واصلت اسواق العملات احاديثها عن اوجه النقاش الدائر بشأن العملة الخليجية الموحدة واتجهت نحو فحص التصريحات الصادرة عن المسئولين الماليين الخليجيين بالتحليل والبحث العميقين في محاولة منها لاستشفاف ما سيئول اليه الوضع في المستقبل وتحديد اوجه المخاطر التي تحف اطلاق العملة الخليجية الموحدة ورسم سيناريوهات لردود افعال اعضاء مجلس التعاون الخليجي. وفي قلب هذه الاحاديث نبهت تحليلات الي ان قيام دول اخري باقتفاء اثر سلطنة عمان باعلانها الانسحاب من الوحدة النقدية من شأنه ان يضع العملة الخليجية الموحدة في خانة الازمة لاسيما اذا كانت هذه الدول من العيار الثقيل وفي التوقيت ذاته حذر محللون من اي تمديد للجدول الزمني لاطلاق هذه العملة المحدد في عام 2010 من شأنه ان يضع ضغوطا علي العملات الخليجية الي جانب الضغوط الناشئة عن تراجع سعر صرف العملة الامريكية في مواجهة العملات الرئيسية وعلي الرغم من اعلان سلطنة عمان ان سبب انسحابها من الوحدة النقدية يعود الي عدم قدرتها علي الوفاء بماعيير التقارب الاقتصادي الا ان هناك محللين يرون بأن سلطنة عمان في الواقع احرزت نجاحا في تطبيق معايير التقارب الاقتصادي بشكل افضل من بعض دول مجلس التعاون الخليجي. ووفقا لدراسة اعدها بنك دويتشه تفوق اداء سلطنة عمان في تطبيق معايير التقارب الاقتصادي علي اداء كل من قطر والامارات اللتين تجاوزتا المعايير الموضوعة للتضخم بحكم تسارع وتيرة ارتفاع الايجارات اكثر من ذلك وحسبما ورد في التقرير ان هذه المعايير ليست شروطا للدخول في الوحدة النقدية كما هو الحال بالنسبة لمعاهدة ماستريخت التي اسست منطقة اليورو وانما هي مجرد خطوط سياسية ارشادية وهو ما اغري البعض علي التكهن بأن الانسحاب العماني هو تعبير عن موقف سياسي اكثر من كونه تعبيرا عن وجود قيود اقتصادية وعلي هذه الارضية طرح بعض المحللين الاشكالية النظرية التي تواجه التكتلات الاقتصادية والخاصة بطبيعة العلاقات بين الدول الصغري والكبري في التكتل الواحد حيث لمح بعض المحللين الي انه ربما لا تريد سلطنة عمان التخلي عن سيطرتها الكاملة علي شئونها المالية والنقدية لصالح مؤسسات نقدية اقليمية اذ ان الاقتصاد العماني ما زال يتسم بالصغر. كما تتراجع انتاجيتها من النفط وذلك علي خلاف الاقتصادات الخليجية الاخري التي تشهد طفرة اقتصادية ناتجة عن ارتفاع اسعار النفط كما ان بعض الاقتصادات نجحت في تطوير قطاع معين علي نحو يعزز من موقفها كالبحرين التي تمكنت من تطوير قاعدة قوية من المؤسسات المالية ويذكر في هذا السياق ان سلطان بن ناصر السويدي محافظ المصرف المركزي قد توقع في اكتوبر الماضي ان ينخفض مستوي التضخم في الدولة الي ما يتراوح بين 4و5% مطلع عام 2007 مقابل ما يتراوح بين 6و7% وفق تقديرات العام الحالي مشيرا الي ان هذه التوقعات تستند الي احتمالات اتجاه الايجارات بالدولة الي الانخفاض، بالاضافة للعوامل الاقتصادية الايجابية الاخري واشار الي ان احتياطيات المصرف المركزي من العملات الاجنبية ارتفعت بنسبة 20% في نهاية عام 2005 الي العملة الخليجية الموحدة لدول مجلس التعاون المخطط تنفيذها عام 2010. ونقلت وسائل الاعلام عن احمد احمد بن عبدالنبي مكي وزير الاقتصاد الوطني والمشرف علي وزارة المالية نائب رئيس مجلس الشئون المالية وموارد الطاقة قوله بأن قرار السلطنة نهائي ويرجع لاسباب عدة منها مجموعة الاشتراطات والآليات التي يصعب الوفاء بها للدخول في هذه العملة مضيفا ان دخول العملة الخليجية يتطلب معايير اقتصادية ومالية عديدة. وهذه المعايير تحد من حرية اتخاذ القرار الاقتصادي وان الاتحاد النقدي سابق لاوانه في الظروف الراهنة بسبب المعايير الاقتصادية التي يتطلبها هذا الاتحاد ومنها التضخم والعجز والاقتراض وغيرها من الشروط الاقتصادية.. ونحن مازلنا دولة نسير في عملية البناء والتنمية ونحتاج لاستثمارات فاعلة وهذه الامور وغيرها من معايير الدخول في العملة الخليجية تمنعنا من العمل في هذا الاطار. وسبق هذا الاعلان الرسمي اصدار سلطنة عمان تلميحات بشأن موقفها من الوحدة النقدية الخليجية اذ صرح حمود بن سنجور الزدجالي الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني في نوفمبر الماضي بأن البنك ارسل خطابا الي امانة مجلس التعاون الخليجي ما يفيد بان الوحدة النقدية في المنطقة قد يتعذر تحققها بحلول عام ،2010 مضيفا ان بعض محافظي البنوك المركزية الاخري في دول المجلس الست يشاركون ايضا سلطنة عمان القلق ازاء الجدول الزمني للوحدة النقدية.