعودية مماثلة لما أبرمناه مع الشركاء التجاريين الآخرين    بشري سارة للمعلمين والمديرين| 2000 جنيه حافز تدريس من أكتوبر 2026 وفق شروط    حقيقة ظهور فيروس ماربورج في مصر وهل الوضع أمن؟ متحدث الصحة يكشف    شبانة: الأهلي أغلق باب العودة أمام كهربا نهائيًا    أوكرانيا تطالب روسيا بتعويضات مناخية بقيمة 43 مليار دولار في كوب 30    ترتيب الدوري الإيطالي قبل انطلاق الجولة القادمة    النيابة العامة تُحوِّل المضبوطات الذهبية إلى احتياطي إستراتيجي للدولة    "النواب" و"الشيوخ" الأمريكي يصوتان لصالح الإفراج عن ملفات إبستين    شمال سيناء تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس النواب 2025    "الوطنية للانتخابات": إلغاء نتائج 19 دائرة سببه مخالفات جوهرية أثرت على إرادة الناخب    فرحات: رسائل السيسي ترسم ملامح برلمان مسؤول يدعم الدولة    نشأت الديهي: لا تختاروا مرشحي الانتخابات على أساس المال    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في انقلاب سيارتي تريلا بصحراوي الأقصر    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    مصرع شاب وإصابة اثنين في انقلاب سيارتي تريلا بالأقصر    إحالة مخالفات جمعية منتجي الأرز والقمح للنيابة العامة.. وزير الزراعة يكشف حجم التجاوزات وخطة الإصلاح    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    في ذكرى رحيله.. أبرز أعمال مارسيل بروست التي استكشفت الزمن والذاكرة والهوية وطبيعة الإنسان    معرض «الأبد هو الآن» يضيء أهرامات الجيزة بليلة عالمية تجمع رموز الفن والثقافة    سويسرا تلحق بركب المتأهلين لكأس العالم 2026    الأحزاب تتوحد خلف شعار النزاهة والشفافية.. بيان رئاسي يهز المشهد الانتخابي    جميع المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026    شجار جماعي.. حادثة عنف بين جنود الجيش الإسرائيلي ووقوع إصابات    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    أسامة كمال: الجلوس دون تطوير لم يعد مقبولًا في زمن التكنولوجيا المتسارعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    أحمد الشناوي: الفار أنقذ الحكام    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    عاجل مستشار التحول الرقمي: ليس كل التطبيقات آمنة وأحذر من استخدام تطبيقات الزواج الإلكترونية الأجنبية    جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر تطلق مؤتمرها الرابع لشباب التكنولوجيين منتصف ديسمبر    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شخص في الطالبية    زيورخ السويسري يرد على المفاوضات مع لاعب الزمالك    أحمد فؤاد ل مصطفى محمد: عُد للدورى المصرى قبل أن يتجاوزك الزمن    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    طيران الإمارات يطلب 65 طائرة إضافية من بوينغ 777X بقيمة 38 مليار دولار خلال معرض دبي للطيران 2025    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    هيئة الدواء: نعتزم ضخ 150 ألف عبوة من عقار الديجوكسين لعلاج أمراض القلب خلال الفترة المقبلة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    التنسيقية تنظم رابع صالون سياسي للتعريف ببرامج المرشحين بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    كيف يحدث هبوط سكر الدم دون الإصابة بمرض السكري؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملاحظات وتساؤلات من كواليس القمة الاقتصادية
نشر في أكتوبر يوم 23 - 01 - 2011

التساؤلات التى دارت داخل كواليس القمة الاقتصادية العربية الثانية التى احتضنتها مدينة شرم الشيخ الأسبوع الماضى لا تختلف كثيراً عن التساؤلات التى تتقافز فى ذهن كل مواطن مصرى وعربى، والتى أصبحت مادة دائمة فى «مجالس النميمة» مع انعقاد كل قمة عربية..!
لعل فى مقدمة هذه التساؤلات هو: هل تختلف هذه القمة الاقتصادية عن باقى القمم السياسية والتى حصلت على «صفر كبير» على مدى 60 عاماً بالتمام والكمال، وفشلت عن جدارة واستحقاق فى التفاعل مع هموم وقضايا المواطن العربى من المحيط للخليج.. وضلت قراراتها طريقها إلى التنفيذ..؟!! والتساؤل الآخر الذى يطرح نفسه أيضاً.. ما الجديد الذى أضافته قمة شرم الشيخ «الثانية» خاصة وأن أغلب القضايا المدرجة على جدول أعمالها تكاد تكون هى نفسها «الخالق الناطق» نفس القضايا التى كانت مدرجة على جدول أعمال قمة الكويت «الأولى» التى عقدت منذ سنتين.. وهى قد تكون هى نفسها المدرجة على جدول أعمال القمة «الثالثة» التى لم تعقد بعد؟!!
أما سؤال الساعة الذى تردد فى كواليس القمة، بل فى اللقاءات العامة مع الوزراء وكبار المسئولين فى المؤتمر هو: كيف يمكن لمثل هذه القمم أن تحول دون وقوع اضطرابات وثورات عاطلين وجياع فى الدول العربية، كما حدث ويحدث فى تونس الشقيقة.. وكيف يمكن لقرارات القمة ومشاريعها أن توقف مسلسل المواطنين العرب الذين يضرمون النار فى أنفسهم هنا أو هناك يأساً من ضيق الحال.. والمآل..؟!!
كلها تساؤلات حاولت على مدى ثلاثة أيام قضيتها فى كواليس القمة فى شرم الشيخ، بعيداً عن أمطار وزعابيب القاهرة وثلوجها، أن أتلمس الإجابة عنها من خلال رصد رؤى مختلف الأطراف والأطياف التى شاركت فى الإعداد للقمة من وزراء ورجال أعمال ومنظمات المجتمع المدنى والشباب.
من يبدأ أولاً..؟
وليس سراً أن كواليس القمة شهدت جدلاً مكتوماً بين الأطراف المشاركة فى الإعداد لها من وزراء ومنظمات ورجال أعمال حول من الذى يجب أن يبدأ أولاً.. الحكومات أم المنظمات ورجال الأعمال؟!..
فالمنظمات ورجال الأعمال ألقوا بالكرة فى ملعب الحكومات.. ويرون أنها هى التى يجب أن تبدأ أولاً فى تمهيد السبيل لهم بتعديل التشريعات، ومنح المزيد من التيسيرات حتى يمكن لهم الاستثمار وتنفيذ قرارات القمة على أرض الواقع..!
وانتهزت المنظمات ورجال الأعمال الفرصة وتقدموا بقوائم طويلة عريضة من المطالب تبدأ من مجرد تهيئة المناخ للحوار فيما بينهم، وتنتهى بالمطالبة بالسماح لبعض منظمات الأعمال بإنشاء محكمة اقتصادية خاصة بها.. أى والله.. محكمة اقتصادية خاصة بها..!
وتردد فى الكواليس أن الحكومات هى السبب الرئيسى فى عدم تنفيذ قرارات معظم القمم.. حتى قمة الكويت الاقتصادية الأولى التى لم تحقق إلا هدفاً يتيماً فقط وهو إنشاء صندوق لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة.. وحتى ما تم تجميعه من رأس مال هذا الصندوق لم يتجاوز 297 مليون دولار رغم أن المطلوب 2 مليار دولار بالتمام والكمال.
ولكن عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية له رأى مختلف فهو على العكس من ذلك يرى أن القمة الاقتصادية الأولى فى الكويت أصدرت العديد من المشروعات المهمة، كما عملت على خلق تنسيق عربى فى التعامل مع الأزمة العالمية، وأطلقت مشروعات مهمة من أجل تعزيز التنمية فى المنطقة، والحد من الفقر والبطالة، وتحسين الرعاية الصحية والربط بين الدول العربية عبر السكك الحديدية والطرق البرية.
وأكد موسى أيضاً أن تنفيذ قرارات قمة الكويت تم بدرجات متفاوتة، ولكن فى المجمل تم التنفيذ بدرجة «لا بأس بها» خاصة مبادرة دولة الكويت بإنشاء صندوق لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، مشيراً إلى أن حجم المساهمات الرسمية فى الصندوق وصلت إلى مليار و300 مليون دولار، مما يتيح تمويل المشروعات فى المناطق الأقل نمواً فى العالم العربى، وخفض معدلات البطالة.
واستعرض موسى ما تم تنفيذه من قرارات قمة الكويت، وإن أكد أن هناك بعض المعوقات التى تعوق التنفيذ خاصة من الناحية المالية.
أما المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة فقد تخلى عن دبلوماسيته المعهودة وتحدث بصراحة سواء فى بياناته الرسمية المكتوبة أو فى مناقشاته داخل الاجتماعات التى سبقت القمة، أن السبب الرئيسى فى عدم تنفيذ معظم القرارات، والفشل فى تحقيق التكامل الاقتصادى العربى بالصورة التى تلبى طموح المواطن والقدرات الاقتصادية العربية على مدى ستين عاماً يرجع إما لرفض الحكومات العربية التنازل عن بعض سلطاتها المحلية لمصلحة العمل الاقتصادية الجماعى العربى، وإما للضغوط التى يمارسها بعض رجال الأعمال والمستثمرين على الحكومات لعدم تنفيذ تلك القرارات لتعارضها مع مصالحهم الخاصة..!!
مبادرة «غامضة»
ولعل أبرز حدث شهدته كواليس القمة، وقبيل ساعات من انعقادها، إطلاق رؤساء أكبر مائة شركة إقليمية وصندوق سيادى عربى ومصرى ما أسموه بمبادرة رجال الأعمال..
وعلى الرغم من قيام رئيس المبادرة عبد الله صالح كامل ونائبيه ياسر الملوانى ومحمد الشايع فى جلستين سبقتا القمة.. ومؤتمر صحفى شرح أهداف المبادرة وكيفية تنفيذها.. إلا أن آليات التنفيذ كانت غائبة وظلت المبادرة غامضة ومستعصية الفهم على الكثيرين من الذين شهدوا إطلاقها وانعكس ذلك على الأسئلة والتساؤلات العديدة التى طرحها الصحفيون فى المؤتمر الصحفى على رئيس المبادرة ونائبيه دون أن يتلقوا إجابات شافية ووافية..!
فالمبادرة، كما يقول رئيسها، هى منصة عمل لوضع رؤية وبلورة آليات لتحقيق القرارات القابلة للتطبيق التى تصدر عن القمة الاقتصادية، وهى تجمع، أى المبادرة، شركات خاصة عابرة للقومية.
ويؤكد رئيس المبادرة أن المشاركين فيها لا تنقصهم الأفكار، ولكنهم يحتاجون إلى آليات لتنفيذ القرارات على أرض الواقع وتحسين مناخ الاستثمار فى الدول العربية، وتفعيل دور المحكمة الاقتصادية والإسراع بإتاحة حرية تنقل الأفراد والاستثمارات بين الدول العربية..
وقال رئيس المبادرة إنه تم تكوين 6 ورش عمل منبثقة عن المبادرة لتحديد محاور معينة يتم التركيز عليها ووضع آليات لتنفيذها..
مؤكداً أن الهدف النهائى للمبادرة هو خلق المزيد من فرص العمل للمواطن العربى.
أما ياسر الملوانى نائب رئيس المبادرة فيؤكد أن المبادرة تحرص على أن يكون لها إطار مؤسسى أسوة بما يحدث فى العالم، بحيث تعمل وتستمر دون أن ترتبط بأشخاص، وتلعب دورها فى إيصال الرأى والمشورة لصُنّاع القرار فى الوطن العربى.
آراء متباينة
وقد تباينت الآراء حول مبادرة رجال الأعمال.. ففى الوقت الذى أكدت فيه السفيرة ميرفت التلاوى على أنه إذا لم يضبط رجال الأعمال إيقاعهم لتنفيذ هذه المبادرة على أرض الواقع ستضيع هيبتهم والآمال المعقودة عليهم لتحريك الحياة الاقتصادية فى المنطقة العربية.. فالتنفيذ على أرض الواقع هو معيار النجاح للمبادرة..
أما الشيخة حصة سعد العبد الله الصباح رئيسة مجلس سيدات الأعمال العرب فتنتقد المبادرة لأنها ركّزت على دور رجال الأعمال فقط، وأغفلت دور سيدات الأعمال رغم أنهن سبّاقات فى مجال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. ونتساءل أين دور المرأة فى هذه المبادرة.
وتطالب بضرورة التوصل لحلول جذرية لمشكلة التأشيرات وتحقيق حرية التنقل بين الدول العربية لضمان نجاح المبادرة.
ويرى المهندس عبد الهادى عبدالمنعم رئيس الاتحاد العربى للصناعات الهندسية أنه لنجاح المبادرة يجب وضع ضمانات للاستثمارات بنفس قوة ضمانات سندات الخزانة التى تضمنها الدولة، ولابد من دخول المشاركين فى المبادرة فى مجالات غائبة تماماً عن اهتمامات المستثمرين العرب، فمثلاً على الرغم من وجود صناعة للسيارات فى الدول العربية لم يفكر مستثمر واحد فى عمل جرار زراعى لخدمة قطاع الزراعة وتحقيق الأمن الغذائى العربى..!
محكمة خاصة
ولم يفوت اتحاد الغرف التجارية العربية الفرصة وطرح هو الآخر قائمة بمطالبة على الحكومات العربية حتى يتسنى لأعضائه المشاركة فى تنفيذ قرارات القمة الاقتصادية.
ولعل أغرب وأطرف مطلب طرحه الاتحاد وعبر عنه أحمد الوكيل نائب رئيس الاتحاد هو تكليف الاتحاد بإنشاء محكمة اقتصادية نعم محكمة اقتصادية للتحكيم فى المنازعات التجارية.
كما طالب بإزالة كافة المعوقات والمشاكل أمام القطاع الخاص وإصدار قرار بحرية تنقل رجال الأعمال بين الدول العربية على أن يقوم الاتحاد بالتنسيق مع الجهات المختصة فى هذا الصدد.
كما طالب الاتحاد بإزالة كافة القيود أمام القطاع الخاص العربى للاستثمار فى مشروعات البنية الأساسية وتعزيز المشاركة مع الحكومة ووضع الضمانات الكافية لضمان الاستثمارات وتعديل بعض التشريعات التى تعوق القطاع الخاص.
وطالب الوكيل بأن يتم اعتماد الغرف العربية كمنسق مع الحكومات لتفعيل كل القرارات الصادرة عن القمة ومتابعة تنفيذ البروتوكولات الموقعة بين الدول العربية.
رسالة طريفة
والطريف أن كواليس القمة حفلت بالعديد من المواقف المتناقضة والتى قد تصل إلى حد الطرافة ومنها الرسالة التى وجهتها منظمات المجتمع المدنى للقمة والتى تضمنت رؤيتها للمطلوب من القمة.. وهى رسالة لم تختلف كثيرا عن الرسالة التى وجهتها المنظمات فى القمة الاقتصادية الأولى بالكويت منذ سنتين بل تضمنت فى بعض جوانبها نفس العبارات والصيغ التى وردت فى الرسالة الأولى ومنها إعراب هذه المنظمات عن غضبها من أن القضية الاجتماعية مازالت هامشية وتحتل موقعا ثانويا فى اهتمام القمم التى تركز دوما على الجوانب الاقتصادية فقط.
وترى المنظمات أن معظم قرارات قمة الكويت لم توضع موضع التنفيذ وهى مازالت حبرا على ورق، ولذلك فإن معظم التوصيات التى رفعوها لقمة الكويت هى نفسها التى وجهوها فى رسالتهم لقمة شرم الشيخ لإنها رغم مرور عامين عليها. تظل صالحة فى أغلب مكوناتها.
وكان أبرز هذه التوصيات هو دعوة منظمات المجتمع المدنى لعقد اجتماع رفيع المستوى بعد سنة من الآن يخصص للقضية الاجتماعية بمختلف جوانبها على أن يرفع الاجتماع توصياته للقمة الاقتصادية الثالثة بعد سنتين.
والطريف أن المنظمات تدعو إلى إشراك الأمم المتحدة فى تنظيم حوار بين هيئات جامعة الدول العربية وممثلى الشبكات المحلية والوطنية لمنظمات المجتمع المدنى فى المنطقة العربية لتشكيل إطار للحوار والتعاون والشراكة. بل تدعو المنظمات الأمم المتحدة للقيام بدور فى تقريب وجهات النظر بين الجامعة العربية والمنظمات!
ودون الدخول فى تفاصيل باقى التوصيات فإنها جاءت كلها إنشائية حتى أن بعضها كان غامضا حتى من ناحية الصياغة والكلام والمصطلحات غير المترابطة من عينة التوصية الجزئية رقم «ح» فى التوصية العامة رقم 3 والتى جاء نصها: «دعوة الدول العربية إلى الدفع باتجاه النظر فى العلاقة الهيكلية ما بين أهداف الألفية السبع الأولى والهدف الثامن المتعلق بالنظام التجارى العالمى ومقاربات المساعدات التنموية ومشكلة الديون فى الدول النامية.. انتهت التوصية بذمتكم حد فاهم حاجة..؟!
ولم تكن توصيات مجلس الشباب العربى التى رفعت إلى قمة شرم الشيخ بأحسن حالا من رسالة منظمات المجتمع المدنى فقد جاء معظمها إنشائيا لا يرتبط بالواقع وبعضها غير قابل للتطبيق.
من عينة ما جاء فى التوصية الأولى التى تدعو إلى استصدار قوانين عصرية ملائمة فى مجال تنظيم علاقة تشاركية بين منظمات المجتمع المدنى والحكومات لتحقيق الجمعيات الأهلية وتعزيز آلية العمل الديمقراطى..! ومن حقى هنا أن أتساءل للمرة الثانية.. حد فاهم حاجة..؟!
وهكذا جاءت معظم توصيات المجلس العشر فكلها متشابهة تقريبا فى صياغتها بعبارات إنشائية غامضة لا تعبر عما يعانيه ملايين الشباب فى عالمنا العربى ولا تقترب من رصد همومه ومشاكله والحلول المقترحة لها وفى مقدمتها مشكلة البطالة وتحسين مستويات المعيشة.
النقاط على الحروف
والحقيقة أن كل من تابع الإعداد للقمة الاقتصادية بشرم الشيخ وما دار فى كواليسها يلحظ الدور المهم الذى لعبه المهندس رشيد محمد رشيد لوضع النقاط على الحروف بالنسبة لرؤية الحكومات للدور الذى يجب أن يلعبه رجال الأعمال من خلال مبادرتهم لتنفيذ قرارات القمة.
فهو يرى أن التحدى الحقيقى أمام تنفيذ القرارات وما يتم الاتفاق عليه هو المشاركة الحقيقية والفاعلة لرجال الأعمال.. فالحكومات وحدها لن تستطيع تنفيذ كل القرارات والمشروعات ويجب على رجال الأعمال أن يشاركوا صناع القرار فى تحديد أولويات الفترة القادمة.
وقال إن الحكومة ستحرص على مشاركة اتحاد الغرف ومنظمات الأعمال فى المجالس الوزارية من منطلق شراكة حقيقية فالحكومات لديها الرغبة السياسية فى تفعيل دور رجال الأعمال لكن المشكلة هى فى القدرة على التنفيذ.
والفائدة كما يؤكد رشيد ستكون أكبر لرجال الأعمال لكن هناك خطوات مؤلمة عليهم أن يتخذوها، فالكثير منهم يتمتع بقدر من الحماية لا يريد التنازل عنها كما أن موضوع الكفيل لن تحله الحكومات العربية وحدها فهل منظمات الأعمال واتحاد الغرف موافق فعلا على تحرير التجارة وتسهيل انتقال لأفراد دون حواجز أو عقبات..؟!
فالحكومات تتردد فى تنفيذ العديد من القرارات نتيجة لضغوط رجال الأعمال وللأسف فإن الأموال موجودة بكثرة فى المنطقة العربية لكنها للأسف لا توجه التوجيه الأمثل لتنفيذ الاستثمارات المشتركة. فمشروعات قمة الكويت لم تنفذ رغم وجود التمويل ولذلك على رجال الأعمال أن يحددوا آلية التنفيذ المناسبة لهذه المشروعات.
كما حرص المهندس رشيد منذ اللحظة الأولى لبدء الإعداد للقمة على أن يرد على تساؤلات الساعة والتى جاءت على شكل ألغام من جانب عدد من الزملاء الصحفيين المشاركين إن جاز لى التعبير بعد دقائق من وصول رشيد لشرم الشيخ قادما من القاهرة بعد حضور اجتماع طارئ لمجلس الوزراء.
فقد رد رشيد على سؤال عن كيف يمكن لهذه القمم أن تحد من ثورات الجياع والعاطلين كما حدث فى تونس الشقيقة وكيف يمكن لقراراتها أن ترتبط بتحسين أوضاع المواطنين العرب؟! وهل ما حدث فى تونس سيؤثر على مصر؟ وكلها كما ترى أسئلة ملغمة لكن رشيد أجاب عليها كلها بهدوء متخليا عن دبلوماسية المعهودة مؤكدا أن الهدف الأساسى من القمة الاقتصادية هو تحقيق التكامل الاقتصادى العربى وزيادة معدلات النمو فى المنطقة وزيادة الاستثمارات وخلق فرص عمل جديدة ورفع مستوى معيشة الأفراد، فالاحتياجات التى عبر عنها المواطن فى تونس هى نفسها التى تشكل محور اهتمام القادة العرب فى القمة.
فكل دولة لا يمكنها بمفردها أن تحقق منظومة اقتصادية ناجحة دون التعاون مع الدول الأخرى.
وقال رشيد أن أحداث تونس تدفع العرب إلى تعاون اقتصادى أكبر لأن هذه الأحداث تؤكد أن التنمية هى سبب الأزمة ولذلك فجزء أساسى من الحل هو التعاون على المستوى الإقليمى لتحقيق معدلات أعلى من التنمية وحل كل المشاكل سواء أكانت البطالة أم ارتفاع الأسعار أم الأمن الغذائى.
وأكد رشيد كذلك على أن ما حدث فى تونس لن يؤثر على مصر، لأن فى مصر منظومة متكاملة لدعم المواطن البسيط تم إرساؤها أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 مشيرا إلى أن هناك 63 مليون بطاقة تموينية مدعمة بالكامل أى أن أكثر من ثلثى سكان مصر معزولون عن الارتفاع العالمى للأسعار.
وبقيت ملاحظات
وبعد أن استعرضنا بعض ما دار فى كواليس القمة الاقتصادية بشرم الشيخ بقيت لنا بعض الملاحظات على رؤى رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدنى لتفعيل قرارات القمة وتنفيذ المشروعات المشتركة التى يتم الاتفاق عليها.
فمن الواضح أن مفردات خطاب رجال الأعمال واتحاد الغرف ومنظمات المجتمع المدنى لم تختلف كثيرا عن مفردات خطاباتهم السابقة خلال السنوات الماضية. فهى تتبنى نفس المطالب المحفوظة عن ظهر قلب كتعديل التشريعات وتهيئة مناخ الاستثمار والمشاركة فى وضع القوانين ومعظمها دون أية مجاملة لبعض الحكومات العربية خاصة الحكومة المصرية، تحقق بالفعل على أرض الواقع لكن مازال رجال الأعمال والمنظمات يطالبون بالمزيد. والمزيد دون أن يقدموا آليات محددة لتنفيذ ذلك.
وفى تقديرى أن رجال الأعمال والمنظمات يجب أن يكونوا عند حسن ظن الشعوب والحكومة بهم. وعليهم أن يبادروا بتوجيه جزء من أموالهم للاستثمار فى المشروعات التى توفر المزيد من فرص العمل، وتخدم المجتمعات وتسهم فى زيادة معدلات التنمية، لأن هذا هو السبيل الوحيد لاستقرار المجتمعات العربية والذى يعد إحدى القضايا المهمة للمستثمرين لتعظيم العائد من الاستثمارات القائمة أو لجذب استثمارات جديدة.
نعم يجب على الحكومات أن تهيئ بيئة العمل والاستثمار لكن يجب على المستثمرين ورجال الأعمال والمنظمات أن يبادروا بالعمل دون تردد أو انتظار لتنازلات من الحكومات إنطلاقا من مسئولياتهم تجاه مجتمعاتهم وأيضا تحقيقا لأهدافهم فى استثمارات آمنة ومستقرة بعائد مضمون.
باختصار.. يجب ألا ينجرف الجميع إلى متاهة من الذى يبدأ أولا.. الحكومات أم رجال الأعمال والمنظمات لأن مثل هذا السؤال لن نصل إلى إجابة محددة له، لأنه بصراحة لا يختلف كثيرا عن السؤال الأزلى الذى حير الدنيا منذ القدم دون أن يجدوا إجابة له وهو من الذى جاء أولا..الفرخة.. أم البيضة..؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.