معدل التضخم وصل في شهر أكتوبر الماضي إلي حوالي 11.8% وقد يكون وصل إلي 12% حاليا وهذا المعدل المرتفع يعني "حرق" المكاسب الاقتصادية.. وتهديد خطط الحكومة في رفع مستوي المعيشة وتشجيع الاستثمارات وتنشيط البورصة. لأن "غول" التضخم أصبح خطرا يهدد أمن المواطن في الحصول علي احتياجاته من السلع الأساسية بسعر مقبول لأن زيادة التضخم تعني زيادة الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه المصري مما يؤثر علي المدخرات والودائع مما جعل القائمين علي السياسة النقدية بين "شقي الرحي" أي ما بين مؤيد ومعارض لرفع سعر الفائدة كي يتحول إلي المدخرين الصغار للبنوك عند رفعها ولكن سيكون ذلك علي حساب الاستثمار خاصة عند زيادة سعر الإقراض وهذا سر تخوف المعارضين. كما ان ارتفاع معدل التضخم له العديد من المؤشرات السلبية علي كفاءة الاقتصاد ككل. "الأسبوعي" استطلعت رأي الخبراء حول الأسباب التي أدت إلي ارتفاع معدل التضخم وأيضا ما السبل الكفيلة بمقاومة "غول" التضخم. من جانبه يري الدكتور فرج عبد الفتاح رئيس قسم السياسة والاقتصاد بمعهد البحوث الإفريقية بجامعة القاهرة انه من أجل علاج مشكلة التضخم، يجب النظر أولا لأسبابه وهل هي أسباب ترجع للأفراد في الطلب الكلي أي زيادة عرض النقود لدي الأفراد أم لأسباب ترتبط بجانب العرض وتضخم تكاليف الإنتاج وضعف الإنتاجية؟. ويؤكد عبد الفتاح ان التضخم الذي وصلنا إليه الآن يرجع جزء كبير منه إلي تضخم العرض فضلا عن انخفاض الوزن النسبي للقطاع الإنتاجي "الزراعي والصناعي" بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي وعليه يجب التركيز علي زيادة وتحسين إنتاجية القطاع الزراعي والصناعي والاهتمام بزيادة التصدير للسلع ذات القيمة المضافة "صادرات صناعية أو صادرات لمنتجات ذات تكنولوجيا عالية" وذلك لتعزيز قيمة الجنيه وقيمته أمام العملات الأجنبية والحد من الضغوط التضخمية. ويؤكد فرج عبد الفتاح أن الملاحظ لأرقام الصادرات لدينا نجد أن قرابة ال 50% منها للبترول الخام في الوقت الذي نستورد فيه مشتقات بترول. وهذا بالطبع يؤدي إلي مزيد من الضغوط علي الميزان التجاري ويقلل الفرصة في الحصول علي عملات أجنبية إذا ما تم معالجة موضوع المشتقات. ويشدد عبد الفتاح علي أهمية وضع خطة زمنية وبرامج محددة لاحتواء الآثار التضخمية علي المواطنين علي ان تشتمل البرامج علي إجراءات خلال المدي القصير والبعيد ومنها علي سبيل المثال إنشاء صندوق لتوجيه دعم نقدي للقطاعات المنتجة للسلع الغذائية تقل آثار التضخم من علي كاهل شريحة عريضة من المستهلكين خلال المدي القصير. ارتفاع الأسعار أما الدكتور أسامة عبد الخالق عضو هيئة التدريس بتجارة عين شمس فيرجع أسباب التضخم لعدة عوامل أهمها انفتاح مصر استيراديا خلال الفترة الأخيرة لدرجة بلغت استيراد معظم احتياجات المصريين من الخارج فمع ارتفاع الأسعار عالميا أدي إلي ارتفاع تكلفة الانتاج ومن ثم ارتفاع اسعار البيع للمستهلكين كذلك اتجاه الحكومة مؤخراً لرفع تكلفة الوقود "بنزين وسولار ومستلزمات التشغيل" مما أدي إلي رفع اسعار العديد من السلع بالإضافة إلي الاحتكارات التي تحكم مواد البناء كالحديد والأسمنت مع غياب قدرة الأجهزة الرقابية في الدولة علي فرض هيبتها علي الأسواق ومنع التجار من رفع الاسعار دون مبرر. ويوضح عبد الخالق العوامل التي يتحدد في ضوئها معدل التضخم والتي تتوقف علي مدي تأثر الأسعار الداخلية للخامات ومستلزمات الإنتاج بالأسعار العالمية.. أي مدي حجم استيراد هذه الخامات والمستلزمات من الخارج مؤكداً انه كلما زاد الاعتماد علي الاستيراد من الخارج خرج القرار من يد الحكومة وأصبح انفلات الأسعار شيئاً لا يمكن تحجيمه.