"القومي لذوي الإعاقة": المجلس كثف جهوده خلال الثلاث سنوات الماضية محليًّا ودوليًّا    برئاسة عوض تاج الدين.. انعقاد اجتماع مجلس أمناء جامعة أسيوط الأهلية    قافلة دعوية بمساجد رفح والشيخ زويد في شمال سيناء    تعرف على أسعار الأسماك اليوم الجمعة 9 مايو 2025    وزيرة التخطيط تعقد جلسة مباحثات مع وزير التنمية اليوناني لتعزيز العلاقات الاقتصادية    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    «تكشف عن مزايا جديدة».. بيان من الضرائب بشأن منظومة الفاتورة الإلكترونية (تفاصيل)    منها 4 مشروعات قومية.. اللجنة العليا لتراخيص الشواطئ توافق على 25 مشروعًا (تفاصيل)    نائب رئيس حزب المؤتمر: مشاركة الرئيس السيسي في عيد النصر رسالة سياسية تعكس مكانة مصر الدولية    بابا الفاتيكان وترامب.. صحف عالمية تكشف أسباب العداء    استشهاد 4 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على قطاع غزة    المستشار الألماني: مستعدون لزيادة الضغط على روسيا بفرض العقوبات    تعرض حكم مباراة الزمالك وسيراميكا لحادث سير    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    مصرع ربة منزل ونجلتها في حريق شقة سكنية ببنها    محافظة الجيزة تعلن غلق كوبري 26 يوليو لمدة 10 أيام    ضبط عاطل وابن أخيه انتحلا صفة موظفي بنك وسرقا أموال مواطن بالقاهرة    قبل افتتاحه الرسمي.. المتحف الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز توت عنخ آمون (تفاصيل)    تعرف على العروض المشاركة بمهرجان المسرح العالمي في دورته ال40    «الرعاية الصحية» تُقرر فتح باب التقدم للقيد بسجل الموردين والمقاولين والاستشاريين    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    تواجد صلاح ومرموش.. أفضل 11 لاعبا للجولة 36 من فانتازي الدوري الإنجليزي    محمد صلاح يحصد جائزة "لاعب الموسم" من رابطة الكتاب 22 مايو    بسبب حادث سير.. تغيير في طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا    سقوط شبكة دولية لغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات بمدينة نصر    سنن النبي وقت صلاة الجمعة.. 5 آداب يكشف عنها الأزهر للفتوى    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة بالأسواق (موقع رسمي)    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    خلافات عميقة وتهميش متبادل.. العلاقة بين ترامب ونتنياهو إلى أين؟    5 حالات اختناق بمنزل وحادث اعتداء على سوداني بالجيزة    بوتين: روسيا ستبقى قوة عالمية غير قابلة للهزيمة    احتفالات روسيا بالذكرى ال 80 للنصر العظيم..حقائق وأرقام    جدول امتحانات خامسة ابتدائي الترم الثاني 2025 بالقليوبية «المواد المضافة للمجموع»    مروان موسى ل«أجمد 7» ألبومى الجديد 23 أغنية..ويعبر عن حياتي بعد فقدان والدتي    حفيدة الشيخ محمد رفعت: جدى كان شخص زاهد يميل للبسطاء ومحب للقرآن الكريم    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني للطلبة المصريين في الخارج غدا    إنفانتينو يستعد لزيارة السعودية خلال جولة ترامب    «دمياط للصحة النفسية» تطلق مرحلة تطوير استثنائية    افتتاح وحدة عناية مركزة متطورة بمستشفى دمياط العام    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    جوميز: مواجهة الوحدة هي مباراة الموسم    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    أحمد داش: الجيل الجديد بياخد فرص حقيقية.. وده تطور طبيعي في الفن    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملاحظات وتساؤلات من كواليس القمة الاقتصادية
نشر في أكتوبر يوم 23 - 01 - 2011

التساؤلات التى دارت داخل كواليس القمة الاقتصادية العربية الثانية التى احتضنتها مدينة شرم الشيخ الأسبوع الماضى لا تختلف كثيراً عن التساؤلات التى تتقافز فى ذهن كل مواطن مصرى وعربى، والتى أصبحت مادة دائمة فى «مجالس النميمة» مع انعقاد كل قمة عربية..!
لعل فى مقدمة هذه التساؤلات هو: هل تختلف هذه القمة الاقتصادية عن باقى القمم السياسية والتى حصلت على «صفر كبير» على مدى 60 عاماً بالتمام والكمال، وفشلت عن جدارة واستحقاق فى التفاعل مع هموم وقضايا المواطن العربى من المحيط للخليج.. وضلت قراراتها طريقها إلى التنفيذ..؟!! والتساؤل الآخر الذى يطرح نفسه أيضاً.. ما الجديد الذى أضافته قمة شرم الشيخ «الثانية» خاصة وأن أغلب القضايا المدرجة على جدول أعمالها تكاد تكون هى نفسها «الخالق الناطق» نفس القضايا التى كانت مدرجة على جدول أعمال قمة الكويت «الأولى» التى عقدت منذ سنتين.. وهى قد تكون هى نفسها المدرجة على جدول أعمال القمة «الثالثة» التى لم تعقد بعد؟!!
أما سؤال الساعة الذى تردد فى كواليس القمة، بل فى اللقاءات العامة مع الوزراء وكبار المسئولين فى المؤتمر هو: كيف يمكن لمثل هذه القمم أن تحول دون وقوع اضطرابات وثورات عاطلين وجياع فى الدول العربية، كما حدث ويحدث فى تونس الشقيقة.. وكيف يمكن لقرارات القمة ومشاريعها أن توقف مسلسل المواطنين العرب الذين يضرمون النار فى أنفسهم هنا أو هناك يأساً من ضيق الحال.. والمآل..؟!!
كلها تساؤلات حاولت على مدى ثلاثة أيام قضيتها فى كواليس القمة فى شرم الشيخ، بعيداً عن أمطار وزعابيب القاهرة وثلوجها، أن أتلمس الإجابة عنها من خلال رصد رؤى مختلف الأطراف والأطياف التى شاركت فى الإعداد للقمة من وزراء ورجال أعمال ومنظمات المجتمع المدنى والشباب.
من يبدأ أولاً..؟
وليس سراً أن كواليس القمة شهدت جدلاً مكتوماً بين الأطراف المشاركة فى الإعداد لها من وزراء ومنظمات ورجال أعمال حول من الذى يجب أن يبدأ أولاً.. الحكومات أم المنظمات ورجال الأعمال؟!..
فالمنظمات ورجال الأعمال ألقوا بالكرة فى ملعب الحكومات.. ويرون أنها هى التى يجب أن تبدأ أولاً فى تمهيد السبيل لهم بتعديل التشريعات، ومنح المزيد من التيسيرات حتى يمكن لهم الاستثمار وتنفيذ قرارات القمة على أرض الواقع..!
وانتهزت المنظمات ورجال الأعمال الفرصة وتقدموا بقوائم طويلة عريضة من المطالب تبدأ من مجرد تهيئة المناخ للحوار فيما بينهم، وتنتهى بالمطالبة بالسماح لبعض منظمات الأعمال بإنشاء محكمة اقتصادية خاصة بها.. أى والله.. محكمة اقتصادية خاصة بها..!
وتردد فى الكواليس أن الحكومات هى السبب الرئيسى فى عدم تنفيذ قرارات معظم القمم.. حتى قمة الكويت الاقتصادية الأولى التى لم تحقق إلا هدفاً يتيماً فقط وهو إنشاء صندوق لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة.. وحتى ما تم تجميعه من رأس مال هذا الصندوق لم يتجاوز 297 مليون دولار رغم أن المطلوب 2 مليار دولار بالتمام والكمال.
ولكن عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية له رأى مختلف فهو على العكس من ذلك يرى أن القمة الاقتصادية الأولى فى الكويت أصدرت العديد من المشروعات المهمة، كما عملت على خلق تنسيق عربى فى التعامل مع الأزمة العالمية، وأطلقت مشروعات مهمة من أجل تعزيز التنمية فى المنطقة، والحد من الفقر والبطالة، وتحسين الرعاية الصحية والربط بين الدول العربية عبر السكك الحديدية والطرق البرية.
وأكد موسى أيضاً أن تنفيذ قرارات قمة الكويت تم بدرجات متفاوتة، ولكن فى المجمل تم التنفيذ بدرجة «لا بأس بها» خاصة مبادرة دولة الكويت بإنشاء صندوق لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، مشيراً إلى أن حجم المساهمات الرسمية فى الصندوق وصلت إلى مليار و300 مليون دولار، مما يتيح تمويل المشروعات فى المناطق الأقل نمواً فى العالم العربى، وخفض معدلات البطالة.
واستعرض موسى ما تم تنفيذه من قرارات قمة الكويت، وإن أكد أن هناك بعض المعوقات التى تعوق التنفيذ خاصة من الناحية المالية.
أما المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة فقد تخلى عن دبلوماسيته المعهودة وتحدث بصراحة سواء فى بياناته الرسمية المكتوبة أو فى مناقشاته داخل الاجتماعات التى سبقت القمة، أن السبب الرئيسى فى عدم تنفيذ معظم القرارات، والفشل فى تحقيق التكامل الاقتصادى العربى بالصورة التى تلبى طموح المواطن والقدرات الاقتصادية العربية على مدى ستين عاماً يرجع إما لرفض الحكومات العربية التنازل عن بعض سلطاتها المحلية لمصلحة العمل الاقتصادية الجماعى العربى، وإما للضغوط التى يمارسها بعض رجال الأعمال والمستثمرين على الحكومات لعدم تنفيذ تلك القرارات لتعارضها مع مصالحهم الخاصة..!!
مبادرة «غامضة»
ولعل أبرز حدث شهدته كواليس القمة، وقبيل ساعات من انعقادها، إطلاق رؤساء أكبر مائة شركة إقليمية وصندوق سيادى عربى ومصرى ما أسموه بمبادرة رجال الأعمال..
وعلى الرغم من قيام رئيس المبادرة عبد الله صالح كامل ونائبيه ياسر الملوانى ومحمد الشايع فى جلستين سبقتا القمة.. ومؤتمر صحفى شرح أهداف المبادرة وكيفية تنفيذها.. إلا أن آليات التنفيذ كانت غائبة وظلت المبادرة غامضة ومستعصية الفهم على الكثيرين من الذين شهدوا إطلاقها وانعكس ذلك على الأسئلة والتساؤلات العديدة التى طرحها الصحفيون فى المؤتمر الصحفى على رئيس المبادرة ونائبيه دون أن يتلقوا إجابات شافية ووافية..!
فالمبادرة، كما يقول رئيسها، هى منصة عمل لوضع رؤية وبلورة آليات لتحقيق القرارات القابلة للتطبيق التى تصدر عن القمة الاقتصادية، وهى تجمع، أى المبادرة، شركات خاصة عابرة للقومية.
ويؤكد رئيس المبادرة أن المشاركين فيها لا تنقصهم الأفكار، ولكنهم يحتاجون إلى آليات لتنفيذ القرارات على أرض الواقع وتحسين مناخ الاستثمار فى الدول العربية، وتفعيل دور المحكمة الاقتصادية والإسراع بإتاحة حرية تنقل الأفراد والاستثمارات بين الدول العربية..
وقال رئيس المبادرة إنه تم تكوين 6 ورش عمل منبثقة عن المبادرة لتحديد محاور معينة يتم التركيز عليها ووضع آليات لتنفيذها..
مؤكداً أن الهدف النهائى للمبادرة هو خلق المزيد من فرص العمل للمواطن العربى.
أما ياسر الملوانى نائب رئيس المبادرة فيؤكد أن المبادرة تحرص على أن يكون لها إطار مؤسسى أسوة بما يحدث فى العالم، بحيث تعمل وتستمر دون أن ترتبط بأشخاص، وتلعب دورها فى إيصال الرأى والمشورة لصُنّاع القرار فى الوطن العربى.
آراء متباينة
وقد تباينت الآراء حول مبادرة رجال الأعمال.. ففى الوقت الذى أكدت فيه السفيرة ميرفت التلاوى على أنه إذا لم يضبط رجال الأعمال إيقاعهم لتنفيذ هذه المبادرة على أرض الواقع ستضيع هيبتهم والآمال المعقودة عليهم لتحريك الحياة الاقتصادية فى المنطقة العربية.. فالتنفيذ على أرض الواقع هو معيار النجاح للمبادرة..
أما الشيخة حصة سعد العبد الله الصباح رئيسة مجلس سيدات الأعمال العرب فتنتقد المبادرة لأنها ركّزت على دور رجال الأعمال فقط، وأغفلت دور سيدات الأعمال رغم أنهن سبّاقات فى مجال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. ونتساءل أين دور المرأة فى هذه المبادرة.
وتطالب بضرورة التوصل لحلول جذرية لمشكلة التأشيرات وتحقيق حرية التنقل بين الدول العربية لضمان نجاح المبادرة.
ويرى المهندس عبد الهادى عبدالمنعم رئيس الاتحاد العربى للصناعات الهندسية أنه لنجاح المبادرة يجب وضع ضمانات للاستثمارات بنفس قوة ضمانات سندات الخزانة التى تضمنها الدولة، ولابد من دخول المشاركين فى المبادرة فى مجالات غائبة تماماً عن اهتمامات المستثمرين العرب، فمثلاً على الرغم من وجود صناعة للسيارات فى الدول العربية لم يفكر مستثمر واحد فى عمل جرار زراعى لخدمة قطاع الزراعة وتحقيق الأمن الغذائى العربى..!
محكمة خاصة
ولم يفوت اتحاد الغرف التجارية العربية الفرصة وطرح هو الآخر قائمة بمطالبة على الحكومات العربية حتى يتسنى لأعضائه المشاركة فى تنفيذ قرارات القمة الاقتصادية.
ولعل أغرب وأطرف مطلب طرحه الاتحاد وعبر عنه أحمد الوكيل نائب رئيس الاتحاد هو تكليف الاتحاد بإنشاء محكمة اقتصادية نعم محكمة اقتصادية للتحكيم فى المنازعات التجارية.
كما طالب بإزالة كافة المعوقات والمشاكل أمام القطاع الخاص وإصدار قرار بحرية تنقل رجال الأعمال بين الدول العربية على أن يقوم الاتحاد بالتنسيق مع الجهات المختصة فى هذا الصدد.
كما طالب الاتحاد بإزالة كافة القيود أمام القطاع الخاص العربى للاستثمار فى مشروعات البنية الأساسية وتعزيز المشاركة مع الحكومة ووضع الضمانات الكافية لضمان الاستثمارات وتعديل بعض التشريعات التى تعوق القطاع الخاص.
وطالب الوكيل بأن يتم اعتماد الغرف العربية كمنسق مع الحكومات لتفعيل كل القرارات الصادرة عن القمة ومتابعة تنفيذ البروتوكولات الموقعة بين الدول العربية.
رسالة طريفة
والطريف أن كواليس القمة حفلت بالعديد من المواقف المتناقضة والتى قد تصل إلى حد الطرافة ومنها الرسالة التى وجهتها منظمات المجتمع المدنى للقمة والتى تضمنت رؤيتها للمطلوب من القمة.. وهى رسالة لم تختلف كثيرا عن الرسالة التى وجهتها المنظمات فى القمة الاقتصادية الأولى بالكويت منذ سنتين بل تضمنت فى بعض جوانبها نفس العبارات والصيغ التى وردت فى الرسالة الأولى ومنها إعراب هذه المنظمات عن غضبها من أن القضية الاجتماعية مازالت هامشية وتحتل موقعا ثانويا فى اهتمام القمم التى تركز دوما على الجوانب الاقتصادية فقط.
وترى المنظمات أن معظم قرارات قمة الكويت لم توضع موضع التنفيذ وهى مازالت حبرا على ورق، ولذلك فإن معظم التوصيات التى رفعوها لقمة الكويت هى نفسها التى وجهوها فى رسالتهم لقمة شرم الشيخ لإنها رغم مرور عامين عليها. تظل صالحة فى أغلب مكوناتها.
وكان أبرز هذه التوصيات هو دعوة منظمات المجتمع المدنى لعقد اجتماع رفيع المستوى بعد سنة من الآن يخصص للقضية الاجتماعية بمختلف جوانبها على أن يرفع الاجتماع توصياته للقمة الاقتصادية الثالثة بعد سنتين.
والطريف أن المنظمات تدعو إلى إشراك الأمم المتحدة فى تنظيم حوار بين هيئات جامعة الدول العربية وممثلى الشبكات المحلية والوطنية لمنظمات المجتمع المدنى فى المنطقة العربية لتشكيل إطار للحوار والتعاون والشراكة. بل تدعو المنظمات الأمم المتحدة للقيام بدور فى تقريب وجهات النظر بين الجامعة العربية والمنظمات!
ودون الدخول فى تفاصيل باقى التوصيات فإنها جاءت كلها إنشائية حتى أن بعضها كان غامضا حتى من ناحية الصياغة والكلام والمصطلحات غير المترابطة من عينة التوصية الجزئية رقم «ح» فى التوصية العامة رقم 3 والتى جاء نصها: «دعوة الدول العربية إلى الدفع باتجاه النظر فى العلاقة الهيكلية ما بين أهداف الألفية السبع الأولى والهدف الثامن المتعلق بالنظام التجارى العالمى ومقاربات المساعدات التنموية ومشكلة الديون فى الدول النامية.. انتهت التوصية بذمتكم حد فاهم حاجة..؟!
ولم تكن توصيات مجلس الشباب العربى التى رفعت إلى قمة شرم الشيخ بأحسن حالا من رسالة منظمات المجتمع المدنى فقد جاء معظمها إنشائيا لا يرتبط بالواقع وبعضها غير قابل للتطبيق.
من عينة ما جاء فى التوصية الأولى التى تدعو إلى استصدار قوانين عصرية ملائمة فى مجال تنظيم علاقة تشاركية بين منظمات المجتمع المدنى والحكومات لتحقيق الجمعيات الأهلية وتعزيز آلية العمل الديمقراطى..! ومن حقى هنا أن أتساءل للمرة الثانية.. حد فاهم حاجة..؟!
وهكذا جاءت معظم توصيات المجلس العشر فكلها متشابهة تقريبا فى صياغتها بعبارات إنشائية غامضة لا تعبر عما يعانيه ملايين الشباب فى عالمنا العربى ولا تقترب من رصد همومه ومشاكله والحلول المقترحة لها وفى مقدمتها مشكلة البطالة وتحسين مستويات المعيشة.
النقاط على الحروف
والحقيقة أن كل من تابع الإعداد للقمة الاقتصادية بشرم الشيخ وما دار فى كواليسها يلحظ الدور المهم الذى لعبه المهندس رشيد محمد رشيد لوضع النقاط على الحروف بالنسبة لرؤية الحكومات للدور الذى يجب أن يلعبه رجال الأعمال من خلال مبادرتهم لتنفيذ قرارات القمة.
فهو يرى أن التحدى الحقيقى أمام تنفيذ القرارات وما يتم الاتفاق عليه هو المشاركة الحقيقية والفاعلة لرجال الأعمال.. فالحكومات وحدها لن تستطيع تنفيذ كل القرارات والمشروعات ويجب على رجال الأعمال أن يشاركوا صناع القرار فى تحديد أولويات الفترة القادمة.
وقال إن الحكومة ستحرص على مشاركة اتحاد الغرف ومنظمات الأعمال فى المجالس الوزارية من منطلق شراكة حقيقية فالحكومات لديها الرغبة السياسية فى تفعيل دور رجال الأعمال لكن المشكلة هى فى القدرة على التنفيذ.
والفائدة كما يؤكد رشيد ستكون أكبر لرجال الأعمال لكن هناك خطوات مؤلمة عليهم أن يتخذوها، فالكثير منهم يتمتع بقدر من الحماية لا يريد التنازل عنها كما أن موضوع الكفيل لن تحله الحكومات العربية وحدها فهل منظمات الأعمال واتحاد الغرف موافق فعلا على تحرير التجارة وتسهيل انتقال لأفراد دون حواجز أو عقبات..؟!
فالحكومات تتردد فى تنفيذ العديد من القرارات نتيجة لضغوط رجال الأعمال وللأسف فإن الأموال موجودة بكثرة فى المنطقة العربية لكنها للأسف لا توجه التوجيه الأمثل لتنفيذ الاستثمارات المشتركة. فمشروعات قمة الكويت لم تنفذ رغم وجود التمويل ولذلك على رجال الأعمال أن يحددوا آلية التنفيذ المناسبة لهذه المشروعات.
كما حرص المهندس رشيد منذ اللحظة الأولى لبدء الإعداد للقمة على أن يرد على تساؤلات الساعة والتى جاءت على شكل ألغام من جانب عدد من الزملاء الصحفيين المشاركين إن جاز لى التعبير بعد دقائق من وصول رشيد لشرم الشيخ قادما من القاهرة بعد حضور اجتماع طارئ لمجلس الوزراء.
فقد رد رشيد على سؤال عن كيف يمكن لهذه القمم أن تحد من ثورات الجياع والعاطلين كما حدث فى تونس الشقيقة وكيف يمكن لقراراتها أن ترتبط بتحسين أوضاع المواطنين العرب؟! وهل ما حدث فى تونس سيؤثر على مصر؟ وكلها كما ترى أسئلة ملغمة لكن رشيد أجاب عليها كلها بهدوء متخليا عن دبلوماسية المعهودة مؤكدا أن الهدف الأساسى من القمة الاقتصادية هو تحقيق التكامل الاقتصادى العربى وزيادة معدلات النمو فى المنطقة وزيادة الاستثمارات وخلق فرص عمل جديدة ورفع مستوى معيشة الأفراد، فالاحتياجات التى عبر عنها المواطن فى تونس هى نفسها التى تشكل محور اهتمام القادة العرب فى القمة.
فكل دولة لا يمكنها بمفردها أن تحقق منظومة اقتصادية ناجحة دون التعاون مع الدول الأخرى.
وقال رشيد أن أحداث تونس تدفع العرب إلى تعاون اقتصادى أكبر لأن هذه الأحداث تؤكد أن التنمية هى سبب الأزمة ولذلك فجزء أساسى من الحل هو التعاون على المستوى الإقليمى لتحقيق معدلات أعلى من التنمية وحل كل المشاكل سواء أكانت البطالة أم ارتفاع الأسعار أم الأمن الغذائى.
وأكد رشيد كذلك على أن ما حدث فى تونس لن يؤثر على مصر، لأن فى مصر منظومة متكاملة لدعم المواطن البسيط تم إرساؤها أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 مشيرا إلى أن هناك 63 مليون بطاقة تموينية مدعمة بالكامل أى أن أكثر من ثلثى سكان مصر معزولون عن الارتفاع العالمى للأسعار.
وبقيت ملاحظات
وبعد أن استعرضنا بعض ما دار فى كواليس القمة الاقتصادية بشرم الشيخ بقيت لنا بعض الملاحظات على رؤى رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدنى لتفعيل قرارات القمة وتنفيذ المشروعات المشتركة التى يتم الاتفاق عليها.
فمن الواضح أن مفردات خطاب رجال الأعمال واتحاد الغرف ومنظمات المجتمع المدنى لم تختلف كثيرا عن مفردات خطاباتهم السابقة خلال السنوات الماضية. فهى تتبنى نفس المطالب المحفوظة عن ظهر قلب كتعديل التشريعات وتهيئة مناخ الاستثمار والمشاركة فى وضع القوانين ومعظمها دون أية مجاملة لبعض الحكومات العربية خاصة الحكومة المصرية، تحقق بالفعل على أرض الواقع لكن مازال رجال الأعمال والمنظمات يطالبون بالمزيد. والمزيد دون أن يقدموا آليات محددة لتنفيذ ذلك.
وفى تقديرى أن رجال الأعمال والمنظمات يجب أن يكونوا عند حسن ظن الشعوب والحكومة بهم. وعليهم أن يبادروا بتوجيه جزء من أموالهم للاستثمار فى المشروعات التى توفر المزيد من فرص العمل، وتخدم المجتمعات وتسهم فى زيادة معدلات التنمية، لأن هذا هو السبيل الوحيد لاستقرار المجتمعات العربية والذى يعد إحدى القضايا المهمة للمستثمرين لتعظيم العائد من الاستثمارات القائمة أو لجذب استثمارات جديدة.
نعم يجب على الحكومات أن تهيئ بيئة العمل والاستثمار لكن يجب على المستثمرين ورجال الأعمال والمنظمات أن يبادروا بالعمل دون تردد أو انتظار لتنازلات من الحكومات إنطلاقا من مسئولياتهم تجاه مجتمعاتهم وأيضا تحقيقا لأهدافهم فى استثمارات آمنة ومستقرة بعائد مضمون.
باختصار.. يجب ألا ينجرف الجميع إلى متاهة من الذى يبدأ أولا.. الحكومات أم رجال الأعمال والمنظمات لأن مثل هذا السؤال لن نصل إلى إجابة محددة له، لأنه بصراحة لا يختلف كثيرا عن السؤال الأزلى الذى حير الدنيا منذ القدم دون أن يجدوا إجابة له وهو من الذى جاء أولا..الفرخة.. أم البيضة..؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.