أخيرا حدث ما كنا نخشاه وتوطن فيروس إنفلونزا الطيور في المحروسة لعدة سنوات قادمة كما تحور الي سلالة جديدة هي (S294) الاكثر شراسة لمقاومة عقار التاميفلو المستخدم حاليا لعلاج المرضي، وتسببت هذه السلالة الاخيرة في مقتل سيدتين في مصر الشهر الماضي وبسبب هذه التداعيات اصبحت مصر في المركز الخامس ضمن اكثر الدول التي تتمركز فيها بؤرة الفيروس نظرا لانتشار المرض بها مما يعني ان الامر اصبح في منتهي الخطورة التي تتطلب بذل جهود مضاعفة من الحكومة لحصار الفيروس وخفض معدلات الاصابة به والحيلولة دون تحوره وتأمين العقاقير البديلة مثل أدامين. ورغم الجهود التي قامت بها الحكومة عند اكتشاف الفيروس لاول مرة والتي استطاعت من خلالها السيطرة علي الموقف - رغم بعض السلبيات التي شابت التنفيذ - فإنه حدث تراخٍ في المتابعة ومواجهة المرض وشاب عملها الكثير من التقصير مؤخرا مما ادي الي تفاقم الموقف مع بدء موسم الشتاء بالاضافة الي ارتفاع نسبة الوفيات من المصابين الي 100% بعد ان كانت 50% فقط اوائل العام الماضي. ونعتقد ان أية جهود لمكافحة المرض لا تتضمن الوصول الي كل بيت لتحصين الطيور المنزلية او لتطعيم الاسر المخالطة لها وخاصة في القري والنجوع سوف تفشل وتكون من قبيل اهدار الوقت والجهد والمال لانها الاساس في مكافحة الفيروس والمرض ولذلك يجب ان يكون لها الاولوية في العمل خلال الفترة المقبلة والا ننتظر الاسوأ، وهنا يأتي دور اللجنة العليا لمكافحة المرض في وضع خطة عاجلة بجدول زمني تنفذ في جميع المحافظات لوصول فرق مكافحة من وزارتي الصحة والزراعة لتطعيم المواطنين وتحصين الطيور وتطهير المزارع الصغيرة حماية لمواطنينا وكذلك تعويضهم عن خسائرهم المادية وتوفير كل الامكانيات لهذه الفرق وتزويدها بالكمامات والقفازات الطبية لحماية اعضائها ولا نتذرع بصعوبة الوصول الي كل المنازل في القري والنجوع، والا كيف يصل محصلو الكهرباء الي المنازل وكيف نزلت فرق التطعيم ضد شلل الاطفال الي كل كوخ في مصر وليس الي كل بيت مما كان له اكبر الاثر في نجاحها الباهر، ولماذا تم تأمين المزارع التجارية ضد الفيروس منذ يونية الماضي بينما نتفرج علي المواطنين في البيوت يهاجمهم الفيروس ويقضي عليهم دون رحمة، والغريب ان اللجنة لم تدع لاجتماع عاجل لمناقشة الموقف بعد التطورات الاخيرة مما لا يبشر بالخير في معالجة القضية برمتها. علينا ايضا توفير الامصال واللقاحات الخاصة بالمرض وخاصة مع وجود عجز شديد في كمياتها ادي الي الانتهاء من تلقيح نحو 11% فقط من اجمالي نحو 200 مليون طائر وهو رقم ضئيل للغاية يستمر معه الخطر، كما يجب تكثيف البرامج والحملات الاعلانية التي تركز علي توعية المواطنين باهمية الابلاغ عن بؤر الفيروس والاسراع بالذهاب للمستشفيات في حالات الاشتباه بالاصابة البشرية وكيفية التخلص من الطيور النافقة علي الجانب الاخر يجب علي الحكومة اتخاذ الاجراءات اللازمة لتأمين وصول الطيور المذبوحة المحلية والمستوردة باسعار مناسبة للمستهلكين حتي لا يكونوا ضحية لبعض المستغلين من التجار والمستوردين وذلك لتأمين احتياجاتهم من البروتين الحيواني في ظل ارتفاع اسعار اللحوم الحمراء والاسماك والالبان والبيض وألا تتوسع في السماح بالاستيراد لارتفاع اسعاره مقارنة بالمحلي ولانه يصب في المقام الاول في صالح المستوردين. وإذا كانت الدراسات الدولية التي اجريت سواء في منظمة الصحة العالمية او بعض الدول اكدت انه لا يمكن توقع تحور الفيروس وانتقاله من انسان الي انسان فالمطلوب منا ألا نركن الي الهدوء و"الرحرحة" بل ان نواصل العمل المضني والجهود الحقيقية لمواجهة هذا الخطر المحدق بنا والذي لا نتعامل معه حتي الان بالجدية والاهتمام المطلوبين خاصة ان المنظمة وضعت مصر في الوضع الثالث الذي يعني وجود حالات وفاة بنسب معينة. كل هذا يتطلب من اللجنة المعنية تكثيف جهودها واهتمامها بحيث يشعر المواطنون بالاطمئنان للاجراءات التي تتخذ في مكافحة الفيروس والتي تؤدي الي تراجع نسب الاصابة البشرية وانخفاض البؤر المصابة بالفيروس في المزارع مع اعطاء اهمية قصوي للمتابعة والاستمرارية لانه اذا تهاوننا اكثر في مواجهة هذه الازمة فليس علينا الا انتظار الوباء الذي لا يعلم تداعياته الا الله.