جون سوليفان * اليكساندر شكولنيكوف** في خضم ما يستجد من قيود أخلاقية تفرض علي الأعمال تجد الشركات نفسها مضطرة الي وضع مواثيق سلوكية صارمة لتوجيه سلوك أعضاء مجالس إداراتها ومديرها وموظفيها بل ونجد الشركات الكبري متعددة الجنسيات -كما سنوضح لاحقا- مطالبة بوضع معايير أخلاقية لكل هؤلاء المتعاملين معها التي في بعض الأحيان تكون أكثر صرامة من قوانين البلاد التي تعمل بها وثمة عوامل عديدة مختلفة يتعين علي الشركات خاصة الشركات المالية وضعها في الاعتبار عند تحديدها للمواثيق الأخلاقية الخاصة بها وذلك كجزء من الارشادات العمومية لحوكمة الشركات. وكما سبق الاشارة فأخلاق العمل انما هي محاولة لتحديد معيار يمكن من خلاله لجميع العاملين بالشركة معرفة المتوقع منهم بل وهي محاولة أيضا لحث الموظفين والمديرين وأعضاء مجالس الإدارات علي التفكير واتخاذ القرارات من خلال منظومة موحدة لبعض القيم المشتركة إذا فما المصادر التي يمكن أن نستقي منها تلك القيم؟ تشكل قوانين ولوائح البلاد التي تعمل فيها هذه الشركات احد تلك المصادر إلا انه من المهم ان ندرك ان الشركات لم تعد مقيدة بالقوانين المحلية فقط بل يجب أن تأخذ في الاعتبار مجموعة الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية مكافحة الرشوة التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إذ تسعي القوانين المحلية في بلدان عديدة الآن أن تتماشي مع تلك المعايير العالمية. وفي مجال حوكمة الشركات هناك ارشادات منظمة التعاون الاقتصاد والتنمية الخاصة بالحوكمة وقد بدأت بلدن عديدة اليوم تطالب بوجود مواثيق للحكومة كشرط اساسي لكي تعمل الشركات بها. ففي روسيا علي سبيل المثال يلزم منظم سوق الأوراق المالية الفيدرالي الشركات الروسية بأن تقر ميثاق لحوكمة الشركات يتماشي مع الميثاق الفيدرالي للحكومة أو -إن لم تفعل ذلك- أن تقدم أسباب عدم قيامها بذلك وتعد بورصة نيويورك مثالا آخر في هذا الصدد وثمة بورصات اخري بدأت النظر في معيارها نفسه. ومن الجوانب الاخري التي تدفع بتنمية مفهوم حوكمة الشركات ومواثيق الأخلاق في العمل فكرة المسئولية الاجتماعية أو مواطنة الشركات وهو التعبير المفضل في مجتمع الأعمال وتنطوي مواطنة الشركات علي بناء نظام لصنع القرارات لا يأخذ في الاعتبار اجراءات التشغيل الداخلية فحسب ولكن أيضا تأثير سلوك الشركات علي ذوي الشأن والموظفين والمستثمرين والمجتمعات. وإحدي نقاط البداية التي يجب اعتبارها عند وضع مبادرات اخلاقيات العمل هي الفرق بين الخطوط البارزة والقيم وهي تفرقة جديدة نسبيا فيقصد بالخطوط البارزة تلك المعايير التي تحاول تحديد قواعد محددة أو متناهية للغاية لا تستطيع الشركات أو الأفراد مخالفتها ويمكن استقاء مصادر أو ارشادات لتلك الخطوط من اتفاقية مكافحة الرشوة علي سبيل المثال الخاصة بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي يمكن ترجمتها الي قوانين محلية وقواعد وطنية عن معيار مكافحة الارهاب. وعلي الشركات ان تأخذ وقتا كافيا لوضع معايير تلك الخطوط البارزة او لمحاولة تعريفها بنفسها ولحسن الحظ فقد قامت المنظمة الدولية للشفافية بالتعاون مع الشركات الكبري بوضع معايير الخطوط البارزة الخاصة بها التي يطلق عليها مبادئ اعمال المنظمة الدولية للشفافية "انظر المربع 3" وهي مبادئ يمكن تطبيقها علي شركات ذات احجام مختلفة وكذلك علي الصناعات والمواقع الجغرافية وبالمثل قامت الغرفة الدولية للتجارة بوضع مجموعة قواعد سلوكية لمحاربة الابتزاز والرشوة "انظر الملحق رقم 2". وبرغم ان القواعد البارزة التي تطرحها غرفة التجارة الدولية وكذلك المنظمة الدولية للشفافية قواعد محددة إلا أنه يتعين علي كل شركة ان تضع ممارستها الخاصة في محاسبة الافراد وذلك لكي تضمن انتهاج موظفيها لتلك القواعد ولقد وضعت المنظمة الدولية للشفافية بالاضافة الي ذلك كتيبا لمساعدة الشركات علي وضع ممارسة داخلية كاملة لاعمال هذه المبادرات كما يقتضي قنون ساربان اوكسلي "القسم 404" -وهو القانون الامريكي الشهير بشأن حوكمة الشركات- معايير وثائقية لمحاسبة الأفراد عن امساكهم للأموال والأصول. وفيما يتعلق بالاشارات العامة للسلوك فثمة مصادر عديدة مختلفة لبرامج اخلاقيات العمل يمكن الاستقاء منها وكان من ابرزها في الماضي تلك التي وصفها ريفراند ليون سوليفان إذ بدأت في شكل حركة لمناهضة التفرقة العنصرية في جنوب افريقيا وتطورت منذ ذلك الوقت الي مجموعة من المبادئ العالمية وقامت الاتفاقية العالمية للأمم المتحدة بتطوير مبادئ سوليفان وزيادتها الي عشرة مبادئ "انظر الملحق 3" وتمثل هذه الاتفاقية جهدا غير مسبوق في دفع مجتمع الاعمال للالتفاف حول مبادئ مشتركة والاسهام في التنمية العالمية من خلال ممارسات العمل والقيادات الحميدة. وتتجاوز المبادئ العشرة في الاتفاقية العالمية للأمم المتحدة "القواعد البارزة" السابق الاشارة اليها لتناول القضية الأعم