تحولت تركيا في السنوات القليلة الماضية من دولة مستهلكة إلي دولة مصنّعة، مع صادرات فاقت ال 85 مليار دولار، مما رتب عليها البحث عن استثمارات جديدة، ومصادر طاقة رخيصة لتلبية نهم مصانعها المتزايد. وبانسداد الأفق الأوروبي مرحليا، نظرت أنقرة جنوبا، مقررة تعزيز شراكتها مع دول الخليج التي تستطيع تلبية حاجاتها من الطاقة والاستثمارات علي حد سواء، فكان الدخول التركي إلي المنطقة عبر بوابة دبي، مع افتتاح مكتب خاص لمجموعة ATA المالية الاستثمارية. وجاء الافتتاح وسط حضور كبير لرجال الأعمال العرب والأتراك، وعلي رأسهم وزير الدولة التركي لشئون الاقتصاد علي باباكان الذي قدم عرضا مسهبا لمسار بلاده الاقتصادي والتنموي. باباكان قدم مقاربة جديدة لدور بلاده بموقعها المتميز قائلاً: نحن نأمل أن نتمكن من تأمين الشراكة الاستثمارية بين تركيا ودول الخليج لجذب الاستثمارات إلي اقتصادنا النامي.. كما نأمل لعب دور الوسيط في عملية نقل البترول والغاز من منطقة الخليج إلي أوروبا، خاصة أن الأخيرة تحاول تخفيف اعتمادها علي بترول روسيا.أما رئيس مجلس إدارة مجموعة ATA التركية قرهان كوردغلو، فقد رفض اعتبار خطوة افتتاح مكتب مجموعته في دبي عملاً ترويجياً بحتاً، معتبراً بالمقابل أن القرار يرتبط بمستقبل تركيا والمنحي الذي سيأخذه. كوردغلو اكد إن دور مجموعته في هذه المرحلة سيتركز علي لعب دور "الوسيط" بين تركيا والصناديق الاستثمارية الخليجية، كاشفاً أن الاستثمارات الخليجية المتوقعة في تركيا خلال الأشهر الأولي من عام 2007 سوف تزيد علي ملياري دولار. وقدم الوزير باباكان، الذي يشغل في الوقت عينه منصب كبير مفاوضي تركيا لشئون الاتحاد الأوروبي، "جردة حساب" لمجمل التطورات التي شهدتها بلاده في السنوات الأخيرة، مشيراً إلي أن حصة تركيا اليوم من التجارة العالمية تصل إلي 1%، وقد تقدمت إلي المركز السبعين بين اقتصادات العالم. باباكان لفت إلي أن الإصلاحات التي قامت بها بلاده علي أعلي المستويات، كونها تمت "وفق المعايير التي يفرضها الاتحاد الأوروبي." وأكد باباكان أن بلاده نجحت في تقليص معدل مديونيتها العامة، نسبة إلي إنتاجها الوطني، حيث تراجع الدين العام من 91 % إلي أقل من 50%، مع تحقيق نسب نمو قياسية، مقارنة مع أوروبا بلغت أكثر من 7%. وكشف الوزير التركي أن حجم الاستثمارات الأجنبية في بلاده فاقت ال 20 مليار دولار، غير أن حصة المشاريع الخليجية منها تبقي محدودة، متمنياً أن يسهم المكتب الجديد في تشجيع هذه الاستثمارات، خاصة أن تركيا وفقاً لباباكان تبقي أكثر استقرارا علي المستويات السياسية والأمنية من دول أمريكا اللاتينية وشرق آسيا. وتطرق باباكان إلي مشروع دخول تركيا الاتحاد الأوروبي، معتبرا أن بعض الدول تخشي دور تركيا الاقتصادي والبشري في تغيير موازين القوي في أوروبا، مشيدا في الوقت عينه بتجربة بلاده علي مستوي الإصلاح السياسي أيضا الذي حولها إلي نموذج يحتذي لدول أفريقيا الشمالية، والشرق الأوسط. وتوجه وزير الدولة التركي إلي الراغبين في الاستثمار في تركيا بالقول: يجب متابعة نمو كل قطاعاتنا.. إن التحولات الإيجابية علي صعيد الحريات الشخصية سمحت بافتتاح أكثر من 300 محطة تلفزيونية، و1100 محطة إذاعية، وهذا أيضا قطاع جدير بالانتباه إليه والاستثمار فيه. وتم الكشف عن مشاريع استثمارية جديدة في تركيا أبرزها خصخصة إدارة خطوط توزيع الكهرباء، ومرفأي أزمير وغلطا، وشركة الاتصالات التركية Turk Teleco.