تزينت مدينة شرم الشيخ.. وتجملت.. إرتدت أبهي حللها.. لتستقبل القادة العرب .. الذين سيفدون تباعا للمشاركة في أعمال القمة الإقتصادية الثانية.. اللون الأبيض يكسو واجهات المساكن والفنادق والمحلات والمنتجعات.. فيما شوارعها الراقية تشهد موجة من الصيانة والنظافة.. لتتكحل المدينة الذهبية بثوب اوربي.. يحمل بصمات مغايرة لماتعيشه مناطق مصر المختلفة. "إحنا مش في مصر.. دي قطعة من أوربا".. هكذا هتف أحد مرافقينا حين إجتزنا مدخل المدينة الهادئة.. إلي قلبها.. حيث تلامست الأجواء الراقية لملامح الحياة.. مع زرقة مياه البحر.. لتتشابك مع الطبيعة الساحرة.. والتي ترسم صورة سيريالية جميلة فوق ضفاف البحر. وكم كان مثيرا أن يختار القادة العرب شرم الشيخ لعقد قمتهم.. قمة يفترض أن تكرس مناقشاتها للبحث في مواجهة الفقر والبطالة وأمراض المجتمع العربي التي تطفو بقوة علي السطح.. وتضرب بعنفوانها واقع الحياة السياسية والإجتماعية التي تعاني العديد من المشكلات المتفجرة.. والأوضاع المتازمة.. والتي لم يكن ماجري في تونس سوي أحد إفرازاتها العنيفة. شرم الشيخ التي إختاروها لقمتهم.. لاتمت للفقر والبطالة بصلة.. بل إن ملامح الحياة فيها تكشف عن هوة عميقة بين حالة الثراء الفاحش في جنبات المدينة السياحية وبين أقاليم مصر المختلفة التي تعاني من وطأة الظروف المعيشية بالغة الصعوبة.. وهو مايثير التساؤل حول جدوي انعقاد القمة الإقتصادية في مدينة ينظر إليها الناس أنها لاتشاركهم آلامهم ومتاعبهم. ترفع القمة الإقتصادية شعارات البسطاء في العالم العربي.. وتجنح نحو آمال عريضة لتفعيل العمل العربي المشترك علي صعيد إزالة المعوقات التجارية والجمركية بين البلدان العربية.. لكن الشارع العربي بات ينظر بغير اكتراث لقمم لاتجيد اختيار لغة مناسبة للتخاطب مع الشارع العربي.. والذي بات أكثر رفضا لماتذهب إليه أكثر من أي وقت مضي.. ولعل الحكام العرب في إجتماعهم المقبل بشرم الشيخ يدركون هذه الحقيقة.. فدرس تونس لايزال ماثلا لكل ذي عينين.