تحليل إخباري تكتبه لميس الحديدي بعد عام كامل من إعلان مصر علي لسان وزير تجارتها رشيد محمد رشيد توقف السعي لمفاوضات تجارة حرة مع الولاياتالمتحدة، تبدو هذه الاتفاقية أكثر صعوبة بل واستحالة علي الرغم من التصريحات الوردية التي يطلقها مسئولو البلدين عن التعاون "الاستراتيجي" فيما بينهما. ولم تكشف زيارة نائب وزير التجارة الأمريكي ديفيد ساسون سوي مزيد من التباعد بين البلدين حول هذا الاتفاق الذي طالما سعت مصر إليه لدفع صادراتها للولايات المتحدة وتحسين ميزانها التجاري.. إلا أن الضغوط السياسية الأمريكية من ناحية وتغير توازن الكونجرس الأمريكي إلي الجانب الديمقراطي من ناحية أخري أسهمت جميعاً في دفع هذه الاتفاقية بعيدا عن صدارة علاقات البلدين. سامسون الذي التقي خلال زيارته بأربعة وزراء مصريين ورئس مجلس الاعمال المصري الأمريكي وشارك في اعمال اجتماع غرف التجارة الأمريكية الاقليمي قال في تصريحات صحفية اننا "مازلنا نتمسك بالأمل في هذه الاتفاقية".. إلا أنه أردف ان سلطة رئيس الجمهورية في التفاوض حول الاتفاقات "fast track" تنتهي في يونية من هذا العام.. وقبل ذلك كان لابد من المضي قدما في عدد من الاتفاقات التي بدأناها بالفعل وقطعنا فيها شوطا طويلا. ولم يفسر سامسون كيف تنوي الولاياتالمتحدة تحقيق ما اعلنه بوش من منطقة تجارة حرة بالشرق الاوسط خلال سبع سنوات.. إلا أنه قال ان مصر لابد أن تكون جزءا من هذه المنطقة.. إذا ما كان لتلك الرؤية ان تتحقق. وتبدو الجملة الاخيرة وكأنها تلميح واضح لأن رؤي الرئيس بوش ربما قد لا تتابعها إدارات أخري بعد خروجه من البيت الابيض بعد عامين ونصف العام. من الجدير بالذكر أن الولاياتالمتحدة قد وقعت اتفاقات تجارة حرة مع إسرائيل والأردن والمغرب وجاري التفاوض مع البحرين وسلطنة عمان والامارات وهي دول تصفها الادارة الأمريكية جميعا أنها رائدة في مجالات الاصلاح الاقتصادي والسياسي معا. وفيما كانت مصر قد اعلنت منذ عام توقفها عن السعي لبدء تلك المفاوضات.. وارجعت ذلك إلي اصرار الادارة الأمريكية علي ربطها بشروط سياسية ترفضها مصر.. فقد اكد نفس المعني وزير التجارة والصناعة المصري رشيد محمد رشيد في موتمره الصحفي مع سامسون منذ أيام حين قال ان اتفاق التجارة الحرة مع امريكا ليس هبة وان هناك سبلا اخري لتعزيز التعاون التجاري بين البلدين. إلا أن هذا التعاون التجاري علي الرغم من اتفاق الكويز الذي رفع من الصاردات المصرية إلي الولاياتالمتحدة بنسبة 30% لا يبدو أنه يتصدر الاجندة التجارية المصرية الان، حيث يبدو ان الاهتمام بالاتجاه شرقا كبديل اقتصادي وربما سياسي يزداد تركيزا خاصة بعد زيارة الرئيس مبارك الاخيرة للصين وإعلان رشيد ان الصين ستكون الشريك التجاري الاول لمصر خلال عامين والكشف عن منطقة صناعة صينية تقام في مصر. وقد رفض سامسون التعليق علي وجود ضغوط سياسية امريكية علي الجانب المصري وقال في رد علي "العالم اليوم" "ان المسئولين المصريين يمكنهم أن يعبروا عن انفسهم".. غير أن هذه الضغوط لا تبدو هي العنصر الأساسي الان في وقت لم تعد فيه الادارة الأمريكية تولي قضية الديمقراطية نفس الاهتمام السابق حيث تحتاج لدعم مصري سعودي أردني في المواجهة مع ايران.. ولذا فلم تكن قضية الاصلاح السياسي او الديمقراطية علي اجندة رايس في زيارتها الاخيرة لمصر أو يتوقع ان تكون علي اجندتها في الزيارة المقبلة خلال أسابيع. الضغوط السياسية تم استبدالها بتغيير المشهد االسياسي الأمريكي وسيطرة الديمقراطيين علي الكونجرس.. وارتباك الادارة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط بها. وفي جميع الأحوال واي كانت المسببات فان اتفاق التجارة الحرة المصري الأمريكي يبدو الآن في أضعف حالاته ربما يريح كثيرين ممن ناهضوه.