تحليل إخباري واشنطن هبة القدسي: فيما بدأت رحلة المهندس رشيد محمد رشيد إلي العاصمة الأمريكيةواشنطن مساء الاثنين الماضي ليواجه طقسا ممطرا وغيوما تملأ سماء العاصمة الأمريكية، ما لبثت أن انقشعت الغيوم وساد جو صحو مع بداية سلسلة لقاءاته مع المسئولين الأمريكيين سواء اللقاءات الرسمية أو غير الرسمية يومي الثلاثاء والأربعاء. ورغم أن الزيارة لم تستغرق سوي يومين إلا أن تقييم الزيارة يشير إلي نجاحات علي عدة مستويات سواء في الاتفاقات التي عقدها الوزير في كل من مركز التنافسية الأمريكي ومكتب الممثل التجاري الأمريكي، أو في اللقاءات غير الرسمية التي عقدها مع روبرت زوليك رئيس البنك الدولي الذي وصفها مكتب زوليك بأنها "زيارة بين اثنين من الأصدقاء وليست مدرجة علي جدول الزيارات الرسمية". ويبدو أن الظروف تخدم مهمة وزير الصناعة والتجارة المصري، فقد كانت مصر حاضرة بقوة في التحليلات السياسية التي صاحبت التعليق علي زيارة أوباما المرتقبة إلي مصر، كما ترافقت زيارة رشيد مع زيارة أحمد أبو الغيط وزير الخارجية والوزير عمر سليمان مدير المخابرات، حيث أجريا سلسلة لقاءات سياسية مع وزيرة الخارجية الأمريكية وعدد من المسئولين السياسيين وترافق مع ذلك أيضا وجود وفد كبير من الناشطين من الشباب المصري في زيارة ضمن برنامج فريدم هاوس إلي الولاياتالمتحدة وعقد لقاء موسع مع وزيرة الخارجية الأمريكية حول مستقبل مصر السياسي، فأصبحت الصورة وكأن الدوائر السياسية والاقتصادية الأمريكية لا تعمل إلا علي الملف المصري والعلاقات الثنائية مع مصر. لغة الخطاب التي عبر عنها رشيد في حواراته مع الجانب الأمريكي اتسمت أيضا بالقوة، فالمصطلحات تتحدث عن شراكة وتعاون وليست معونة، وأوضح وزير الصناعة والتجارة في عبارات المجاملة التي بدأ بها مراسم التوقيع واختتمها أن الولاياتالمتحدة ستستفيد الكثير من هذه الاتفاقات كما ستستفيد مصر، فالعلاقات رغم وزن كل دولة هي علاقات مصالح، أيضا كلمات الجانب الأمريكي كانت تشيد بالدور المصري في علاقات التجارة والاستثمار.. لكن.. ماذا سنستفيد؟ هذا هو السؤال المهم، فقد صرح رشيد في لقاء مع الصحفيين بواشنطن في ختام زيارته أن الإدارة الأمريكية لديها الرغبة في فتح صفحة جديدة من التعاون الاقتصادي، وأن الجانب المصري يسعي أيضا إلي رفع مستوي التعاون الاقتصادي، موضحا أن نسبة التجارة بين الجانبين ارتفعت من 10% إلي 15% وهناك فرص كبيرة لوضع آليات تسرع من حجم التجارة ووصف رد الفعل الأمريكي بأنه "إيجابي". وأشار إلي توقيع ثلاث اتفاقيات: الأولي وقعها مع ديبورا سميث وتهدف إلي تبادل المعلومات والخبرات والمبادرات لرفع الإنتاجية والتنافسية للمنتج المصري وتشجيع الشركات الأمريكية علي الاستثمار في مصر، والثانية مع الممثل التجاري الأمريكي السفير رونالد كيرك لتكثيف التعاون في مجال التجارة والاستثمار وتوسيع اتفاقية الكويز لتضم كلا من بني سويف والمنيا، والثالثة: الاتفاق علي تشكيل مجلس أعمال مصري أمريكي جديد بعد انتهاء الفترة المحددة للمجلس السابق ليتولي التنسيق والمتابعة لتنفيذ أهداف تعميق العلاقات الثنائية التجارية والاقتصادية.. وقال رشيد: إن الإعلان عن أعضاء المجلس سيستغرق قرابة الشهر. الجانب المهم في كلتا الاتفاقيتين للشراكة "الاستراتيجية" مع مصر، كان وضع إطار زمني "90 يوما" لبيان أهمية وفوائد هذا الاتفاق وهذه الشراكة الاستراتيجية، وعلي المهندس رشيد محمد رشيد أن يقوم بزيارة أخري إلي واشنطن في سبتمبر القادم ليوضح الفوائد التي ستنجم عن خطة عمل هذه الشراكة الاستراتيجية بالنسبة لمصر وسيقدم الجانب الأمريكي أيضا تقريرا مشابها عن الفوائد التي ستنجم من هذه الشراكة "الاستراتيجية" بالنسبة للولايات المتحدة.. وأوضح رشيد أن هذه الاتفاقات ستنشط العلاقات التجارية دون الانتظار لتوقيع اتفاقية تجارة حرة معتبرا انها وسيلة وليست غاية واستشهد باتفاقيات التجارة التي وقعتها الولاياتالمتحدة مع الدول العربية الخمس حيث يظل حجم التجارة بينهم مجتمعين وبين الولاياتالمتحدة أقل من حجم تجارة مصر مع أمريكا والذي يصل إلي 5.8 مليار دولار. وستستفيد كلا من بني سويف والمنيا من دخولها تحت مظلة اتفاقية الكويز بينما ألمح رشيد أنه قدم طلبا مصريا لإضافة كل المدن الصناعية الأخري حتي أسوان لتدخل تحت نفس المظلة. نص الاتفاقات أيضا حمل الكثير من التفاؤل بمستقبل التعاون الاقتصادي والتجاري. وقد أوضح الوزير رشيد كما أشارت ديبورا سميث أيضا في تصريحات ل "الأسبوعي" أن هذه الاتفاقية ستساعد في تحسين وضع مصر في اللائحة السوداء التي تضم الدول التي لا تحقق مستوي مرتفعاً من الحماية الفكرية، حيث قال رشيد: إن عددا كبيرا من الدول الآسيوية والأوروبية في هذه اللائحة لكن وضع مصر تحسن كثيرا نتيجة لإصدارها لعدد من القوانين التي تحمي الملكية الفكرية وأن الوضع الحالي يتعلق بصناعة الدواء لكن تعمل مصر علي تحسين المناخ باستمرار وقطعت شوطا كبيرا في مجال حقوق الملكية الفكرية. أما الاتفاقية الاستراتيجية الأخري مع الممثل التجاري الأمريكي، فنصت علي أنه سيتم تحديد الأولويات في مجال التعاون وهو تسهيل التجارة وتجارة الخدمات والحمائية وتقوية حقوق الملكية الفكرية والقضايا المتعلقة بالتجارة في المجال الزراعي وقضايا البيئة والعمال والاستثمار إضافة إلي تشجيع مزيد من العلاقات والتفاعل بين القطاع الخاص في كلا البلدين. ويتضح الهدف الذي أعلنه رشيد من الزيارة وهو زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال السنوات الأربع القادمة وقد أشارت إحصاءات مكتب التمثيل التجاري بواشنطن إلي تحقيق قفزات جيدة في حجم الصادرات المصرية إلي الولاياتالمتحدة حيث تضاعف حجم الصادرات المصرية من 9 مليارات دولار عام 2004 إلي 30 مليار دولار عام ،2008 ورغم وجود عجز في الميزان التجاري لصالح الولاياتالمتحدة إلا أنه بالنظر إلي نوعية الواردات الأمريكية سنجد انها سلع استثمارية وسلع وسيطة. وتشير المعطيات السابقة إلي نجاح كبير لرحلة وزير التجارة والصناعة إلي الولاياتالمتحدة وإن كان عليه أن يقوم بالواجب ويستعد للامتحان خلال ال 90 يوما، وهي إطار العمل، والمشروطة في الاتفاقات ليقدم رؤية مصر للفوائد التي ستحققها من هذه الاتفاقات "الاستراتيجية".